ب مم وبيسي

مم /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني /التجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة /صفائي /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي /الهندسة بأفرعها /لغة انجليزية2ث.ت1. /مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق /عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ /فيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق /فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات / /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني ثانوي.ت1. /ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث  ///بيسو /مدونات أمي رضي الله عنكي /نهاية العالم /مدونة تحريز نصوص الشريعة الإسلامية ومنع اللعب باالتأويل والمجاز فيها /ابن حزم الأندلسي /تعليمية /أشراط الساعة /أولا/ الفقه الخالص /التعقيبات /المدونة الطبية /خلاصة الفقه /معايير الآخرة ويوم الحساب /بر الوالين /السوالب وتداعياتها

الأحد، 27 ديسمبر 2020

المجلد الثاني لابن حزم الجنائز

المحلى لابن حزم - المجلد الثاني/كتاب الجنائز
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المجلد الثاني ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز
المؤلف: ابن حزم كتاب الجنائز (مسألة 558 - 572)
كتاب الجنائز
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/كتاب الجنائز
كتاب الجنائز (مسألة 558 - 572)
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الأولى
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتاب الجنائز ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز (مسألة 558 - 572)
المؤلف: ابن حزم كتاب الجنائز (مسألة 573 - 577)
كتاب الجنائز 
 فهارس كتاب الجنائز
صلاة الجنائز وحكم الموتى
558 - مسألة: غسل المسلم الذكر والأنثى وتكفينهما فرض
559 - مسألة: من دفن ولم يغسل ولا كفن أخرج حتى يغسل ويكفن
560 - مسألة: لا يجوز أن يدفن أحد ليلا ولا في الأوقات التي تكره فيها الصلاة إلا عن ضرورة
561 - مسألة: الصلاة على موتى المسلمين فرض
562 - مسألة: من قتله المشركون في المعركة يدفن بدمه وثيابه
563 - مسألة: يجوز دفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد
564 - مسألة: دفن الكافر والحربي وغيره فرض
565 - مسألة: أفضل الكفن للمسلم ثلاثة أثواب بيض للرجل، وللمرأة كذلك وثوبان زائدان
566 - مسألة: حكم من مات وعليه دين يستغرق كل ما ترك
567 - مسألة: وكل ما ذكرنا أنه فرض على الكفاية
568 - مسألة: صفة غسل الميت وكيفيته
569 - مسألة: فإن عدم الماء يمم الميت
570 - مسألة: ولا يحل تكفين الرجل فيما لا يحل لباسه
571 - مسألة: وكفن المرأة وحفر قبرها من رأس مالها
572 - مسألة: ويصلى على الميت بإمام يقف ويستقبل القبلة والناس ورائه صفوف
573 - مسألة: ويكبر المأمومون بتكبير الإمام خمس تكبيرات
574 - مسألة: صفة الصلاة على الميت
575 - مسألة: ما ورد من الدعاء المأثور للميت
576 - مسألة: استحباب اللحد
577 - مسألة: لا يحل أن يبنى القبر ولا أن يجصص
578 - مسألة: لا يحل لأحد أن يجلس على القبر
579 - مسألة: حكم المشي بين القبور في النعال
580 - مسألة: ويصلى على ما وجد من الميت المسلم
581 - مسألة: والصلاة جائزة على القبر وإن كان قد صلي على المدفون فيه
582 - مسألة: حكم الذمية المتزوجة بمسلم إذا ماتت
583 - مسألة: حكم الصغير يسبى مع أبويه
584 - مسألة: وأحق الناس بالصلاة على الميت والميتة: الأولياء
585 - مسألة: وأحق الناس بإنزال المرأة في قبرها من لم يطأ تلك الليلة
586- بقية من المسألة: التي قبل هذه
587 - مسألة : تقبيل الميت جائز
588 - مسألة: ويسجى الميت بثوب ويجعل على بطنه ما يمنع انتفاخه
589 - مسألة: والصبر واجب, والبكاء مباح, ما لم يكن نوح
590 - مسألة: وإذا مات المحرم ما بين أن يحرم إلى أن تطلع الشمس من يوم النحر إن كان حاجا
591 - مسألة: ويستحب القيام للجنازة إذا رآها المرأ
592 - مسألة : ويجب الإسراع بالجنازة
593 - مسألة: ويقف الإمام إذا صلى على الجنازة قبالة رأسه ومن المرأة قبالة وسطها
594 - مسألة: لا يحل سب الأموات على القصد بالأذى
595 - مسألة: ويجب تلقين الميت الذي يموت في ذهنه ولسانه منطلق أو غير منطلق شهادة الإسلام
596 - مسألة : ويستحب تغميض عيني الميت إذا قضى
597 - مسألة: ويستحب أن يقول المصاب
598 - مسألة: ونستحب الصلاة على المولود يولد حيا ثم يموت
599 - مسألة: ولا نكره اتباع النساء الجنازة, ولا نمنعهن من ذلك
600 - مسألة: ونستحب زيارة القبور, وهو فرض ولو مرة
601 - مسألة: ونستحب لمن حضر على القبور أن يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين
602 - مسألة: ونستحب أن يصلي على الميت مائة من المسلمين فصاعدا
603 - مسألة: وإدخال الموتى في المساجد والصلاة عليهم حسن كله
604 - مسألة، ولا بأس بأن يبسط في القبر تحت الميت ثوب
605 - مسألة: تشييع الجنازة أن يكون الركبان خلفها, وأن يكون الماشي حيث شاء,
606 - مسألة: ومن بلع درهما أو دينارا أو لؤلؤة: شق بطنه عنها
607 - مسألة : ولو ماتت امرأة حامل والولد حي يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق بطنها طولا ويخرج الولد
608 - مسألة: ولا يحل لأحد أن يتمنى الموت لضر نزل به
609 - مسألة: ويحمل النعش كما يشاء الحامل
610 - مسألة: ويصلى على الميت الغائب بإمام وجماعة
611 - مسألة: ويصلي على كل مسلم, بر, أو فاجر
612 - مسألة: وعيادة مرضى المسلمين فرض ولو مرة على الجار الذي لا يشق عليه عيادته
613 - مسألة: ولا يحل أن يهرب أحد عن الطاعون إذا وقع في بلد هو فيه
614 - مسألة: ونستحب تأخير الدفن ولو يوما وليلة, ما لم يخف على الميت التغيير
615 - مسألة: ويجعل الميت في قبره على جنبه اليمين
616 - مسألة: وتوجيه الميت إلى القبلة حسن, فإن لم يوجه فلا حرج
617 - مسألة: وجائز أن تغسل المرأة زوجها
618 - مسألة: فلو مات رجل بين نساء لا رجل معهن, أو ماتت امرأة بين رجال لا نساء معهم: غسل النساء الرجل وغسل الرجال المرأة على ثوب كثيف
619 - مسألة: ولا ترفع اليدان في الصلاة على الجنازة
620 - مسألة: وإن كانت أظفار الميت وافرة, أو شاربه وافيا, أو عانته أخذ كل ذلك
621 - مسألة: ويدخل الميت القبر كيف أمكن
622 - مسألة: ولا يجوز التزاحم على النعش, لأنه بدعة لم تكن قبل
623 - مسألة: ومن فاته بعض التكبيرات على الجنازة كبر ساعة يأتي, ولا ينتظر تكبير الإمام
 
558 - مسألة : غسل المسلم الذكر والأنثى وتكفينهما : فرض ، ولا يجوز أن يكون الكفن إلا حسنا على قدر الطاقة ، وكذلك الصلاة عليه - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل هو ابن أبي أويس - ثنا مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين { عن أم عطية الأنصارية قالت : دخل علينا رسول الله ﷺ حين توفيت ابنته ، فقال : اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك ، إن رأيتن ذلك } وذكر الحديث . فأمر عليه السلام بغسلها ، وأمره فرض ، ما لم يخرجه عن الفرض نص آخر . ولا خلاف في أن حكم الرجل والمرأة في ذلك سواء ، وإيجاب الغسل : هو قول الشافعي ، وداود - : والعجب ممن لا يرى غسل الميت فرضا وهو عمل رسول الله ﷺ وأمره ، وعمل أهل الإسلام مذ أوله إلى الآن حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا هارون بن عبد الله ثنا حجاج بن محمد الأعور قال : قال ابن جريج أنا أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث : { أن النبي ﷺ خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل ، فقال : إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه } . وروينا عن ابن مسعود : أنه أوصى أن يكفن في حلة بمائتي درهم ، وعن ابن سيرين : كان يقال : من ولي أخاه فليحسن كفنه ، فإنهم يتزاورون في أكفانهم . وعن حذيفة : لا تغالوا في الكفن ، اشتروا لي ثوبين نقيين . قال أبو محمد : هذا تحسين للكفن : وإنما كره المغالاة فقط ، وعن أبي سعيد الخدري : أنه قال لأنس ، وابن عمر ولغيرهما من أصحاب النبي ﷺ احملوني على قطيفة قيصرانية ، وأجمروا علي أوقية مجمر وكفنوني في ثيابي التي أصلي فيها ، وفي قبطية في البيت معها ؟ والذي روي عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه في أن يغسل الثوب الذي عليه ويكفن فيه وفي ثوبين آخرين - : تحسين للكفن ، وحتى لو كان خلاف لوجب الرد إلى رسول الله ﷺ .
559 - مسألة : ومن لم يغسل ولا كفن حتى دفن : وجب إخراجه حتى يغسل ويكفن ولا بد - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا علي بن عبد الله ثنا سفيان هو ابن عيينة - قال عمرو بن دينار سمعت جابر بن عبد الله قال : { أتى رسول الله ﷺ عبد الله بن أبي بعدما أدخل في حفرته ، فأمر به فأخرج ، فوضعه على ركبته ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصا } . قال أبو محمد : أمر النبي ﷺ بالغسل والكفن ليس محدودا بوقت ، فهو فرض أبدا ، وإن تقطع الميت ، ولا فرق بين تقطعه بالبلى وبين تقطعه بالجراح ، والجدري ، لا يمنع شيء من ذلك من غسله وتكفينه ؟
560 - مسألة : ولا يجوز أن يدفن أحد ليلا إلا عن ضرورة ولا عند طلوع الشمس حتى ترتفع ، ولا حين استواء الشمس حتى تأخذ في الزوال ، ولا حين ابتداء أخذها في الغروب ، ويتصل ذلك بالليل إلى طلوع الفجر الثاني ، والصلاة جائزة عليه في هذه الأوقات كلها - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا يوسف بن سعيد ثنا حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : { خطب رسول الله ﷺ فزجر أن يقبر إنسان ليلا إلا أن يضطر إلى ذلك } ؟ . قال أبو محمد : كل من دفن ليلا منه عليه السلام ، ومن أزواجه ، ومن أصحابه رضي الله عنهم : فإنما ذلك لضرورة أوجبت ذلك ، من خوف زحام ، أو خوف الحر على من حضر ، وحر المدينة شديد ، أو خوف تغير أو غير ذلك مما يبيح الدفن ليلا ، لا يحل لأحد أن يظن بهم رضي الله عنهم خلاف ذلك ؟ - : روينا من طريق يحيى بن سعيد القطان ثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب : أنه كره الدفن ليلا ؟ - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى ثنا عبد الله بن وهب عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه سمعت عقبة بن عامر يقول : { ثلاث ساعات كان رسول الله ﷺ ينهى أن نصلي فيها أو أن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ، وحين تضيف للغروب حتى تغرب } . قال أبو محمد : قد بينا قبل أن الصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات إنما هي التطوع المتعمد ابتداؤه قصدا إليه . وكذلك كل صلاة فرض مقضية تعمد تركها إلى ذلك الوقت وهو يذكرها فقط ، لا كل صلاة مأمور بها أو مندوب إليها - وبالله تعالى التوفيق .
561 - مسألة : والصلاة على موتى المسلمين : فرض - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمود بن غيلان أنا أبو داود هو الطيالسي - ثنا شعبة عن عثمان بن عبد الله بن موهب سمعت عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه { أن رسول الله ﷺ أتي برجل من الأنصار ليصلي عليه ، فقال ﷺ : صلوا على صاحبكم ، فإن عليه دينا } وذكر الحديث ؟ فهذا أمر بالصلاة عليه عموما . وروي مثل ذلك أيضا في الغال ؟
562 - مسألة : حاشا المقتول بأيدي المشركين خاصة في سبيل الله عز وجل في المعركة خاصة ، فإنه لا يغسل ولا يكفن ، لكن يدفن بدمه وثيابه ، إلا أنه ينزع عنه السلاح فقط ، وإن صلي عليه : فحسن ، وإن لم يصل عليه : فحسن ، فإن حمل عن المعركة وهو حي فمات : غسل وكفن وصلي عليه - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن يوسف ثنا الليث هو ابن سعد - حدثني ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله : أنه ذكر قتلى أحد وقال : { إن رسول الله ﷺ أمر بدفنهم في دمائهم ، ولم يغسلوا ولم يصل عليهم } . وبه أيضا إلى الليث بن سعد : حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني { أن رسول الله ﷺ خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ، ثم أنصرف إلى المنبر } وذكر الحديث - : قال أبو محمد : فخرج هؤلاء عن أمر النبي ﷺ بالكفن ، والغسل ، والصلاة - وبقي سائر من قتله مسلم ، أو باغ ، أو محارب ، أو رفع عن المعركة حيا - على حكم سائر الموتى ، وذهب أبو حنيفة إلى أن يصلى عليهم - : قال أبو محمد : ليس يجوز أن يترك أحد الأثرين المذكورين للآخر ، بل كلاهما حق مباح ، وليس هذا مكان نسخ ؛ لأن استعمالهما معا ممكن في أحوال مختلفة . وقد صح عن النبي ﷺ { أن المبطون ، والمطعون ، والغريق ، والحريق ، وصاحب ذات الجنب ، وصاحب الهدم ، والمرأة تموت بجمع - : شهداء كلهم } . ولا خلاف في أنه عليه السلام كفن في حياته ، وغسل من مات فيهم من هؤلاء - وبالله تعالى التوفيق . وقد كان عمر ، وعثمان ، وعلي - رضي الله عنهم : شهداء ، فغسلوا ، وكفنوا وصلي عليهم ؟ ولا يصح في ترك المجلود أثر ؛ لأن راويه علي بن عاصم ، وليس بشيء ؟
563 - مسألة : وإعماق حفير القبر : فرض ، ودفن المسلم : فرض وجائز دفن الاثنين ، والثلاثة في قبر واحد ، ويقدم أكثرهم قرآنا ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن معمر ثنا وهب بن جرير بن حازم ثنا أبي قال : سمعت حميدا هو ابن هلال - عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه قال { لما كان يوم أحد أصيب من أصيب من المسلمين ، فأصاب الناس جراحات ، فقال رسول الله ﷺ احفروا وأوسعوا ، وادفنوا الاثنين ، والثلاثة في القبر ، وقدموا أكثرهم قرآنا } وبه إلى أحمد بن شعيب : أنا محمد بن بشار ثنا إسحاق بن يوسف ثنا سفيان هو الثوري - عن أيوب السختياني عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر قال { شكونا إلى رسول الله ﷺ يوم أحد ، فقلنا : يا رسول الله ، الحفر علينا لكل إنسان : شديد ؟ فقال رسول الله ﷺ احفروا وأعمقوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد وقدموا أكثرهم قرآنا } فلم يعذرهم عليه السلام في الإعماق في الحفر - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن يوسف ثنا الليث هو ابن سعد - حدثني ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله قال : { كان النبي ﷺ يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ، ثم يقول : أيهم أكثر أخذا للقرآن ؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد }
564 - مسألة : ودفن الكافر الحربي وغيره : فرض - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن محمد سمع روح بن عبادة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال : ذكر لنا أنس بن مالك : { أن رسول الله ﷺ أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث } . وقد صح نهيه عليه السلام عن المثلة . وترك الإنسان لا يدفن : مثلة . وصح أن { رسول الله ﷺ أمر إذ قتل بني قريظة بأن تحفر خنادق ويلقوا فيها } - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا عبد الله بن سعيد ثنا يحيى هو ابن القطان - عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن ناجية بن كعب عن علي بن أبي طالب قال { قلت للنبي ﷺ : إن عمك الضال قد مات فمن يواريه ؟ قال : اذهب فوار أباك } وذكر باقي الحديث - ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي سنان عبد الله بن سنان عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : رجل فينا مات نصرانيا وترك ابنه ؟ قال : ينبغي أن يمشي معه ويدفنه قال سفيان : وسمعت حماد بن أبي سفيان يحدث عن الشعبي : أن أم الحارث بن أبي ربيعة ماتت وهي نصرانية ، فشيعها أصحاب النبي ﷺ .
565 - مسألة : وأفضل الكفن للمسلم : ثلاثة أثواب بيض للرجل ، يلف فيها ، لا يكون فيها قميص ، ولا عمامة ، ولا سراويل ، ولا قطن . والمرأة كذلك ، وثوبان زائدان . فإن لم يقدر له على أكثر من ثوب واحد أجزأه . فإن لم يوجد للاثنين إلا ثوب واحد : أدرجا فيه جميعا . وإن كفن الرجل ، والمرأة بأقل أو أكثر فلا حرج - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت ، { كفن النبي ﷺ في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة } - : قال أبو محمد : ما تخير الله تعالى لنبيه إلا أفضل الأحوال ؟ وبه إلى البخاري : ثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله هو ابن عمر - حدثني نافع عن ابن عمر قال { إن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي ﷺ فقال : أعطني قميصك أكفنه فيه ؟ وصل عليه واستغفر له ، فأعطاه قميصه ، وقال له : آذني أصل عليه } وذكر الحديث . وبه إلى البخاري : ثنا عمر بن حفص بن غياث ثنا أبي عن الأعمش ثنا شقيق ثنا خباب قال { هاجرنا مع رسول الله ﷺ نلتمس وجه الله ، فوقع أجرنا على الله ، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا ، منهم : مصعب بن عمير ، قتل يوم أحد ، فلم نجد ما نكفنه إلا بردة ، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه ، فأمرنا النبي ﷺ أن نغطي رأسه ، وأن نجعل على رجليه من الإذخر } . قال أبو محمد : هكذا يجب أن يكفن من لم يوجد له إلا ثوب واحد لا يعمه كله ؟ قال أبو محمد : وههنا حديث وهم فيه راويه - : رويناه من طريق أحمد بن حنبل عن الحسن بن موسى الأشيب عن حماد بن سلمة عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن محمد بن علي بن أبي طالب هو ابن الحنفية - عن أبيه { أن النبي ﷺ كفن في سبعة أثواب } . والوهم فيه من الحسن بن موسى ، أو من عبد الله بن محمد بن عقيل - : فإن ذكر ذاكر الخبر الذي رويناه من طريق يحيى بن سعيد القطان قال : سمعت سعيد بن أبي عروبة يحدث عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن سمرة بن جندب عن النبي ﷺ قال : { البسوا من ثيابكم البياض ، فإنها أطهر وأطيب ، وكفنوا فيه موتاكم } . قلنا : هذا ليس فرضا ، لأنه قد صح أنه عليه السلام لبس حلة حمراء وشملة سوداء - : وحدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا القعنبي عن عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي - عن زيد هو ابن أسلم - أن ابن عمر قيل له { لم تصبغ بالصفرة ؟ قال : إني رأيت رسول الله ﷺ يصبغ بها ، ولم يكن شيء أحب إليه منها ، وكان يصبغ بها ثيابه كلها حتى عمامته } . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عمرو بن عاصم ثنا همام بن يحيى عن قتادة قال { قلت لأنس بن مالك أي الثياب كان أحب إلى رسول الله ﷺ ؟ قال الحبرة } . قال أبو محمد : لا يحل أن يترك حديث لحديث ، بل كلها حق ، فصح أن الأمر بالبياض ندب ؟ وباختيارنا هذا يقول جمهور السلف : كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : أن أبا بكر الصديق قال لها في حديث " فيم كفنتموه ؟ - يعني النبي ﷺ - قالت في ثلاثة أثواب بيض سحول ليس فيها قميص ولا عمامة ، فقال أبو بكر : انظروا ثوبي هذا فاغسلوه ، وبه ردع من زعفران أو مشق واجعلوا معه ثوبين آخرين " . ومن طريق ابن عمر قال : كفن عمر بن الخطاب في ثلاثة أثواب : ثوبين سحوليين ، وثوب كان يلبسه { وعن أبي هريرة أنه قال لأهله عند موته لا تقمصوني ولا تعمموني فإن رسول الله ﷺ لم يقمص ولم يعمم } . وعن ابن جريج عن عطاء : لا يعمم الميت ولا يؤزر ولا يردى لكن يلف فيها لفا . قال ابن جريج : وأخبرني ابن طاوس عن أبيه : أنه كان يكفن الرجل من أهله في ثلاثة أثواب ليس فيها عمامة . وهو اختيار الشافعي ، وأبي سليمان ، وأحمد بن حنبل ، وأصحابهم . وهكذا كفن بقي بن مخلد ، وقاسم بن محمد : أفتى بذلك الخشني ، وغيره ممن حضر ؟ وأما كفن المرأة فإن عبد الرحمن بن عبد الله حدثنا قال : ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا حامد بن عمر ثنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت : { توفيت إحدى بنات النبي ﷺ فخرج فقال : اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور ، فإذا فرغتن فآذنني ؟ قالت فلما فرغن آذناه فألقى إلينا حقوه وقال : أشعرنها إياه } . وروينا عن الحسن قال : تكفن المرأة في خمسة أثواب : درع ، وخمار ، وثلاث لفائف وعن النخعي : تكفن المرأة في خمسة أثواب : درع ، وخمار ، ولفافة ، ومنطقة ، ورداء وعن ابن سيرين : تكفن المرأة في خمسة أثواب : درع ، وخمار ، ولفافتين وخرقة ؟ وعن الشعبي تكفن المرأة في خمسة أثواب ، والرجل في ثلاثة ؟
566 - مسألة : ومن مات وعليه دين يستغرق كل ما ترك : فكل ما ترك للغرماء ، ولا يلزمهم كفنه دون سائر من حضر من المسلمين ؟ لأن الله تعالى لم يجعل ميراثا ولا وصية إلا فيما يخلفه المرء بعد دينه ، فصح أن الدين مقدم ، وأنه لا حق له في مقدار دينه مما يتخلفه ، فإذ هو كذلك فحق تكفينه - إذا لم يترك شيئا - واجب على كل من حضر من غريم ، أو غير غريم . لقول الله تعالى : { إنما المؤمنون إخوة } وقول رسول الله ﷺ { من ولي أخاه فليحسن كفنه } . وقد ذكرناه قبل بإسناده . فكل من وليه فهو مأمور بإحسان كفنه ، ولا يحل أن يخص بذلك الغرماء دون غيرهم . وهو قول أبي سليمان وأصحابه ؟ فإن فضل عن الدين شيء فالكفن مقدم فيه قبل الوصية والميراث - : لما ذكرنا قبل من { أن رسول الله ﷺ كفن مصعب بن عمير رضي الله عنه في بردة له لم يترك شيئا غيرها ، فلم يجعلها لوارثه }
567 - مسألة : وكل ما ذكرنا أنه فرض على الكفاية فمن قام به سقط عن سائر الناس ، كغسل الميت وتكفينه ودفنه والصلاة عليه . وهذا لا خلاف فيه ، ولأن تكليف ما عدا هذا داخل في الحرج والممتنع ، قال تعالى : { ما جعل عليكم في الدين من حرج }
568 - مسألة : وصفة الغسل أن يغسل جميع جسد الميت ورأسه بماء قد رمي فيه شيء من سدر ولا بد ، إن وجد ، فإن لم يوجد فبالماء وحده - : ثلاث مرات ولا بد ، يبتدأ بالميامن ، ويوضأ - : فإن أحبوا الزيادة فعلى الوتر أبدا : إما ثلاث مرات ، وإما خمس مرات ، وإما سبع مرات ويجعل في آخر غسلاته - إن غسل أكثر من مرة - شيئا من كافور ولا بد فرضا ، فإن لم يوجد فلا حرج ، لأمر رسول الله ﷺ بذلك كله - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى أنا يزيد بن زريع عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت { دخل علينا رسول الله ﷺ ونحن نغسل ابنته فقال : اغسلنها ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلك ، إن رأيتن ذلك بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور } . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا يحيى بن موسى ثنا وكيع عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن { أم عطية قالت لما غسلنا بنت رسول الله ﷺ قال لنا : ابدأن بميامنها وبمواضع الوضوء } . وقال الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } . وقال تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } فصح أن من لم يؤته الله تعالى سدرا ولا كافورا فلم يكلفه إياهما - : روينا عن ابن جريج عن عطاء : يغسل الميت ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، كلهن بماء وسدر ، في كلهن يغسل رأسه وجسده قال ابن جريج : فقلت له : فإن لم يوجد سدر فخطمي ؟ قال : لا ، سيوجد السدر . ورأى الواحدة تجزئ ، وهذا رأي منه ؟ وعن سليمان بن موسى ، وإبراهيم : غسل الميت ثلاث مرات . وعن محمد بن سيرين ، وإبراهيم : يغسل الميت وترا . وعن ابن سيرين : يغسل مرتين بماء وسدر ، والثالثة بماء فيه كافور . والمرأة أيضا كذلك . وعن قتادة عن سعيد بن المسيب : الميت يغسل بماء ، ثم بماء وسدر ، ثم بماء وكافور . وعن ابن سيرين : الميت يوضأ كما يوضأ الحي يبدأ بميامنه . وعن قتادة يبدأ بميامن الميت ، يعني في الغسل ؟
569 - مسألة : فإن عدم الماء يمم الميت ولا بد ، لقول رسول الله ﷺ { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا إذا لم نجد الماء } .
570 - مسألة : ولا يحل تكفين الرجل فيما لا يحل لباسه ، من حرير ، أو مذهب ، أو معصفر . وجائز تكفين المرأة في كل ذلك ، لما قد ذكرناه في كتاب الصلاة من { قول رسول الله ﷺ في الحرير ، والذهب إنهما حرام على ذكور أمتي حل لإناثها } . وكذلك قال في المعصفر : إذ نهى عليه السلام الرجال عنه ؟
571 - مسألة : وكفن المرأة وحفر قبرها من رأس مالها ، ولا يلزم ذلك زوجها ، لأن أموال المسلمين محظورة إلا بنص قرآن أو سنة ، قال رسول الله ﷺ : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } . وإنما أوجب تعالى على الزوج النفقة ، والكسوة ، والإسكان ، ولا يسمى في اللغة التي خاطبنا الله تعالى بها الكفن : كسوة ، ولا القبر : إسكانا
572 - مسألة : ويصلى على الميت بإمام يقف ويستقبل القبلة ، والناس وراءه صفوف ، ويقف من الرجل عند رأسه ، ومن المرأة عند وسطها . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا مسدد عن أبي عوانة عن قتادة عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال { صلى رسول الله ﷺ على النجاشي فكنت في الصف الثاني ، أو الثالث } . ولا خلاف في أنها صلاة قيام ، لا ركوع فيها ، ولا سجود ، ولا قعود ، ولا تشهد ؟ حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى أنا عبد الوارث بن سعيد عن حسين بن ذكوان حدثني عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب قال { صليت خلف رسول الله ﷺ وصلى على أم كعب ، ماتت في نفاسها ، فقام رسول الله ﷺ في الصلاة عليها وسطها } . ورويناه أيضا من طريق البخاري عن مسدد ثنا يزيد بن زريع عن الحسين بن ذكوان بإسناده . ورواه أيضا يزيد بن هارون ، والفضل بن موسى ، وعبد الله بن المبارك كلهم عن الحسين بن ذكوان بإسناده . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا داود بن معاذ ثنا عبد الوارث بن سعيد { عن نافع أبي غالب أنه قال : صليت على جنازة عبد الله بن عمير ، وصلى عليه بنا أنس بن مالك وأنا خلفه ، فقام عند رأسه ، فكبر أربع تكبيرات ، لم يطل ولم يسرع ، ثم ذهب يقعد فقالوا : يا أبا حمزة ، المرأة الأنصارية ؟ فقربوها وعليها نعش أخضر ، فقام عند عجيزتها ، فصلى عليها نحو صلاته على الرجل ، ثم جلس ، فقال له العلاء بن زياد : يا أبا حمزة ، هكذا كان رسول الله ﷺ يصلي على الجنازة كصلاتك ، يكبر عليها أربعا ، ويقوم عند رأس الرجل ، وعجيزة المرأة ؟ قال : نعم } . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا الحجاج بن المنهال ثنا همام بن يحيى عن أبي غالب ، فذكر حديث أنس هذا ، وفي آخره - : أن العلاء بن زياد أقبل على الناس بوجهه فقال : احفظوا ؟ فدل هذا على موافقة كل من حضر له ، وهم تابعون كلهم . وبهذا يأخذ الشافعي ، وأحمد ، وداود ، وأصحابهم ، وأصحاب الحديث . وقال أبو حنيفة ، ومالك ، بخلاف هذا ، وما نعلم لهم حجة إلا دعوى فاسدة ، وأن ذلك كان إذ لم تكن النعوش وهذا كذب ممن قاله ؛ لأن أنسا صلى كذلك والمرأة في نعش أخضر ؟ وقال بعضهم : كما يقوم الإمام مواز وسط الصف خلفه كذلك يقوم مواز وسط الجنازة ؟ فيقال له : هذا باطل ، وقياس فاسد ؛ لأنه إمام الصف ، وليس إماما للجنازة ، ولا مأموما لها ، والذي اقتدينا به في وقوفه إزاء وسط الصف هو الذي اقتدينا به إزاء وسط المرأة ، وإزاء رأس الرجل ، وهو النبي عليه السلام ، الذي لا يحل خلاف حكمه - وبالله تعالى التوفيق .
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/كتاب الجنائز
كتاب الجنائز (مسألة 558 - 572) | كتاب الجنائز (مسألة 573 - 577) | كتاب الجنائز (مسألة 578 - 585) | كتاب الجنائز (مسألة 586 - 593) | كتاب الجنائز (مسألة 594 - 606) | كتاب الجنائز (مسألة 607 - 615) | كتاب الجنائز (مسألة 616 - 623)
| كتاب الجنائز (مسألة 573 - 577)
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الثانية
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتاب الجنائز (مسألة 558 - 572) ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز (مسألة 573 - 577)
المؤلف: ابن حزم كتاب الجنائز (مسألة 578 - 585)
كتاب الجنائز
573 - مسألة : ويكبر الإمام والمأمومون بتكبير الإمام على الجنازة خمس تكبيرات ، لا أكثر ، فإن كبروا أربعا فحسن ، ولا أقل ، ولا ترفع الأيدي إلا في أول تكبيرة فقط ، فإذا انقضى التكبير المذكور سلم تسليمتين وسلموا كذلك ، فإن كبر سبعا كرهناه واتبعناه ، وكذلك إن كبر ثلاثا ، فإن كبر أكثر لم نتبعه ، وإن كبر أقل من ثلاث لم نسلم بسلامه ، بل أكملنا التكبير - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى قالا : ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن { عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعا ، وأنه كبر على جنازة خمسا ، فسألته ؟ فقال : كان رسول الله ﷺ يكبرها } . وصح عن النبي ﷺ أنه كبر أيضا أربعا ، كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى - : قال أبو محمد : واحتج من منع من أكثر من أربع بخبر رويناه من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال " { جمع عمر بن الخطاب الناس فاستشارهم في التكبير على الجنازة ، فقالوا : كبر النبي ﷺ سبعا وخمسا وأربعا ، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات كأطول الصلاة } . وروينا أيضا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عمر بن شقيق عن أبي وائل فذكره . قالوا : فهذا إجماع ، فلا يجوز خلافه ؟ قال أبو محمد : وهذا في غاية الفساد ، أول ذلك - : أن الخبر لا يصح ؛ لأنه عن عامر بن شقيق وهو ضعيف . وأما عمر بن شقيق فلا يدرى في العالم من هو ومعاذ الله أن يستشير عمر رضي الله عنه في إحداث فريضة بخلاف ما فعل فيها رسول الله ﷺ أو للمنع من بعض ما فعله عليه السلام ، ومات وهو مباح ، فيحرم بعده ، لا يظن هذا بعمر إلا جاهل بمحل عمر من الدين والإسلام ، طاعن على السلف رضي الله عنهم ؟ وذكروا أيضا ما حدثناه حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا ابن أيمن ثنا أحمد بن زهير ثنا علي بن الجعد ثنا شعبة عن عمرو بن مرة سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن ابن عمر قال : كل ذلك قد كان ، أربعا وخمسا ، فاجتمعنا على أربع ، يعني التكبير على الجنازة ؟ وبه إلى شعبة عن المغيرة عن إبراهيم النخعي قال : جاء رجل من أصحاب معاذ بن جبل ، فصلى على جنازة ، فكبر عليها خمسا ، فضحكوا منه ، فقال ابن مسعود ، قد كنا نكبر أربعا ، وخمسا ، وستا ، وسبعا ، فاجتمعنا على أربع ؟ ورويناه أيضا من طريق الحجاج بن المنهال عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم النخعي نحوه - : ومن طريق غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب قال قال عمر بن الخطاب : كل ذلك قد كان : أربع ، وخمس يعني التكبير على الجنازة . قال سعيد : فأمر عمر الناس بأربع ؟ قالوا : فهذا إجماع ؟ - : قال أبو محمد : هذا الكذب ؟ لأن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود . وعلي بن الجعد ليس بالقوي وسعيد لم يحفظ من عمر إلا نعيه النعمان بن مقرن على المنبر فقط ، فكل ذلك منقطع أو ضعيف ؟ ولو صح ، لكان ما رووه من ذلك مكذبا لدعواهم في الإجماع ؛ لأن صاحب معاذ المذكور كبر خمسا ، ولم ينكر ذلك عليه ابن مسعود . وقد ذكرنا عن زيد بن أرقم أنه كبر بعد عمر خمسا - : حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي حدثني عبد الله بن مغفل : أن علي بن أبي طالب صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا ، ثم التفت إلينا فقال : إنه بدري ؟ قال الشعبي : وقدم علقمة من الشام فقال لابن مسعود : إن إخوانك بالشام يكبرون على جنائزهم خمسا ، فلو وقتم لنا وقتا نتابعكم عليه ؟ فأطرق عبد الله ساعة ثم قال : انظروا جنائزكم ، فكبروا عليها ما كبر أئمتكم ، لا وقت ولا عدد - : قال أبو محمد : ابن مسعود مات في حياة عثمان رضي الله عنهما ، فإنما ذكر له علقمة ما ذكر عن الصحابة رضي الله عنهم الذين بالشام ، وهذا إسناد في غاية الصحة ؛ لأن الشعبي أدرك علقمة وأخذ عنه وسمع منه - : حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش قال : رأيت ابن مسعود صلى على رجل من بلعدان - فخذ من بني أسد - فكبر عليه خمسا ؟ وبالسند المذكور إلى عبد الرزاق عن معمر عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عليا كبر على جنازة خمسا ؟ وبه إلى عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس : أنه كان يكبر على الجنازة ثلاثا . ورويناه أيضا من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن دينار قال : سمعت أبا معبد يقول : كان ابن عباس يكبر على الجنازة ثلاثا . وهذا إسناد في غاية الصحة ومن طريق حماد بن سلمة أخبرني شيبة بن أيمن أن أنس بن مالك صلى على جنازة فكبر ثلاثا ؟ وبه إلى حماد عن يحيى بن أبي إسحاق : أنه قيل لأنس : إن فلانا كبر ثلاثا ، يعني على جنازة ؟ فقال أنس : وهل التكبير إلا ثلاثا ؟ وقال محمد بن سيرين : إنما كان التكبير ثلاثا فزادوا واحدة يعني على الجنازة ؟ ومن طريق مسلم بن إبراهيم عن شعبة عن زرارة بن أبي الحلال العتكي أن جابر بن زيد أبا الشعثاء أمر يزيد بن المهلب أن يكبر على الجنازة ثلاثا ؟ قال أبو محمد : أف لكل إجماع يخرج عنه : علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك ، وابن عباس ، والصحابة بالشام رضي الله عنهم ، ثم التابعون بالشام ، وابن سيرين وجابر بن زيد وغيرهم بأسانيد في غاية الصحة ، ويدعي الإجماع بخلاف هؤلاء بأسانيد واهية ، فمن أجهل ممن هذه سبيله ؟ فمن أخسر صفقة ممن يدخل في عقله أن إجماعا عرفه - : أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وخفي علمه على - : علي ، وابن مسعود ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، وابن عباس ، حتى خالفوا الإجماع ؟ حاشا لله من هذا ؟ ولا متعلق لهم بما رويناه من أن عمر كبر أربعا ، وعليا كبر على ابن المكفف أربعا ، وزيد بن ثابت كبر على أمه أربعا ، وعبد الله بن أبي أوفى كبر على ابنته أربعا ، وزيد بن أرقم كبر أربعا ، وأنسا كبر أربعا - : فكل هذا حق وصواب ، وليس من هؤلاء أحد صح عنه إنكار تكبير خمس أصلا ، وحتى لو وجد لكان معارضا له قول من أجازها ، ووجب الرجوع حينئذ إلى ما افترض الله تعالى الرد إليه عند التنازع ، من القرآن والسنة ، وقد صح أنه عليه السلام كبر خمسا وأربعا ، فلا يجوز ترك أحد عمليه للآخر ولم نجد عن أحد من الأئمة تكبيرا أكثر من سبع ، ولا أقل من ثلاث ، فمن زاد على خمس وبلغ ستا أو سبعا فقد عمل عملا لم يصح عن النبي ﷺ قط ، فكرهناه لذلك ، ولم ينه عليه السلام عنه فلم نقل : بتحريمه لذلك ، وكذلك القول : فيمن كبر ثلاثا ؟ وأما ما دون الثلاث وفوق السبع فلم يفعله النبي ﷺ ولا علمنا أحدا قال به ، فهو تكلف ، وقد نهينا أن نكون من المتكلفين ، إلا حديثا ساقطا وجب أن ننبه عليه لئلا يغتر به ، وهو { أن رسول الله ﷺ صلى على حمزة رضي الله عنه يوم أحد سبعين صلاة } وهذا باطل بلا شك وبالله تعالى التوفيق ؟ وأما رفع الأيدي فإنه لم يأت عن النبي ﷺ أنه رفع في شيء من تكبير الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط ، فلا يجوز فعل ذلك ، لأنه عمل في الصلاة لم يأت به نص ، وإنما جاء عنه عليه السلام : أنه كبر ورفع يديه في كل خفض ورفع ، وليس فيها رفع ولا خفض ؟ والعجب من قول أبي حنيفة : برفع الأيدي في كل تكبيرة في صلاة الجنازة ولم يأت قط عن النبي ﷺ ومنعه من رفع الأيدي في كل خفض ورفع في سائر الصلوات ، وقد صح عن النبي ﷺ وأما التسليمتان فهي صلاة ، وتحليل الصلاة : التسليم ، والتسليمة الثانية ذكر وفعل خير - وبالله تعالى التوفيق .
574 - مسألة : فإذا كبر الأولى قرأ ( أم القرآن ) ولا بد ، وصلى على رسول الله ﷺ فإن دعا للمسلمين فحسن ، ثم يدعو للميت في باقي الصلاة ؟ أما قراءة ( أم القرآن ) فلأن رسول الله ﷺ سماها صلاة بقوله { صلوا على صاحبكم } . وقال عليه السلام { لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن } ؟ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا محمد بن كثير ثنا سفيان هو الثوري - عن سعد هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف - عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال " صليت خلف ابن عباس على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب قال : لتعلموا أنها سنة " . ورويناه أيضا من طريق شعبة وإبراهيم بن سعد كلاهما عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله عن ابن عباس . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا قتيبة بن سعيد أنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ومحمد بن سويد الدمشقي عن الضحاك بن قيس ، قال الضحاك ، وأبو أمامة : السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبير مخافتة ، ثم يكبر ، والتسليم عند الآخرة . وعن ابن مسعود : أنه كان يقرأ على الجنازة ب أم الكتاب ومن طريق وكيع عن سلمة بن نبيط عن الضحاك بن قيس قال : يقرأ ما بين التكبيرتين الأوليين : فاتحة الكتاب وعن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عمرو بن عطاء : أن المسور بن مخرمة صلى على الجنازة فقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب وسورة قصيرة ، رفع بهما صوته ، فلما فرغ قال : لا أجهل أن تكون هذه الصلاة عجماء ، ولكني أردت أن أعلمكم أن فيها قراءة . قال أبو محمد : فرأى ابن عباس ، والمسور : المخافتة ليست فرضا . وعن أبي هريرة ، وأبي الدرداء ، وابن مسعود ، وأنس بن مالك : أنهم كانوا يقرءون بأم القرآن ويدعون ويستغفرون بعد كل تكبيرة من الثلاث في الجنازة ، ثم يكبرون وينصرفون ولا يقرءون . وعن معمر عن الزهري : سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يحدث سعيد بن المسيب قال : السنة في الصلاة على الجنائز أن تكبر ، ثم تقرأ بأم القرآن ثم تصلي على النبي ﷺ ثم تخلص الدعاء للميت ، ولا تقرأ إلا في التكبيرة الأولى ، ثم يسلم في نفسه عن يمينه . وعن ابن جريج : قال لي ابن شهاب : القراءة على الميت في الصلاة في التكبيرة الأولى ؟ وعن ابن جريج عن مجاهد في الصلاة على الجنازة : يكبر ثم يقرأ بأم القرآن ثم يصلي على النبي ﷺ ثم ذكر دعاء . وعن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن : أنه كان يقرأ بفاتحة الكتاب في كل تكبيرة في صلاة الجنازة ؟ وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحابهما . قال أبو محمد : واحتج من منع من قراءة القرآن فيها بأن قالوا : روي عن النبي ﷺ : { أخلصوا له الدعاء } . قال أبو محمد : هذا حديث ساقط ، ما روي قط من طريق يشتغل بها ثم لو صح لما منع من القراءة ، لأنه ليس في إخلاص الدعاء للميت نهي عن القراءة ، ونحن نخلص له الدعاء ونقرأ كما أمرنا ؟ وقالوا : قد روي عن أبي هريرة : أنه سئل عن الصلاة على الجنازة ؟ فذكر دعاء ولم يذكر قراءة وعن فضالة بن عبيد : أنه سئل : أيقرأ في الجنازة بشيء من القرآن ؟ قال : لا . وعن ابن عمر : أنه كان لا يقرأ في صلاة الجنازة . قال أبو محمد : فقلنا - ليس عن واحد من هؤلاء أنه قال : لا يقرأ فيها بأم القرآن ونعم ، نحن نقول : لا يقرأ فيها بشيء من القرآن إلا بأم القرآن فلا يصح خلاف بين هؤلاء وبين من صرح بقراءة القرآن من الصحابة رضي الله عنهم ، كابن عباس ، والمسور ، والضحاك بن قيس ، وأبي هريرة ، وأبي الدرداء ، وابن مسعود ، وأنس ، لا سيما وأبو هريرة لم يذكر تكبيرا ولا تسليما . فبطل أن يكون لهم به متعلق . وقد روي عنه قراءة القرآن في الجنازة ، فكيف ولو صح عنهم في ذلك خلاف ؟ لوجب الرد عند تنازعهم إلى ما أمر الله تعالى بالرد إليه من القرآن والسنة . وقد قال عليه السلام { لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن } وقالوا : لعل هؤلاء قرءوها على أنه دعاء فقلنا : هذا باطل ؛ لأنهم ثبت عنهم الأمر بقراءتها ، وأنها سنتها ، فقول من قال : لعلهم قرءوها على أنها دعاء - : كذب بحت ؟ ثم لا ندري ما الذي حملهم على المنع من قراءتها حتى يتقحموا في الكذب بمثل هذه الوجوه الضعيفة ؟ والعجب أنهم أصحاب قياس ، وهم يرون أنها صلاة ، ويوجبون فيها : التكبير ، واستقبال القبلة ، والإمامة للرجال ، والطهارة ، والسلام ، ثم يسقطون القراءة فإن قالوا : لما سقط الركوع والسجود والجلوس : سقطت القراءة ؟ قلنا : ومن أين يوجب هذا القياس دون قياس القراءة على التكبير والتسليم ؟ بل لو صح القياس لكان قياس القراءة على التكبير والتسليم - لأن كل ذلك ذكر باللسان - أولى من قياس القراءة على عمل الجسد ، ولكن هذا علمهم بالقياس والسنن ؟ وهم يعظمون خلاف العمل بالمدينة ، وههنا أريناهم عمل الصحابة ، وسعيد بن المسيب ، وأبي أمامة ، والزهري ، علماء أهل المدينة ، وخالفوهم - وبالله تعالى التوفيق
575 - مسألة : وأحب الدعاء إلينا على الجنازة هو ما - : حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني أبو الطاهر ثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي حمزة بن سليم عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن { عوف بن مالك الأشجعي قال : سمعت رسول الله ﷺ و صلى على جنازة يقول : اللهم اغفر له وارحمه ، واعف عنه وعافه ، وأكرم نزله ، ووسع مدخله ، واغسله بماء ، وثلج ، وبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ، وزوجا خيرا من زوجه ، وقه فتنة القبر ، وعذاب القبر وعذاب النار } . وما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا موسى بن هارون الرقي ثنا شعيب يعني ابن إسحاق - عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال : { صلى رسول الله ﷺ على جنازة فقال : اللهم اغفر لحينا ، وميتنا ، وصغيرنا ، وكبيرنا ، وذكرنا ، وأنثانا ، وشاهدنا ، وغائبنا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تضلنا بعده } . فإن كان صغيرا فليقل " اللهم ألحقه بإبراهيم خليلك " للأثر الذي صح أن الصغار مع إبراهيم ﷺ في روضة خضراء . وما دعا به فحسن ؟
576 - مسألة : ونستحب اللحد ، وهو الشق في أحد جانبي القبر ، وهو أحب إلينا من الضريح ، وهو الشق في وسط القبر . ونستحب اللبن أن توضع على فتح اللحد ، ونكره الخشب ، والقصب ، والحجارة . وكل ذلك جائز ؟ - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى أنا عبد الله بن جعفر المسوري عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عمه عامر بن سعد : أن أباه سعد بن أبي وقاص قال في مرضه الذي هلك فيه " ألحدوا لي لحدا ، وانصبوا علي اللبن نصبا ، كما صنع برسول الله ﷺ "
577 - مسألة : ولا يحل أن يبنى القبر ، ولا أن يجصص ، ولا أن يزاد على ترابه شيء ، ويهدم كل ذلك ، فإن بني عليه بيت أو قائم : لم يكره ذلك . وكذلك لو نقش اسمه في حجر : لم نكره ذلك ؟ - : روينا بالسند المذكور إلى مسلم : حدثني هارون بن سعيد الأيلي ثنا ابن وهب حدثني عمرو بن الحارث أن ثمامة بن شفي حدثه قال : { كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس ، فتوفي صاحب لنا ، فأمر فضالة بقبره فسوي ، وقال : سمعت رسول الله ﷺ يأمر بتسويتها } - : وبه إلى مسلم : ثنا يحيى بن يحيى أنا وكيع عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب { ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته } . وبه إلى مسلم : حدثني محمد بن رافع [ ثنا عبد الرزاق ] عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : { سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن أن تجصص القبور ، وأن يقعد عليها ، وأن يبنى عليها } . قال أبو محمد : قد أنذر عليه السلام بموضع قبره بقوله { ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة } وأعلم أنه في بيته بذلك . ولم ينكر عليه السلام كون القبر في بيت ، ولا نهى عن بناء قائم ، وإنما نهى عن بناء على القبر : قبة فقط وعن وكيع عن الربيع عن الحسن : كان يكره أن تجصص القبور أو تطين أو يزاد عليها من غير حفيرها ؟ وعن وكيع عن عمران بن حدير عن أبي مجلز قال : تسوية القبور من السنة ؟ وعن عثمان أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه أمر بتسوية القبور ، وأن ترفع من الأرض شبرا . وعن عبد الرزاق أنا معمر عن أيوب السختياني عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد قال : سقط الحائط الذي على قبر النبي ﷺ فستر ، ثم بني ، فقلت للذي ستره : ارفع ناحية الستر حتى أنظر إليه ، فنظرت إليه ، فإذا عليه جبوب ورمل ، كأنه من رمل العرصة ؟ حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا محمد بن وضاح ثنا يعقوب بن كعب ثنا ابن أبي فديك أخبرني عمرو بن عثمان بن هانئ عن القاسم بن محمد قال : دخلت على عائشة فقلت : يا أمه ، اكشفي لي عن قبر رسول الله ﷺ وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور ، لا لاطئة ولا مشرفة ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء ، فرأيت رسول الله ﷺ مقدما ، وأبو بكر عند رأسه ، ورجلاه بين كتفي النبي ﷺ ورأيت عمر عند رجلي أبي بكر رضي الله عنهما .
| كتاب الجنائز (مسألة 578 - 585)
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الثالثة
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتاب الجنائز (مسألة 573 - 577) ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز (مسألة 578 - 585)
المؤلف: ابن حزم كتاب الجنائز (مسألة 586 - 593)
كتاب الجنائز
578 - مسألة : ولا يحل لأحد أن يجلس على قبر ، فإن لم يجد أين يجلس : فليقف حتى يقضي حاجته ، ولو استوفز ولم يقعد لم يبن أنه يحرج . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني زهير بن حرب ثنا جرير هو ابن عبد الحميد - عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : { لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر } . وهكذا رويناه من طريق سفيان الثوري ، وعبد العزيز الدراوردي ، كلاهما : عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ . وروينا أيضا من طريق جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ النهي عن القعود على القبر : وقد ذكرناه قبل هذا بيسير ؟ ورويناه أيضا من طريق واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد الغنوي عن رسول الله ﷺ { لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها } . فهذه آثار متواترة في غاية الصحة وهو قول جماعة من السلف رضي الله عنهم ، منهم أبو هريرة ؟ ومن طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن سالم البراد عن ابن عمر قال : لأن أطأ على رضف أحب إلي من أن أطأ على قبر وعن ابن مسعود : لأن أطأ على جمرة حتى تبرد أحب إلي من أن أتعمد وطء قبر لي عنه مندوحة . وعن سعيد بن جبير : لأن أطأ على جمرة حتى تبرد أحب إلي من أن أطأ على قبر - وهو قول أبي سليمان . فقال قائلون بإباحة ذلك ، وحملوا الجلوس المتوعد عليه إنما هو للغائط خاصة ؟ وهذا باطل بحت لوجوه - : أولها - أنه دعوى بلا برهان ، وصرف لكلام رسول الله ﷺ عن وجهه ، وهذا عظيم جدا وثانيها - أن لفظ الخبر مانع من ذلك قطعا ، بقوله عليه السلام { لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده : خير له من أن يجلس على قبر } . وبالضرورة يدري كل ذي حس سليم : أن القعود للغائط لا يكون هكذا ألبتة ، وما عهدنا قط أحدا يقعد على ثيابه للغائط إلا من لا صحة لدماغه ؟ وثالثها - أن الرواة لهذا الخبر لم يتعدوا به وجهه من الجلوس المعهود ، وما علمنا قط في اللغة - جلس فلان - بمعنى تغوط ، فظهر فساد هذا القول - ولله تعالى الحمد ؟ وقد ذكرنا تحريم الصلاة إلى القبر وعليه في كتاب الصلاة والله تعالى محمود ؟
579 - مسألة : ولا يحل لأحد أن يمشي بين القبور بنعلين سبتيتين وهما اللتان لا شعر فيهما ، فإن كان فيهما شعر : جاز ذلك ؟ فإن كانت إحداهما بشعر ، والأخرى بلا شعر : جاز المشي فيهما ؟ - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا وكيع عن الأسود بن شعبان - وكان ثقة - عن خالد بن سمير عن بشير بن نهيك { عن بشير رسول الله ﷺ وهو ابن الخصاصية - قال كنت أمشي مع رسول الله ﷺ فرأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه ، فقال : يا صاحب السبتيتين ألقهما } ؟ وحدثناه حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا محمد بن سليمان البصري ثنا سليمان بن حرب ثنا الأسود بن شيبان حدثني خالد بن سمير أخبرني بشير بن نهيك أخبرني بشير بن الخصاصية - وكان اسمه في الجاهلية زحم ، فسماه رسول الله ﷺ بشيرا - قال : { بينا أنا أمشي بين المقابر وعلي نعلان ، إذ ناداني رسول الله ﷺ يا صاحب السبتيتين ، يا صاحب السبتيتين ، إذا كنت في مثل هذا المكان فاخلع نعليك ، قال : فخلعتهما } ؟ . قال أبو محمد : فإن قيل - فهلا منعتم من كل نعل ، لعموم قوله عليه السلام { فاخلع نعليك } ؟ قلنا : منع من ذلك وجهان - : أحدهما : أنه عليه السلام إنما دعا صاحب سبتيتين ، بنص كلامه ، ثم أمره بخلع نعليه ؟ والثاني ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني ثنا يونس بن محمد ثنا شيبان عن قتادة ثنا أنس بن مالك قال : قال نبي الله ﷺ : { إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم } وذكر الحديث . قال أبو محمد : فهذا إخبار منه عليه السلام بما يكون بعده ، وأن الناس من المسلمين سيلبسون النعال في مدافن الموتى إلى يوم القيامة ، على عموم إنذاره عليه السلام بذلك ، ولم ينه عنه ، والأخبار لا تنسخ أصلا . فصح إباحة لباس النعال في المقابر ، ووجب استثناء السبتية منها ، لنصه عليه السلام عليها ؟ قال أبو محمد : وقال بعض من لا يبالي بما أطلق به لسانه فقال : لعل تينك النعلين كان فيهما قذر ؟ قال أبو محمد : من قطع بهذا فقد كذب على رسول الله ﷺ إذ قوله ما لم يقل ، ومن لم يقطع بذلك فقد حكم بالظن ، وقفا ما لا علم له به ، وكلاهما خطتا خسف نعوذ بالله منهما ؟ ثم يقال له : فهبك ذلك كذلك ؟ أتقولون : بهذا أنتم ؟ فتمنعون من المشي ، بين القبور بنعلين فيهما قذر ؟ فمن قولهم : لا ؟ فيقال لهم : فأي راحة لكم في دعوى كاذبة ؟ ثم لو صحت لم تقولوا بها ، ولبقيتم مخالفين للخبر بكل حال ؟ ويقال له أيضا : ولعل البناء في الرعاف إنما هو في الدم الأسود لشبهه بدم الحيض ، ولعل فساد صلاة الرجل إلى جنب المرأة إنما هو إذا كانت شابة خوف الفتنة ، ومثل هذا كثير
580 - مسألة : ويصلى على ما وجد من الميت المسلم ، ولو أنه ظفر أو شعر فما فوق ذلك ، ويغسل ويكفن ، إلا أن يكون من شهيد فلا يغسل ، لكن يلف ويدفن ؟ ويصلى على الميت المسلم وإن كان غائبا لا يوجد منه شيء . فإن وجد من الميت عضو آخر بعد ذلك أيضا غسل أيضا ، وكفن ، ودفن ، ولا بأس بالصلاة عليه ثانية ، وهكذا أبدا ؟ برهان ذلك - : أننا قد ذكرنا قبل وجوب غسل الميت وتكفينه ودفنه والصلاة عليه ، فصح بذلك غسل جميع أعضائه - قليلها وكثيرها - وستر جميعها بالكفن والدفن ، فذلك بلا شك واجب في كل جزء منه . فإذ هو كذلك فواجب عمله فيما أمكن عمله فيه ، بالوجود متى وجد ، ولا يجوز أن يسقط ذلك في الأعضاء المفرقة بلا برهان وينوي بالصلاة على ما وجد منه الصلاة على جميعه : جسده ، وروحه ؟ وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : إن وجد نصف الميت الذي فيه الرأس ، أو أكثر من نصفه وإن لم يكن فيه الرأس - : غسل وكفن وصلي عليه ؟ وإن وجد النصف الذي ليس فيه الرأس ، أو أقل من النصف الذي فيه الرأس - : لم يغسل ، ولا كفن ، ولا صلي عليه قال أبو محمد : وهذا تخليط ناهيك به وقيل لهم : من أين لكم أن الصلاة على أكثره واجبة ، وعلى نصفه غير واجبة ؟ وأنتم قد جعلتم الربع - فيما أنكشف من بطن الحرة وشعرها - كثيرا في حكم الكل ، وجعلتم العشر - في بعض مسائلكم أيضا - في حكم الكل ؟ وهو من حلق عشر رأسه ، أو عشر لحيته من المحرمين في قول محمد بن الحسن ، فمن أين هذه الأحكام في الدين بغير إذن من الله تعالى بها ؟ وقد روينا عن أبي أيوب الأنصاري وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما : أنهما صليا على رجل ، إنسان ؟ وهو قول أبي سليمان ، وأصحابنا . وروي عن عمر ، أنه صلى على عظام وعن أبي عبيدة : أنه صلى على رأس وأما الصلاة على الغائب فقد جاء به نص قاطع ، أغنى عن النظر ، وإن كان النظر تجب به الصلاة عليه ؛ لأن قول رسول الله ﷺ : { صلوا على صاحبكم } عموم يدخل فيه الغائب والحاضر ، ولا يجوز أن يخص به أحدهما ، بل فرض في كل مسلم دفن بغير صلاة أن يصلي عليه من بلغه ذلك من المسلمين ، لأنها فرض على الكفاية ، وهي فيمن صلى عليه ندب . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة { أن رسول الله ﷺ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ؟ خرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعا } . وبه إلى البخاري : ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني عطاء أنه سمع جابر بن عبد الله يقول " قال النبي ﷺ { قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش ، فهلم فصلوا عليه ، فصففنا ، فصلى النبي ﷺ ونحن } . وبه إلى البخاري : ثنا مسدد عن أبي عوانة عن قتادة عن عطاء عن جابر بن عبد الله { أن رسول الله ﷺ صلى على النجاشي . قال جابر : فكنت في الصف الثاني أو الثالث } . ورويناه أيضا من طريق قوية عن عمران بن الحصين عن النبي ﷺ . فهذا أمر رسول الله ﷺ وعمله وعمل جميع أصحابه ، فلا إجماع أصح من هذا ، وآثار متواترة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم كما أوردنا ؟ ومنع من هذا : مالك ، وأبو حنيفة ، وادعى أصحابهما الخصوص للنجاشي ، وهذه دعوى كاذبة بلا برهان - وبالله تعالى التوفيق . فإن قالوا : هل فعل هذا أحد من الصحابة بعد رسول الله ﷺ ؟ قلنا لهم : وهل جاء قط عن أحد من الصحابة أنه زجر عن هذا أو أنكره ؟ ثم يقال لهم : لا حجة في أحد غير رسول الله ﷺ . قال تعالى : { لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل }
581 - مسألة : والصلاة جائزة على القبر ، وإن كان قد صلي على المدفون فيه وقال أبو حنيفة : إن دفن بلا صلاة : صلي على القبر ما بين دفنه إلى ثلاثة أيام ، ولا يصلى عليه بعد ذلك ، وإن دفن بعد أن صلي عليه لم يصل أحد على قبره ؟ وقال مالك : لا يصلى على قبر ، وروى ذلك عن إبراهيم النخعي ؟ وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأبو سليمان : يصلى على القبر وإن كان قد صلي على المدفون فيه ، وقد روي هذا عن ابن سيرين ؟ وقال أحمد بن حنبل : يصلى عليه إلى شهر ، ولا يصلى عليه بعد ذلك ؟ وقال إسحاق : يصلي الغائب على القبر إلى شهر ، ويصلي عليه الحاضر إلى ثلاث ؟ - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن أبي رافع عن أبي هريرة { أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا ، ففقدها رسول الله ﷺ فسأل عنها أو عنه ، فقالوا : مات ، فقال : أفلا كنتم آذنتموني ؟ قال : فكأنهم صغروا أمرها أو أمره ، فقال : دلوني على قبره ، فدلوه ، فصلى عليها ، ثم قال : إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله تعالى ينورها لهم بصلاتي عليهم } . فادعى قوم أن هذا الكلام منه عليه السلام دليل على أنه خصوص له ؟ قال أبو محمد : وليس كما قالوا ، وإنما في هذا الكلام بركة صلاته عليه السلام وفضيلتها على صلاة غيره فقط ، وليس فيه نهي غيره عن الصلاة على القبر أصلا ، بل قد قال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } ومما يدل على بطلان دعوى الخصوص ههنا ما رويناه بالسند المذكور إلى مسلم : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا محمد بن إدريس عن الشيباني هو أبو إسحاق - عن الشعبي عمن حدثه قال { انتهينا مع رسول الله ﷺ إلى قبر رطب ، فصلى عليه ، وصفوا خلفه ، وكبر أربعا } قال الشيباني : قلت لعامر الشعبي : من حدثك ؟ قال : الثقة ، من شهده ، ابن عباس . فهذا أبطل الخصوص ، لأن أصحابه عليه السلام ، وعليهم رضوان الله صلوا معه على القبر ، فبطلت دعوى الخصوص وبه إلى مسلم حدثني إبراهيم بن محمد بن عرعرة السامي ثنا غندر ثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد [ عن ثابت ] عن أنس { أن النبي ﷺ صلى على قبر } . قال أبو محمد : فهذه آثار متواترة لا يسع الخروج عنها واحتج بعضهم بأن رسول الله ﷺ لم يصل المسلمون على قبره ؟ قال أبو محمد : ما علمنا أحدا من الصحابة رضي الله عنهم نهى عن الصلاة على قبر رسول الله ﷺ وما نهى الله تعالى عنه ، ولا رسوله عليه السلام ، فالمنع من ذلك باطل ، والصلاة عليه فعل خير ، والدعوى باطل إلا ببرهان ؟ وقال بعضهم : نهي النبي ﷺ عن الصلاة إلى القبر وعلى القبر مانع من هذا قال أبو محمد : وهذا عجب ما مثله عجب وهو أن المحتج بهذا عكس الحق عكسا ؛ لأنه صح عن النبي ﷺ النهي عن الصلاة على القبر ، أو إليه . أو في المقبرة ، وعن الجلوس على القبر ، فقال هذا القائل : كل هذا مباح وصح عن النبي ﷺ أنه صلى على قبر صلاته على الميت ، فقال هذا القائل : لا يجوز ذلك واحتج بالنهي عن الصلاة مطلقا في منعه من صلاة الجنازة على القبر ، واحتج بخبر الصلاة على القبر في إباحته الحرام من الصلوات في المقبرة ، وإلى القبر ، وعليه ؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل ؟ وقال بعضهم : كان ابن عمر لا يصلي على القبر ؟ قلنا : نعم ، كان لا يصلي سائر الصلوات على القبر ، ويصلي صلاة الجنازة على القبر أبدا ؟ قال أبو محمد : وهذا لو صح لكان قد صح ما يعارضه ، وهو أنه رضي الله عنه صلى صلاة الجنازة على القبر ، ثم لو لم يأت هذا عنه لكان قد عارضه ما صح عن الصحابة في ذلك ، فكيف ولا حجة في أحد دون رسول الله ﷺ . ولا يصح عن ابن عمر إلا ما ذكرناه وروينا عن معمر عن أيوب السختياني عن ابن أبي مليكة : مات عبد الرحمن بن أبي بكر على ستة أميال من مكة ، فحملناه فجئنا به مكة فدفناه ، فقدمت علينا عائشة أم المؤمنين فقالت : أين قبر أخي ؟ فدللناها عليه ، فوضعت في هودجها عند قبره فصلت عليه وعن حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر : أنه قدم وقد مات أخوه عاصم ، فقال : أين قبر أخي ؟ فدل عليه ، فصلى عليه ودعا له . قال أبو محمد : هذا يبين أنها صلاة الجنازة ، لا الدعاء فقط وعن علي بن أبي طالب : أنه أمر قرظة بن كعب الأنصاري أن يصلي على قبر سهل بن حنيف بقوم جاءوا بعدما دفن وصلي عليه ؟ وعن علي بن أبي طالب أيضا : أنه صلى على جنازة بعدما صلي عليها ؟ وعن يحيى بن سعيد القطان ثنا أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير : أن أنس بن مالك صلى على جنازة بعدما صلي عليها وعن ابن مسعود نحو ذلك . وعن سعيد بن المسيب إباحة ذلك . وعن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد : أنه صلى على جنازة بعدما صلي عليها وعن قتادة : أنه كان إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى عليها . فهذه طوائف من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف ؟ وأما أمر تحديد الصلاة بشهر أو ثلاثة أيام فخطأ لا يشكل ، لأنه تحديد بلا دليل ، ولا فرق بين من حد بهذا ، أو من حد بغير ذلك .
582 - مسألة : ومن تزوج كافرة فحملت منه وهو مسلم وماتت حاملا - : فإن كانت قبل أربعة أشهر ولم ينفخ فيه الروح بعد : دفنت مع أهل دينها ، وإن كان بعد أربعة أشهر والروح قد نفخ فيه : دفنت في طرف مقبرة المسلمين ؛ لأن عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله ﷺ أن لا يدفن مسلم مع مشرك - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا وكيع عن الأسود بن شيبان - وكان ثقة - عن خالد بن سمير عن بشير بن نهيك عن بشير رسول الله ﷺ وهو ابن الخصاصية قال : { كنت أمشي مع رسول الله ﷺ فمر على قبور المسلمين ، فقال : لقد سبق هؤلاء شرا كثيرا ، ثم مر على قبور المشركين فقال : لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا } . فصح بهذا تفريق قبور المسلمين عن قبور المشركين . والحمل ما لم ينفخ فيه الروح فإنما هو بعض جسم أمه ، ومن حشوة بطنها ، وهي مدفونة مع المشركين ، فإذا نفخ فيه الروح فهو خلق آخر ، كما قال تعالى : { فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر } ، فهو حينئذ إنسان حي غير أمه ، بل قد يكون ذكرا وهي أنثى ، وهو ابن مسلم فله حكم الإسلام ، فلا يجوز أن يدفن في مقابر المشركين ، وهي كافرة ، فلا تدفن في مقابر المسلمين ، فوجب أن تدفن بناحية لأجل ذلك روينا عن سليمان بن موسى : أن واثلة بن الأسقع صاحب رسول الله ﷺ دفن امرأة نصرانية ماتت حبلى من مسلم - : في مقبرة ليست بمقبرة النصارى ، ولا بمقبرة المسلمين بين ذلك . وروينا عن عمر بن الخطاب : أنها تدفن مع المسلمين من أجل ولدها
583 - مسألة : والصغير يسبى مع أبويه أو أحدهما أو دونهما فيموت - : فإنه يدفن مع المسلمين ويصلى عليه ، قال تعالى : { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } فصح أن كل مولود فهو مسلم ، إلا من أقره الله تعالى على الكفر ، وليس إلا من ولد بين ذميين كافرين ، أو حربيين كافرين ، ولم يسب حتى بلغ ، وما عدا هذين فمسلم ؟
584 - مسألة : وأحق الناس بالصلاة على الميت والميتة : الأولياء - : وهم : الأب وآباؤه ، والابن وأبناؤه ، ثم الإخوة الأشقاء ، ثم الذين للأب ، ثم بنوهم ، ثم الأعمام للأب والأم ، ثم للأب ثم بنوهم ، ثم كل ذي رحم محرمة ، إلا أن يوصي الميت أن يصلي عليه إنسان ، فهو أولى . ثم الزوج ، ثم الأمير أو القاضي ، فإن صلى غير من ذكرنا أجزأ - : برهان ذلك - : قول الله تعالى : { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } وهذا عموم لا يجوز تخصيصه ، وقول رسول الله ﷺ : { لا يؤمن الرجل في أهله } يدخل فيه : ذو الرحم ، والزوج ، فإذا اجتمعا فهما سواء في الحديث ، فلا يجوز تقديم أحدهما على الآخر وذو الرحم أولى بالآية ، ثم الزوج أولى من غيره بالحديث ؟ رويناه عن قتادة عن سعيد بن المسيب : أنه قال في الصلاة على المرأة : أب ، أو ابن ، أو أخ : أحق بالصلاة عليها من الزوج ؟ ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن ليث عن زيد بن أبي سليمان : أن عمر بن الخطاب قال في الصلاة على المرأة إذا ماتت - : الولي دون الزوج ؟ وعن شعبة عن الحكم بن عتيبة في الصلاة على المرأة إذا ماتت : الأخ أحق من الزوج . ومن طريق وكيع عن الربيع عن الحسن : كانوا يقدمون الأئمة على جنائزهم ، فإن تدارءوا فالولي ، ثم الزوج . فإن قيل : قد قدم الحسين بن علي - : سعيد بن العاص على ولي له وقال : لولا أنها سنة ما قدمتك ؟ وقال أبو بكرة لإخوة زوجته : أنا أحق منكم قلنا : لم ندع لكم إجماعا فتعارضونا بهذا ، ولكن إذا تنازع الأئمة وجب الرد إلى القرآن والسنة ، وفي القرآن والسنة ما أوردنا ، ولم يبح الله تعالى الرد في التنازع إلى غير كلامه وحكم نبيه ﷺ . وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، والأوزاعي في أحد قوليه : الأولياء أحق بالصلاة عليها من الزوج ، إلا أن أبا حنيفة قال : إن كان ولدها ابن زوجها الحاضر فالزوج أبو الولد أحق - وهذا لا معنى له ، لأنه دعوى بلا برهان
585 - مسألة : وأحق الناس بإنزال المرأة في قبرها من لم يطأ تلك الليلة ، وإن كان أجنبيا ، حضر زوجها أو أولياؤها أو لم يحضروا ، وأحقهم بإنزال الرجل أولياؤه ؟ أما الرجل فلقول الله تعالى : { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض } وهذا عموم ، لا يجوز تخصيصه إلا بنص . وأما المرأة فإن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد حدثنا قال : ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن محمد هو المسندي - ثنا أبو عامر هو العقدي - ثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن أنس بن مالك قال { شهدنا بنتا لرسول الله ﷺ ورسول الله ﷺ جالس على القبر ، فرأيت عينيه تدمعان ، فقال : هل منكم رجل لم يقارف الليلة ؟ فقال أبو طلحة : أنا ، قال : فانزل ؟ فنزل في قبرها } . حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي ثنا ابن مفرج ثنا محمد بن أيوب الصموت ثنا أحمد بن عمرو البزار ثنا محمد بن معمر ثنا روح بن أسلم أنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس { أن رسول الله ﷺ قال : لما ماتت رقية ابنته رضي الله عنها : لا يدخل القبر رجل قارف الليلة ، فلم يدخل عثمان } قال أبو محمد : المقارفة الوطء ، لا مقارفة الذنب . ومعاذ الله أن يتزكى أبو طلحة بحضرة النبي ﷺ بأنه لم يقارف ذنبا . فصح أن من لم يطأ تلك الليلة أولى من الأب والزوج وغيرهما ؟
| كتاب الجنائز (مسألة 586 - 593)
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الرابعة
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتاب الجنائز (مسألة 578 - 585) ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز (مسألة 586 - 593)
المؤلف: ابن حزم كتاب الجنائز (مسألة 594 - 606)
كتاب الجنائز
586 - بقية من المسألة : التي قبل هذه : قال أبو محمد : واستدركنا الوصية بأن يصلي على الموصي غير الولي وغير الزوج ، وهو أن الله تعالى - وقد ذكر وصية المحتضر - قال { فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه } وروينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن محارب بن دثار : أن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد وهو غير أمير ولا ولي من ذوي محارمها ولا من قومها ، وذلك بحضرة الصحابة رضي الله تعالى عنهم وبه إلى سفيان عن أبي إسحاق السبيعي : أن أبا ميسرة أوصى أن يصلي عليه شريح وليس من قومه . ومن طريق وكيع عن مسعر بن كدام عن أبي حصين : أن عبيدة السلماني أوصى أن يصلي عليه الأسود بن يزيد النخعي .
587 - مسألة : وتقبيل الميت جائز - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري أنا بشر بن محمد أنا عبد الله بن المبارك أخبرني معمر ويونس عن الزهري أخبرني أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف ، - أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرته " أن أبا بكر دخل على رسول الله ﷺ وهو مسجى ببرد حبرة - تعني إذ مات عليه السلام - قالت : فكشف عن وجهه ، ثم أكب عليه فقبله ، ثم بكى وقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله " . وذكر الحديث .
588 - مسألة : ويسجى الميت بثوب ويجعل على بطنه ما يمنع انتفاخه - : أما التسجية - فلما ذكرناه في رسول الله ﷺ وكل ما فعل فيه ﷺ فهو حق ، لقوله تعالى : { والله يعصمك من الناس } وهذا عموم ، لا يجوز تخصيصه إلا بنص ؟ وأما قولنا : يوضع على بطنه فلقول الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } وكل ما فيه رفق بالمسلم ودفع للمثلة عنه ، فهو بر وتقوى ؟
589 - مسألة : والصبر واجب ، والبكاء مباح ، ما لم يكن نوح ، فإن النوح حرام ، والصياح ، وخمش الوجوه وضربها ، وضرب الصدر ، ونتف الشعر وحلقه للميت - : كل ذلك حرام ، وكذلك الكلام المكروه الذي هو تسخط لأقدار الله تعالى ، وشق الثياب - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا آدم ثنا شعبة ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال { مر النبي ﷺ بامرأة تبكي عند قبر ، فقال : اتقي الله واصبري ؟ } . وبه إلى البخاري : نا محمد بن بشار نا غندر عن شعبة عن ثابت البناني قال : سمعت أنس بن مالك عن النبي ﷺ أنه قال : { إنما الصبر عند الصدمة الأولى } . وبه إلى البخاري : ثنا الحسن بن عبد العزيز نا يحيى بن حسان حدثني قريش هو ابن حيان - عن ثابت البناني عن أنس قال { دخلنا مع رسول الله ﷺ على إبراهيم - هو ابن رسول الله ﷺ - وهو يجود بنفسه ، فجعلت عينا رسول الله ﷺ تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله ؟ فقال : يا ابن عوف ، إنها رحمة ، العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ؟ } . فهذا إباحة الحزن الذي لا يقدر أحد على دفعه ، و { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وفيه إباحة البكاء ، وتحريم الكلام بما لا يرضي الله تعالى وبه إلى البخاري : نا محمد بن بشار نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال : { ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية } . حدثنا عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج ثنا إسحاق بن منصور أنا حبان بن هلال نا أبان هو ابن يزيد العطار - نا يحيى هو ابن أبي كثير - أن زيدا حدثه أن أبا سلام حدثه أن أبا مالك الأشعري حدثه أن النبي ﷺ قال : { أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة ، النائحة إذا ماتت ولم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ، ودرع من جرب } . وبه إلى مسلم : نا عبد الله بن حميد ، وإسحاق بن منصور قالا : أرنا جعفر بن عون أنا أبو عميس قال : سمعت أبا صخرة يذكر عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة بن أبي موسى الأشعري قالا ( جميعا ) : أغمي على أبي موسى فأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة ، فأفاق قال : ألم تعلمي - وكان يحدثها - أن رسول الله ﷺ قال : { أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق } ومن طريق البخاري : نا أصبغ نا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن الحارث الأنصاري عن عبد الله بن عمر قال : { اشتكى سعد بن عبادة فعاده النبي ﷺ مع عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وابن مسعود ، فلما دخل عليه وجده في غاشيته فبكى النبي ﷺ فلما رأى القوم بكاء النبي ﷺ بكوا ، فقال : ألا تسمعون ؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم ، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه } . قال أبو محمد هذا الخبر بتمامه يبين معنى ما وهل فيه كثير من الناس من قوله عليه السلام : { إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه } . ولاح بهذا أن هذا البكاء الذي يعذب به الميت ليس هو الذي لا يعذب به من دمع العين ، وحزن القلب . فصح أنه البكاء باللسان ، إذ يعذبونه برياسته التي جار فيها فعذب عليها ، وشجاعته التي يعذب عليها ، إذ صرفها في غير طاعة الله تعالى ، وبجوده الذي أخذ ما جاد به من غير حله ، ووضعه في غير حقه فأهله يبكونه بهذه المفاخر ، وهو يعذب بها بعينها ، وهو ظاهر الحديث لمن يتكلف في ظاهر الخبر ما ليس فيه - وبالله تعالى التوفيق - : وقد روينا عن ابن عباس : أنه أنكر على من أنكر البكاء على الميت ، وقال : الله أضحك وأبكى ؟
590 - مسألة : وإذا مات المحرم ما بين أن يحرم إلى أن تطلع الشمس من يوم النحر إن كان حاجا ، أو أن يتم طوافه وسعيه ، إن كان معتمرا - : فإن الفرض أن يغسل بماء وسدر فقط - إن وجد السدر - . ولا يمس بكافور ولا بطيب ، ولا يغطى وجهه ، ولا رأسه ؟ ولا يكفن إلا في ثياب إحرامه فقط ، أو في ثوبين غير ثياب إحرامه . وإن كانت امرأة فكذلك ، إلا أن رأسها تغطى ويكشف وجهها ، ولو أسدل عليه من فوق رأسها فلا بأس من غير أن تقنع ؟ فمن مات من محرم ، أو محرمة بعد طلوع الشمس من يوم النحر فكسائر الموتى ، رمى الجمار أو لم يرمها ؟ وقال أبو حنيفة ، ومالك : هما كسائر الموتى في كل ذلك - : برهان قولنا - : ما رويناه من طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن بشار نا محمد بن جعفر نا شعبة سمعت أبا بشر هو جعفر بن أبي وحشية - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن رجلا وقع عن راحلته فأقصعته فقال رسول الله ﷺ اغسلوه بماء وسدر ، ويكفن في ثوبين ، خارج رأسه ووجهه ، فإنه يبعث يوم القيامة يلبي } ومن طريق أحمد بن شعيب أنا عبدة بن عبد الله البصري أنا أبو داود هو الحفري - عن سفيان هو الثوري - عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { مات رجل فقال رسول الله ﷺ غسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثيابه ، ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة يلبي } . ومن طريق البخاري نا قتيبة نا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال { بينما رجل واقف مع رسول الله ﷺ بعرفة ، إذ وقع من راحلته فقال رسول الله ﷺ اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبين ، ولا تحنطوه ، ولا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } . ومن طريق البخاري نا أبو النعمان هو محمد بن الفضل عارم - نا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن رجلا وقصه بعيره ونحن مع رسول الله ﷺ وهو محرم ، فقال النبي ﷺ : اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبين ، ولا تمسوه طيبا ، ولا تخمروا رأسه ، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبدا } . ومن طريق أبي داود السجستاني نا عثمان بن أبي شيبة نا جرير هو ابن عبد الحميد - عن منصور هو ابن المعتمر - عن الحكم هو ابن عيينة - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال { وقصت برجل محرم ناقته فقتلته ، فأتي به رسول الله ﷺ فقال : اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبا ، فإنه يبعث يهل } . فهذا لا يسع أحدا خلافه ، لأنه كالشمس صحة ، رواه شعبة ، وسفيان ، وأبو عوانة ، ومنصور ، وحماد بن زيد . ورواه قبلهم أبو بشر ، وعمرو بن دينار ، والحكم ، وأيوب ، وأئمة المسلمين كلهم ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنه شهد القصة في حجة الوداع ، آخر حياة رسول الله ﷺ وصحت ألفاظ هذا الخبر كلها ، فلا يحل ترك شيء منها ، وأمر عليه السلام بذلك في محرم سئل عنه ، والمحرم يعم الرجل والمرأة ، والبعث والتلبية يجمعهما ، وبهما جاء الأثر ، والسبب المنصوص عليه في الحكم . فإن قيل : إنكم تجيزون للمحرم الحق أن يغطي وجهه ، وتمنعون ذلك الميت ؟ قلنا : نعم ، للنصوص الواردة في ذلك ، ولا يحل الاعتراض على رسول الله ﷺ فلم يأمر المحرم الحي بكشف وجهه ، وأمر بذلك في الميت ، فوقفنا عند أمره عليه السلام ، { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } وما ندري من أين وقع لهم أن لا يفرق الله تعالى بين حكم المحرم الحي والمحرم الميت ؟ أم في أي سنة وجدوا ذلك أم في أي دليل عقل ؟ ثم هم أول قائلين بهذا نفسه ، فيفرقون بين حكم المحرم الحي والمحرم الميت بآرائهم الفاسدة ، وينكرون ذلك على الله تعالى وعلى رسوله ﷺ . وقال بعضهم هذا : خصوص لذلك المحرم . فقلنا : هذا الكذب منكم ؛ لأن النبي ﷺ إنما أفتى بذلك في المحرم يموت إذ سئل عنه ، كما أفتى في المستحاضة ، وكما أفتى أم سلمة في أن لا تحل ضفر رأسها في غسل الجنابة وسائر ما استفتي فيه عليه السلام ؟ فأفتى فيه فكان عموما ؟ . ومن عجائب الدنيا أنهم أتوا إلى قوله عليه السلام { فإنه يبعث ملبدا } " ويلبي " " ويهل " فلم يستعملوه ، وأوقفوه على إنسان بعينه ، وأتوا إلى ما خصه عليه السلام من البر ، والشعير والتمر ، والملح ، والذهب ، والفضة - : فتعدوا بحكمها إلى ما لم يحكم عليه السلام قط بهذا الحكم فيه فإنما أولعوا بمخالفة الأوامر المنصوص عليها ؟ وقال بعضهم : قد صح عن عائشة أم المؤمنين ، وابن عمر : تحنيط المحرم إذا مات ، وتطييبه ، وتخمير رأسه ؟ قلنا : وقد صح عن عثمان ، وغيره خلاف ذلك - : كما روينا من طريق عبد الرزاق نا معمر عن الزهري قال : خرج عبد الله بن الوليد معتمرا مع عثمان بن عفان ، فمات بالسقيا وهو محرم ، فلم يغيب عثمان رأسه ، ولم يمسسه طيبا ، فأخذ الناس بذلك - : ومن طريق عبد الرزاق نا أبي قال : توفي عبيد بن يزيد بالمزدلفة وهو محرم فلم يغيب المغيرة بن حكيم رأسه في النعش - : ومن طريق حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي بن أبي طالب قال في المحرم ، يغسل رأسه بالماء والسدر ، ولا يغطى رأسه ، ولا يمس طيبا ؟ وهو قول الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأبي سليمان ، وغيرهم والعجب أن الزهري يقول : فأخذ الناس بذلك ، وهم يدعون الإجماع في أقل من هذا كدعواهم في الحد في الخمر : ثمانين ، وغير ذلك فإن قيل : قد خالف ابن عمر عثمان بعد ذلك ، فبطل أن يكون إجماعا ؟ قلنا : وقد خالف : عثمان ، وعلي ، والحسن ، وعبد الله بن جعفر : في حد الخمر بعد عمر ، فبطل أن يكون إجماعا ؟ وإذا تنازع السلف فالفرض علينا رد ما تنازعوا فيه إلى القرآن والسنة لا إلى قول أحد دونهما ؟ ومن طرائف الدنيا احتجاجهم في هذا بما رويناه من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله ﷺ قال { خمروا وجوههم ، ولا تشبهوا باليهود } . وهذا باطل لوجوه - : أولها - أنه مرسل ، ولا حجة في مرسل ؟ والثاني - أنه ليس فيه نص ولا دليل - لو صح - على أنه في المحرم أصلا ، بل كان يكون في سائر الموتى ؟ وثالثها - أنه لا يجوز أن يقوله عليه السلام أصلا ؛ لأنه عليه السلام لا يقول إلا الحق ، واليهود لا تكشف وجوه موتاها . فصح أنه باطل ، سمعه عطاء ممن لا خير فيه أو ممن وهم والرابع - : أنه لو صح مسندا في المحرمين لما كانت فيه حجة ؛ لأن خبر ابن عباس هو الآخر بلا شك ، ومن المحال أن يقول عليه السلام في أمر أمر به أنه تشبه باليهود ، وجائز أن ينهى عن التشبه باليهود قبل أن ينزل عليه الوحي ، ثم يأمر بمثل ذلك الفعل ، لا تشبها بهم كما قال عليه السلام في قول اليهودية في عذاب القبر ، ثم أتاه الوحي بصحة عذاب القبر واحتج بعضهم في هذا بالخبر الثابت { إذا مات الميت انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، وعلم علمه ، وولد صالح يدعو له } . وهذا لا حجة لهم فيه أصلا ؛ لأنه إنما فيه أنه انقطع عمله ، وهكذا نقول ، وليس فيه أنه ينقطع عمل غيره فيه ، بل غيره مأمور فيه بأعمال مفترضة ، من غسل ، وصلاة ، ودفن ، وغير ذلك ، وهذا العمل ليس هو عمل المحرم الميت ، إنما هو عمل الأحياء - فظهر تخليطهم وتمويههم واحتج بعضهم بقول الله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } وهذه إحالة منهم للكلم عن مواضعه ، ولم نقل قط : إن هذا من سعي الميت ، ولكنه من سعي الأحياء المأمور به في الميت كما أمرنا بأن لا نغسل الشهيد ولا نكفنه ، وأن ندفنه في ثيابه ، وليس هو عمل الشهيد ولا سعيه ، لكنه عملنا فيه وسعينا لأنفسنا الذي أمرنا به فيه ولا فرق ؟ والقول متحكمون بالآراء الفاسدة ولا مزيد إلا إن كانوا يحومون حول أن يعترضوا بهذا كله على قول النبي ﷺ : { فإنه يبعث ملبدا } " يلبي " " ويهل " فهذا ردة ؟ ولا فرق بين قوله عليه السلام { إن المحرم يبعث يوم القيامة يلبي ويهل وملبدا } وبين قوله عليه السلام { إن من يكلم في سبيل الله يأتي يوم القيامة يثعب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك } . وكل هذه فضائل لا تنسخ ولا ترد ، والقوم أصحاب قياس بزعمهم ، فهلا قالوا : المقتول في سبيل الله ، والميت محرما : كلاهما مات في سبيل الله تعالى ، وحكم أحدهما خلاف حكم الموتى ، فكذلك الآخر ؟ ولكنهم لا النصوص يتبعون ، ولا القياس يحسنون ، ولا شك في أن الشبه بين الجهاد ، والحج أقرب من الشبه بين السرقة ، والنكاح .
591 - مسألة : ونستحب القيام للجنازة إذا رآها المرء - وإن كانت جنازة كافر - حتى توضع أو تخلفه ، فإن لم يقم فلا حرج لما روينا من طريق البخاري نا قتيبة نا الليث هو ابن سعد - عن نافع عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي ﷺ قال : { إذا رأى أحدكم الجنازة فإن لم يكن ماشيا معها فليقم حتى يخلفها أو تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه } . ورويناه أيضا من طريق أيوب ، وابن جريج ، وعبيد الله بن عمر ، وعبد الله بن عون ، كلهم عن نافع عن ابن عمر مسندا . ومن طريق الزهري عن سالم عن أبيه مسندا . ومن طريق البخاري نا مسلم هو ابن إبراهيم - نا هشام هو الدستوائي - نا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال : { إذا رأيتم الجنازة فقوموا ، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع } . ومن طريق البخاري نا معاذ بن فضالة نا هشام هو الدستوائي - عن يحيى هو ابن أبي كثير عن عبيد الله بن مقسم عن { جابر قال مر بنا جنازة ، فقام لها النبي ﷺ وقمنا به فقلنا : يا رسول الله ، إنها جنازة يهودي ؟ قال : فإذا رأيتم الجنازة فقوموا } وبه يأخذ أبو سعيد - ويراه واجبا - وابن عمر ، وسهل بن حنيف ، وقيس بن سعد ، وأبو موسى الأشعري ، وأبو مسعود البدري ، والحسن بن علي ، والمسور بن مخرمة ، وقتادة ، وابن سيرين ، والنخعي ، والشعبي ، وسالم بن عبد الله ؟ ومن طريق مسلم نا محمد بن رمح بن المهاجر نا الليث هو ابن سعد - عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري - عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أن نافع بن جبير بن مطعم أخبره أن مسعود بن الحكم حدثه عن علي بن أبي طالب أنه قال : { قام رسول الله ﷺ ثم قعد يعني للجنازة } فكان قعوده ﷺ بعد أمره بالقيام مبينا أنه أمر ندب ، وليس يجوز أن يكون هذا نسخا ؛ لأنه لا يجوز ترك سنة متيقنة إلا بيقين نسخ ، والنسخ لا يكون إلا بالنهي ، أو بترك معه نهي ؟ فإن قيل : قد رويتم من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال : قمت إلى جنب نافع بن جبير في جنازة ، فقال لي : حدثني مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب قال { أمرنا رسول الله ﷺ بالقيام . ثم أمرنا بالجلوس } فهلا قطعتم بالنسخ بهذا الخبر ؟ قلنا : كنا نفعل ذلك ، لولا ما روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا يوسف بن سعيد نا حجاج بن محمد هو الأعور - عن ابن جريج عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري قالا جميعا : { ما رأينا رسول الله ﷺ شهد جنازة قط فجلس حتى توضع } . فهذا عمله عليه السلام المداوم ، وأبو هريرة وأبو سعيد ما فارقاه عليه السلام حتى مات ، فصح أن أمره بالجلوس إباحة وتخفيف ، وأمره بالقيام وقيامه ندب وممن كان يجلس : ابن عباس ، وأبو هريرة ، وسعيد بن المسيب .
592 - مسألة : ويجب الإسراع بالجنازة ، ونستحب أن لا يزول عنها من صلى عليها حتى تدفن ، فإن انصرف قبل الدفن فلا حرج ، ولا معنى لانتظار إذن ولي الجنازة ؟ أما وجوب الإسراع ، فلما رويناه من طريق مسلم نا أبو الطاهر نا ابن وهب : أخبرني يونس بن زيد عن ابن شهاب حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف عن أبي هريرة سمعت رسول الله ﷺ يقول : { أسرعوا بالجنازة ، فإن كانت صالحة قربتموها إلى الخير ، وإن كانت غير ذلك كان شرا تضعونه عن رقابكم } . وهو عمل الصحابة ، كما روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا علي بن حجر عن إسماعيل ابن علية وهشيم كلاهما عن عيينة بن عبد الرحمن عن { أبي بكرة قال : لقد رأيتنا مع رسول الله ﷺ وإنا لنكاد نرمل بالجنازة رملا } . ومن طريق مسلم نا محمد بن بشار نا يحيى بن سعيد القطان نا شعبة حدثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ أن رسول الله ﷺ قال : { من صلى على جنازة فله قيراط ، فإن شهد دفنها فله قيراطان - القيراط مثل أحد } . ورويناه أيضا من طريق ابن مغفل وأبي هريرة مسندا صحيحا ؟ قال أبو محمد : الإسراع بها أمر ، وهذا الآخر ندب ، وفي إباحته عليه السلام لمن صلى على الجنازة أن لا يشهد دفنها وجعل له مع ذلك قيراط أجر مثل جبل أحد - : بيان جلي بأنه لا معنى لإذن صاحب الجنازة - : روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق السبيعي أن ابن مسعود قال : إذا صليت على الجنازة فقد قضيت الذي عليك ، فخلها وأهلها ، وكان ينصرف ولا يستأذنهم ؟ وبه إلى معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن زيد بن ثابت : أنه كان ينصرف ولا ينتظر إذنهم ، يعني في الجنازة وبه يأخذ معمر . قال معمر : وهو قول الحسن ، وقتادة . وصح عن القاسم ، وسالم ، وروي عن عمر بن عبد العزيز
593 - مسألة : ويقف الإمام - إذا صلى على الجنازة - قبالة رأسه ومن المرأة قبالة وسطها - : قال مالك ، وأبو حنيفة يقف من الرجل قبالة وسطه ، ومن المرأة عند منكبها . وروي عن أبي حنيفة أيضا : يقف قبالة الصدر من كليهما ؟ برهان صحة قولنا ما رويناه من طريق أبي داود : نا داود بن معاذ نا عبد الوارث عن أبي غالب نافع قال { شهدت جنازة عبد الله بن عمير ، فصلى عليها أنس بن مالك وأنا خلفه ، فقام عند رأسه فكبر أربع تكبيرات ، ثم قالوا : يا أبا حمزة ، المرأة الأنصارية فقربوها وعليها نعش أخضر ، فقام عليها عند عجيزتها ، فصلى عليها نحو صلاته على الرجل فقال له العلاء بن زياد : يا أبا حمزة ، هكذا كان رسول الله ﷺ يصلي على الجنازة كصلاتك ، يكبر عليها أربعا ، ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة ؟ قال : نعم } ورويناه من طريق الحجاج بن المنهال نا همام بن يحيى عن نافع أبي غالب فذكر حديث أنس هذا ، وفي آخره : فأقبل العلاء بن زياد على الناس فقال : احفظوا ؟ قال أبو محمد : هذا مكان خالف فيه الحنفيون ، والمالكيون أصولهم ؛ لأنهم يشنعون بخلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف ، وهذا صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وقد خالفوه ؟ وقولنا هذا هو قول الشافعي ، وأحمد ، وأبي سليمان ، وإليه رجع أبو يوسف ؟ ولا نعلم لمن قال : يقف في كليهما عند الوسط - : حجة ، إلا أنهم قالوا : قسنا ذلك على وقوف الإمام مقابل وسط الصف خلفه ، وهذا أسخف قياس في العالم ؛ لأن الميت ليس مأموما للإمام فيقف وسطه وحجة من قال : يقف عند الصدر أنهم قالوا : كان ذلك قبل اتخاذ النعوش ، فيستر المرأة من الناس وهذا باطل ، ودعوى كاذبة بلا برهان ، وهذا عظيم جدا نعوذ بالله منه . ثم مع كذبه بارد باطل ، لأنه وإن ستر عجيزتها عن الناس لم يسترها عن نفسه ، وهو والناس سواء في ذلك ؟
| كتاب الجنائز (مسألة 594 - 606)
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الخامسة
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتاب الجنائز (مسألة 586 - 593) ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز (مسألة 594 - 606)
المؤلف: ابن حزم كتاب الجنائز (مسألة 607 - 615)
كتاب الجنائز
594 - مسألة : ولا يحل سب الأموات على القصد بالأذى ، وأما تحذير من كفر أو بدعة أو من عمل فاسد : فمباح ، ولعن الكفار : مباح ؟ لما روينا من طريق البخاري : نا آدم نا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة أم المؤمنين قالت : قال النبي ﷺ : { لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا } . وقد سب الله تعالى : أبا لهب ، وفرعون ، تحذيرا من كفرهما وقال تعالى : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل } وقال تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين } وأخبر عليه السلام { أن الشملة التي غلها مدعم تشتعل عليه نارا } ، وذلك بعد موته
595 - مسألة : ويجب تلقين الميت الذي يموت في ذهنه ولسانه منطلق - أو غير منطلق - شهادة الإسلام ، وهي " لا إله إلا الله محمد رسول الله " . لما روينا من طريق مسلم نا عمرو الناقد نا أبو خالد الأحمر عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : { لقنوا موتاكم لا إله إلا الله } . وصح هذا أيضا عن أم المؤمنين ، وروي عن عمر بن الخطاب ؟ وعن إبراهيم عن علقمة قال : لقنوني لا إله إلا الله وأسرعوا بي إلى حفرتي وأما من ليس في ذهنه فلا يمكن تلقينه ، لأنه لا يتلقن ؟ وأما من منع الكلام فيقولها في نفسه ، نسأل الله خير ذلك المقام
596 - مسألة : ويستحب تغميض عيني الميت إذا قضى ؟ لما روينا من طريق مسلم : حدثني زهير بن حرب نا معاوية بن عمرو نا أبو إسحاق الفزاري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة أم المؤمنين قالت { دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه } . وروينا عن عمر بن الخطاب : أنه أمر بتغميض أعين الموتى
597 - /218 مسألة /218 : ويستحب أن يقول المصاب " إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها " . لما روينا من طريق مسلم : نا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو أسامة عن سعد بن سعيد أخبرني عمر بن كثير بن أفلح سمعت ابن سفينة يحدث أنه سمع أم سلمة تقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول : { ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها } .
598 - /218 مسألة /218 : ونستحب الصلاة على المولود يولد حيا ثم يموت - استهل أو لم يستهل - وليس الصلاة عليه فرضا ما لم يبلغ ؟ أما الصلاة عليه فإنها فعل خير لم يأت عنه نهي أما ترك الصلاة عليه فلما روينا من طريق أبي داود : نا محمد بن يحيى بن فارس نا يعقوب بن سعد حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين قالت { مات إبراهيم بن رسول الله ﷺ وهو ابن ثمانية عشر شهرا ، فلم يصل عليه رسول الله ﷺ } . هذا خبر صحيح ولكن إنما فيه ترك الصلاة ، وليس فيه نهي عنها ، وقد جاء أثران مرسلان بأنه عليه السلام صلى عليه ، والمرسل لا حجة فيه ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا إسماعيل بن مسعود أنا خالد بن الحارث نا سعيد بن عبيد الله الثقفي سمعت زياد بن جبير بن حية يحدث عن أبيه عن المغيرة بن شعبة أنه ذكر أن رسول الله ﷺ قال { الراكب خلف الجنازة ، والماشي حيث شاء منها ، والطفل يصلى عليه } . وبهذا يأخذ جمهور الصحابة روينا من طريق الحجاج بن المنهال عن أبي عوانة عن قتادة عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر الصديق قال : أحق من صلينا عليه أطفالنا - : ومن طريق حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أنه صلى على منفوس إن عمل خطيئة قط قال : اللهم أعذه من عذاب القبر ومن طريق حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال - إذا استهل الصبي صلي عليه وورث ؟ ومن طريق حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر أنه قال : إذا تم خلقه فصاح : صلي عليه وورث ومن طريق شعبة : نا عمرو بن مرة قال : قال لي عبد الرحمن بن أبي ليلى : أدركت بقايا الأنصار يصلون على الصبي إذا مات ومن طريق يحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرزاق قال يحيى : نا عبيد الله هو ابن عمر - وقال عبد الرزاق : نا معمر عن أيوب ، ثم اتفق عبيد الله ، وأيوب كلاهما عن نافع قال : صلى عبد الله بن عمر على سقط له لا أدري استهل أم لا ؟ هذا لفظ أيوب ، وقال عبيد الله : " مولود " مكان " سقط " . ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال : السقط يصلى عليه ويدعى لأبويه بالعافية والرحمة ؟ ومن طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين : أنه كان يعجبه إذا تم خلقه أن يصلى عليه - : ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني { عن ابن سيرين أنه كان يدعو على الصغير كما يدعو على الكبير ، فقيل له : هذا ليس له ذنب ؟ فقال : والنبي ﷺ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأمرنا أن نصلي عليه ؟ } ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وأيوب ، قال قتادة : عن سعيد بن المسيب وقال أيوب : عن محمد بن سيرين قالا جميعا : إذا تم خلقه ونفخ فيه الروح : صلي عليه وإن لم يستهل وروينا عن قتادة عن سعيد بن المسيب في السقط لأربعة أشهر يصلى عليه ؟ قال قتادة : ويسمى ، فإنه يبعث أو يدعى يوم القيامة باسمه . ومن طريق البخاري نا أبو اليمان أنا شعيب هو ابن أبي حمزة - قال ابن شهاب : يصلى على كل مولود متوفى ، وإن كان لغية من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام - ثم ذكر حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ : { ما من مولود إلا يولد على الفطرة } . وقال الحسن ، وإبراهيم : يصلى عليه إذا استهل قال أبو محمد : لا معنى للاستهلال ، لأنه لم يوجبه نص ولا إجماع وقال حماد : إذا مات الصبي من السبي ليس بين أبويه صلي عليه ؟ وروي عن الزبير بن العوام : أنه مات له ابن قد لعب مع الصبيان واشتد ولم يبلغ الحلم ، اسمه عمر فلم يصل عليه ومن طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير قال : لا يصلى على الصبي ؟ ورويناه أيضا عن سويد بن غفلة
599 - /218 مسألة /218 : ولا نكره اتباع النساء الجنازة ، ولا نمنعهن من ذلك ؟ جاءت في النهي عن ذلك آثار ليس منها شيء يصح ، لأنها : إما مرسلة ، وإما عن مجهول ، وإما عمن لا يحتج به وأشبه ما فيه ما رويناه من طريق مسلم : نا إسحاق بن راهويه نا عيسى بن يونس عن هشام عن حفصة عن أم عطية قالت { نهينا عن اتباع الجنائز ، ولم يعزم علينا } . وهذا غير مسند ؛ لأننا لا ندري من هذا الناهي ؟ ولعله بعض الصحابة ثم لو صح مسندا لم يكن فيه حجة ، بل كان يكون كراهة فقط . بل قد صح خلافه كما روينا من طريق ابن أبي شيبة : نا وكيع عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي هريرة { أن رسول الله ﷺ كان في جنازة فرأى عمر امرأة ، فصاح بها فقال له رسول الله ﷺ دعها يا عمر فإن العين دامعة ، والنفس مصابة ، والعهد قريب } . وقد صح عن ابن عباس : أنه لم يكره ذلك ؟
600 - /218 مسألة /218 : ونستحب زيارة القبور ، وهو فرض ولو مرة ولا بأس بأن يزور المسلم قبر حميمه المشرك ، والرجال والنساء سواء ؟ لما روينا من طريق مسلم : نا أبو بكر بن أبي شيبة نا محمد بن فضيل عن أبي سنان هو ضرار بن مرة ، عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله ﷺ : { نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها } . ومن طريق مسلم : نا أبو بكر بن أبي شيبة نا محمد بن عبيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال { زار النبي ﷺ قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ، فقال : استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت } وقد صح عن أم المؤمنين ، وابن عمر ، وغيرهما : زيارة القبور ؟ وروي عن عمر النهي من ذلك ، ولم يصح
601 - /218 مسألة /218 : ونستحب لمن حضر على القبور أن يقول ما رويناه من طريق مسلم : نا زهير بن حرب نا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : { كان رسول الله ﷺ يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر ، فكان قائلهم يقول : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية } .
602 - /218 مسألة /218 : ونستحب أن يصلي على الميت مائة من المسلمين فصاعدا ؟ لما روينا من طريق مسلم : نا الحسن بن عيسى نا ابن المبارك أنا سلام بن أبي مطيع عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة أم المؤمنين عن عائشة أم المؤمنين عن النبي ﷺ قال { ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له : إلا شفعوا فيه } . قال : فحدثت به شعيب بن الحبحاب فقال : حدثني به أنس بن مالك عن النبي ﷺ . قال أبو محمد : الخبر الذي فيه { يصلي عليه أربعون } رواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، وهو ضعيف ؟ قال أبو محمد : الشفيع يكون بعد العقاب ، إلا أنه مخفف ما قد قضى الله تعالى أنه لولا الشفاعة لم يخفف ، وشفاعة رسول الله ﷺ التي هي أكبر الشفاعات تكون قبل دخول النار وبعد دخول النار كما جاءت - الآثار ، نعوذ بالله من النار
603 - /218 مسألة /218 : وإدخال الموتى في المساجد والصلاة عليهم حسن كله ، وأفضل مكان صلي فيه على الموتى في داخل المساجد . وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، ولم ير ذلك مالك ؟ برهان صحة قولنا - : ما روينا من طريق مسلم بن الحجاج : نا محمد بن حاتم نا بهز هو ابن أسد - نا وهيب هو ابن خالد - نا موسى بن عقبة عن عبد الواحد هو ابن حمزة - عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنه { لما توفي سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي ﷺ أن يمروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه ، ففعلوا ، فوقف به على حجرهن يصلين عليه ثم أخرج به من باب الجنائز الذي كان على المقاعد فبلغهن أن الناس عابوا ذلك ، وقالوا : ما كانت الجنائز يدخل بها المسجد ؟ فقالت عائشة : ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به ؟ عابوا علينا أن يمر بالجنازة في المسجد ، وما صلى رسول الله ﷺ على سهيل بن بيضاء إلا في جوف المسجد } ؟ ومن طريق مسلم : نا محمد بن رافع نا ابن أبي فديك أنا الضحاك بن عثمان عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنا عائشة أم المؤمنين قالت : { والله لقد صلى رسول الله ﷺ على ابني بيضاء - سهيل ، وأخيه - في المسجد } . ومن طريق عبد الرزاق عن معمر ، وسفيان الثوري ، كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه : أنه رأى الناس يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ ما صلي على أبي بكر الصديق إلا في المسجد ومن طريق ابن أبي شيبة : نا الفضل بن دكين عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر : أن عمر صلي عليه في المسجد فهذه أسانيد في غاية الصحة ، وفعل رسول الله ﷺ وأزواجه وأصحابه ، لا يصح عن أحد من الصحابة خلاف هذا أصلا ؟ قال علي : وقد شهد الصلاة عليها خيار الأمة ، فلم ينكروا ذلك ، فأين المشنع بعمل أهل المدينة - ؟ : واحتج من قلد مالكا في ذلك بما رويناه من طريق ابن أبي شيبة : نا حفص بن غياث عن ابن أبي ذئب عن مولى التوأمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ { : من صلى على جنازة في المسجد فلا صلاة له } . قال : وكان أصحاب رسول الله ﷺ إذا تضايق بهم المكان رجعوا ولم يصلوا ؟ ومن طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أيمن عن كثير بن عباس قال : لأعرفن ما صليت على جنازة في المسجد ؟ وقال بعضهم : الميت جيفة ، وينبغي تجنيب الجيف المساجد ؟ ما نعلم له شيئا موهوا به غير هذا ، وهو كله لا شيء أما الخبر عن النبي ﷺ وأصحابه فلم يروه أحد إلا صالح مولى التوأمة ، وهو ساقط ؟ ومن عجائب الدنيا تقليد المالكيين مالكا دينهم ، فإذا جاءت شهادته التي لا يحل ردها - لثقته - اطرحوها ولم يلتفتوا إليها فواخلافاه رويناه من طريق مسلم بن الحجاج قال : نا أبو جعفر الدارمي هو أحمد بن سعيد بن صخر - نا بشر بن عمر هو الزهراني قال : سألت مالك بن أنس عن صالح مولى التوأمة ؟ فقال : ليس بثقة . فكذبوا مالكا في تجريحه صالحا واحتجوا برواية صالح في رد السنن الثابتة وإجماع الصحابة ؟ وأما المنكرون إدخال سعد في المسجد فليس في الخبر إلا تجهيلهم ، وأنهم أنكروا ما لا علم لهم به ، فصح أنهم عامة جهال أو أعراب كذلك بلا شك ولا يصح لكثير بن عباس صحبة ؟ وأما قول من قال : الميت جيفة ، فقوله مرغوب عنه ، بل لعله إن تمادى عليه ولم يتناقض خرج إلى الكفر ، لأنه يلزمه ذلك في الأنبياء عليهم السلام . وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال { : المؤمن لا ينجس } فبطل قول هذا الجاهل . وصح أن المؤمن : طاهر طيب حيا وميتا - والحمد لله رب العالمين .
604 - /218 مسألة /218 - ولا بأس بأن يبسط في القبر تحت الميت ثوب ؟ لما روينا من طريق مسلم : نا محمد بن المثنى نا يحيى بن سعيد القطان نا شعبة نا أبو جمرة عن ابن عباس قال { : بسط في قبر رسول الله ﷺ قطيفة حمراء } . ورواه أيضا كذلك وكيع ، ومحمد بن جعفر ، ويزيد بن زريع ، كلهم عن شعبة بإسناده ؟ وهذا من جملة ما يكساه الميت في كفنه ، وقد ترك الله تعالى هذا العمل في دفن رسوله المعصوم من الناس . ولم يمنع منه ، وفعله خيرة أهل الأرض في ذلك الوقت بإجماع منهم ، لم ينكره أحد منهم . ولم يرد ذلك المالكيون ، وهم يدعون في أقل من هذا عمل أهل المدينة وقد تركوا عملهم هنا ، وفي الصلاة على الميت في المسجد ، وفي حديث صخر : أنه عملهم وحسبنا الله ونعم الوكيل
605 - /218 مسألة /218 : وحكم تشييع الجنازة أن يكون الركبان خلفها ، وأن يكون الماشي حيث شاء ، عن يمينها أو شمالها أو أمامها أو خلفها ، وأحب ذلك إلينا خلفها ؟ برهان ذلك - : ما روينا آنفا في باب الصلاة على الطفل من قول رسول الله ﷺ : { الراكب خلف الجنازة ، والماشي حيث شاء منها } . وما رويناه من طريق البخاري : نا أبو الوليد هو الطيالسي - نا شعبة عن الأشعث بن أبي الشعثاء قال : سمعت معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء بن عازب قال : { أمرنا رسول الله ﷺ باتباع الجنائز } . قال أبو محمد : فلفظ الاتباع لا يقع إلا على التالي ، ولا يسمى المتقدم تابعا ، بل هو متبوع ، فلولا الخبر الذي ذكرنا آنفا ، والخبر الذي روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري نا أبي نا همام هو ابن يحيى - نا سفيان ومنصور وزياد كلهم ذكر أنه سمع الزهري يحدث أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن أباه أخبره { أنه رأى النبي ﷺ وأبا بكر ، وعمر ، وعثمان يمشون بين يدي الجنازة } : لوجب أن يكون المشي خلفها فرضا لا يجزي غيره ، للأمر الوارد باتباعها ، ولكن هذان الخبران بينا أن المشي خلفها ندب . ولا يجوز أن يقطع في شيء من هذا بنسخ ، لأن استعمال كل ذلك ممكن . ولم يخف علينا قول جمهور أصحاب الحديث : أن خبر همام هذا خطأ ، ولكنا لا نلتفت إلى دعوى الخطأ في رواية الثقة إلا ببيان لا يشك فيه ؟ وقد روينا من طريق ابن أبي شيبة نا جرير بن عبد الحميد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال : كان أصحاب رسول الله ﷺ يمشون أمام الجنازة ؟ وقد جاءت آثار فيها إيجاب المشي خلفها ، لا يصح شيء منها ؛ لأن فيها أبا ماجد الحنفي ، والمطرح وعبيد الله بن زحر وكلهم ضعفاء . وفي الصحيح الذي أوردنا كفاية ، وبكل ذلك قال السلف . روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عروة بن الحارث عن زائدة بن أوس الكندي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال : كنت مع علي بن أبي طالب في جنازة ، وعلي آخذ بيدي ، ونحن خلفها ، وأبو بكر وعمر أمامها ، فقال علي : إن فضل الماشي خلفها على الذي يمشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ ، وإنهما ليعلمان من ذلك ما أعلم ، ولكنهما يسهلان على الناس وبهذا يقول سفيان ، وأبو حنيفة . ومن طريق عبد الرزاق عن أبي جعفر الرازي عن حميد الطويل قال : سمعت أنس بن مالك وقد سئل عن المشي أمام الجنازة فقال : إنما أنت مشيع ، فامش إن شئت أمامها ، وإن شئت خلفها ، وإن شئت عن يمينها وإن شئت عن يسارها ؟ ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قلت لعطاء : المشي وراء الجنازة خير أم أمامها ؟ قال : لا أدري . قال أبو محمد : قال مالك : المشي أمام أفضل ، واحتج أصحابه بفعل أبي بكر ، وعمر - : وعلي ، قد أخبر عنهما بغير ذلك ، فجعلوا ظن مالك أصدق من خبر علي
606 - /218 مسألة /218 : ومن بلع درهما أو دينارا أو لؤلؤة : شق بطنه عنها ، لصحة نهي رسول الله ﷺ عن إضاعة المال . ولا يجوز أن يجبر صاحب المال على أخذ غير عين ماله ، ما دام عين ماله ممكنا ، لأن كل ذي حق أولى بحقه ، وقد قال رسول الله ﷺ : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } . فلو بلعه وهو حي حبس حتى يرميه ، فإن رماه ناقصا ضمن ما نقص ، فإن لم يرمه : ضمن ما بلع ؟ ولا يجوز شق بطن الحي ، لأن فيه قتله ، ولا ضرر في ذلك على الميت - ولا يحل شق بطن الميت بلا معنى ؛ لأنه تعد ، وقد قال تعالى : { ولا تعتدوا } . فإن قيل : قد صح عن رسول الله ﷺ { كسر عظم الميت ككسره حيا } . قلنا : نعم ، ولم نكسر له عظما ، والقياس باطل ، ومن المحال أن يريد رسول الله ﷺ النهي عن غير كسر العظم فلا يذكر ذلك ويذكر كسر العظم ، ولو أن امرأ شهد على من شق بطن آخر بأنه كسر عظمه لكان شاهد زور ، وهم أول مخالف لهذا الاحتجاج ، ولهذا القياس ، فلا يرون القود ، ولا الأرش : على كاسر عظم الميت ؟ بخلاف قولهم في عظم الحي وبالله تعالى التوفيق .
| كتاب الجنائز (مسألة 607 - 615)
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة السادسة
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتاب الجنائز (مسألة 594 - 606) ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز (مسألة 607 - 615)
المؤلف: ابن حزم كتاب الجنائز (مسألة 616 - 623)
كتاب الجنائز
607 - /218 مسألة /218 : ولو ماتت امرأة حامل والولد حي يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق بطنها طولا ويخرج الولد ، لقول الله تعالى : { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } ومن تركه عمدا حتى يموت فهو قاتل نفس . ولا معنى لقول أحمد رحمه الله : تدخل القابلة يدها فتخرجه ، لوجهين - : أحدهما - أنه محال لا يمكن ، ولو فعل ذلك لمات الجنين بيقين قبل أن يخرج ، ولولا دفع الطبيعة المخلوقة المقدورة له وجر ليخرج لهلك بلا شك . والثاني - أن مس فرجها لغير ضرورة حرام .
608 - /218 مسألة /218 : ولا يحل لأحد أن يتمنى الموت لضر نزل به روينا من طريق أحمد بن شعيب : أنا قتيبة بن سعيد أنا يزيد بن زريع عن حميد عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال { : لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا لكن ليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي } . ورويناه أيضا بأسانيد صحاح من طريق أبي هريرة ، وخباب ؟ فإن ذكروا قول الله تعالى عن يوسف عليه السلام : { توفني مسلما وألحقني بالصالحين } فليس هذا على استعجال الموت المنهي عنه ، لكن على الدعاء بأن لا يتوفاه الله تعالى إذا توفاه إلا مسلما ، وهذا ظاهر الآية الذي لا تزيد فيه
609 - /218 مسألة /218 : ويحمل النعش كما يشاء الحامل ، إن شاء من أحد قوائمه ، وإن شاء بين العمودين ؟ وهو قول مالك ، والشافعي ، وأبي سليمان . وقال أبو حنيفة : يحمله من قوائمه الأربع . واحتج بما روينا من طريق ابن أبي شيبة : نا هشيم عن يعلى بن عطاء عن علي الأزدي قال : رأيت ابن عمر في جنازة فحمل بجوانب السرير الأربع ، ثم تنحى ؟ ؟ ومن طريق ابن أبي شيبة : نا حميد عن مندل عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن استطعت فابدأ بالقائمة التي تلي يده اليمين ، ثم أطف بالسرير ، وإلا فكن قريبا منها ؟ ومن طريق سعيد بن منصور عن عبيد بن نسطاس عن أبي عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود - قال : قال عبد الله - يعني أباه - : من تبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها ، فإنه من السنة ثم يتطوع بعد إن شاء أو ليدع . ومن طريق سعيد بن منصور : نا حبان بن علي حدثني حمزة الزيات عن بعض أصحابه : كان عبد الله بن مسعود يبدأ بميامن السرير على عاتقه اليمنى من مقدمه ، ثم الرجل اليمنى ، ثم الرجل اليسرى ، ثم اليد اليسرى ؟ ومن طريق ابن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد هو القطان - عن ثور عن عامر بن جشيب وغيره من أهل الشام قالوا : قال أبو الدرداء من تمام أجر الجنازة أن يشيعها من أهلها ، وأن يحملها بأركانها الأربع ، وأن يحثوا في القبر ؟ وروينا أيضا ذلك عن الحسن . قالوا : فقال ابن مسعود ، وأبو الدرداء : إنه من السنة ، ولا يقال : هذا إلا عن توقيف ؟ قال أبو محمد : أما هذا القول ففاسد ، لأن من عجائب الدنيا أن يأتوا إلى قول لم يصح عن ابن مسعود ، وأبي الدرداء ، فلا يستحيون من القطع بالكذب على رسول الله ﷺ بمثله ، ثم لا يلتفتون إلى قول ابن عباس الثابت عنه في قراءة أم القرآن في صلاة الجنازة إنها السنة . وقد صح عن النبي ﷺ تصديق قول ابن عباس هذا ، بقوله عليه السلام : { لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن } ولا يحل لأحد أن يضيف إلى رسول الله ﷺ قولا بالظن فيتبوأ مقعده من النار . وكل هذه الروايات لا يصح منها شيء إلا عن ابن عمر وأما رواية ابن عباس فعن مندل وهو ضعيف ؟ وأما خبرا ابن مسعود فمنقطعان ؛ لأن أبا عبيدة لا يذكر من أبيه شيئا ، وعامر بن جشيب غير مشهور وقد صح عن ابن عمر ، وغيره : خلاف هذا ؟ كما روينا من طريق سعيد بن منصور : نا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك قال : خرجت مع جنازة عبد الرحمن بن أبي بكر فرأيت ابن عمر جاء فقام بين الرجلين في مقدم السرير ، فوضع السرير على كاهله ، فلما وضع ليصلى عليه خلى عنه . ومن طريق ابن أبي شيبة عن وكيع عن عباد بن منصور عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال : من حمل الجنازة ثلاثا فقد قضى ما عليه . فإذ ليس في حملها نص ثابت عن رسول الله ﷺ فلا اختيار في ذلك . وكيفما حملها الحامل أجزأه .
610 - /218 مسألة /218 : ويصلى على الميت الغائب بإمام وجماعة . قد { صلى رسول الله ﷺ على النجاشي رضي الله عنه - ومات بأرض الحبشة - وصلى معه أصحابه عليه صفوفا } ، وهذا إجماع منهم لا يجوز تعديه ؟
611 - /218 مسألة /218 : ويصلى على كل مسلم ، بر ، أو فاجر ، مقتول في حد ، أو في حرابة ، أو في بغي ، ويصلي عليهم الإمام ، وغيره - ولو أنه شر من على ظهر الأرض ، إذا مات مسلما لعموم أمر النبي ﷺ بقوله { صلوا على صاحبكم } والمسلم صاحب لنا . قال تعالى : { إنما المؤمنون إخوة } . وقال تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } . فمن منع من الصلاة على مسلم فقد قال قولا عظيما ، وإن الفاسق لأحوج إلى دعاء إخوانه المؤمنين من الفاضل المرحوم ؟ وقال بعض المخالفين : إن رسول الله ﷺ لم يصل على " ماعز " ؟ قلنا : نعم ، ولم نقل إن فرضا على الإمام أن يصلي على من رجم ، إنما قلنا : له أن يصلي عليه كسائر الموتى ، وله أن يترك كسائر الموتى ، ولا فرق - وقد أمرهم عليه السلام بالصلاة عليه ، ولم يخص بذلك من لم يرجمه ممن رجمه وقد روينا من طريق أحمد بن شعيب : أنا عبيد الله بن سعيد نا يحيى هو ابن سعيد القطان - عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني ، قال { مات رجل بخيبر ، قال رسول الله ﷺ : صلوا على صاحبكم ، إنه قد غل في سبيل الله ، قال : ففتشنا متاعه ، فوجدنا خرزا من خرز يهود ، لا يساوي درهمين } . قال أبو محمد : وهؤلاء الحنفيون ، والمالكيون - المخالفون لنا في هذا المكان - لا يرون امتناع النبي ﷺ من الصلاة على الغال حجة في المنع من أن يصلي الإمام على الغال ، فمن أين وجب عندهم أن يكون تركه عليه السلام أن يصلي على " ماعز " حجة في المنع من أن يصلي على المرجوم الإمام ؟ وكلاهما ترك وترك إن هذا لعجب فكيف وقد صح أن رسول الله ﷺ صلى على من رجم ؟ - : كما روينا من طريق أحمد بن شعيب : أنا إسماعيل بن مسعود نا خالد هو ابن الحارث - نا هشام هو الدستوائي - عن يحيى هو ابن أبي كثير - عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين { أن امرأة من جهينة أتت إلى رسول الله ﷺ فقالت : إني زنيت - وهي حبلى - فدفعها إلى وليها ، وقال له : أحسن إليها ، فإذا وضعت فأتني بها ، فأمر بها فشكت عليها ثيابها ، ثم رجمها ، ثم صلى عليها ، فقال له عمر : تصلي عليها وقد زنت ؟ قال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها } . فقد صلى عليه السلام على من رجم فإن قيل : تابت ؟ قلنا : و " ماعز " تاب أيضا ولا فرق والعجب كله من منعهم الإمام من الصلاة على من أمر برجمه ، ولا يمنعون المتولين للرجم من الصلاة عليه : فأين القياس لو دروا ما القياس ؟ وروينا عن علي بن أبي طالب : أنه إذ رجم شراحة الهمدانية قال لأوليائها : اصنعوا بها كما تصنعون بموتاكم ؟ وصح عن عطاء أنه يصلى على ولد الزنى ، وعلى أمه ، وعلى المتلاعنين ، وعلى الذي يقاد منه ، وعلى المرجوم ، والذي يفر من الزحف فيقتل . قال عطاء : لا أدع الصلاة على من قال لا إله إلا الله . قال تعالى : { من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } قال عطاء : فمن يعلم أن هؤلاء من أصحاب الجحيم ؟ قال ابن جريج : فسألت عمرو بن دينار فقال : مثل قول عطاء وصح عن إبراهيم النخعي أنه قال : لم يكونوا يحجبون الصلاة عن أحد من أهل القبلة ، والذي قتل نفسه يصلى عليه . وأنه قال : السنة أن يصلى على المرجوم . فلم يخص إماما من غيره ؟ وصح عن قتادة : صل على من قال : لا إله إلا الله ، فإن كان رجل سوء جدا فقل : اللهم اغفر للمسلمين ، والمسلمات ، والمؤمنين ، والمؤمنات - ما أعلم أحدا من أهل العلم اجتنب الصلاة على من قال : لا إله إلا الله ؟ وصح عن ابن سيرين : ما أدركت أحدا يتأثم من الصلاة على أحد من أهل القبلة . وصح عن الحسن أنه قال : يصلى على من قال لا إله إلا الله وصلى إلى القبلة ، إنما هي شفاعة ؟ ومن طريق وكيع عن أبي هلال عن أبي غالب قلت لأبي أمامة الباهلي : الرجل يشرب الخمر ، أيصلى عليه ؟ قال : نعم ، لعله اضطجع مرة على فراشه فقال : لا إله إلا الله ، فغفر له ؟ وعن ابن مسعود : أنه سئل عن رجل قتل نفسه : أيصلى عليه ؟ فقال : لو كان يعقل ما قتل نفسه وصح عن الشعبي : أنه قال في رجل قتل نفسه : ما مات فيكم مذ كذا وكذا أحوج إلى استغفاركم منه ؟ وقد روينا في هذا خلافا من طريق عبد الرزاق عن أبي معشر عن محمد بن كعب عن ميمون بن مهران ، أنه شهد ابن عمر صلى على ولد زنى ، فقيل له : إن أبا هريرة لم يصل عليه ، وقال : هو شر الثلاثة ؟ فقال ابن عمر : هو خير الثلاثة وقد روينا من طريق وكيع عن الفضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر : أنه كان لا يصلي على ولد زنى ، صغير ولا كبير ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أنه قال له : لا يصلى على المرجوم ، ويصلى على الذي يقاد منه ، إلا من أقيد منه في رجم - فلم يخص الزهري إماما من غيره وأما الصلاة على أهل المعاصي فما نعلم لمن منع من ذلك سلفا من صاحب ، أو تابع في هذا القول ؟ وقولنا هذا هو قول سفيان ، وابن أبي ليلى ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان ؟ قال أبو محمد : لقد رجانا الله تعالى في العفو والجنة حتى نقول قد فزنا . ولقد خوفنا عز وجل حتى نقول : قد هلكنا ، إلا أننا على يقين من أن لا خلود على مسلم في النار - وإن لم يفعل خيرا قط غير شهادة الإسلام بقلبه ولسانه ، ولا امتنع من شر قط غير الكفر ، ولعله قد تاب من هذه صفته قبل موته ، فسبق المجتهدين ، أو لعل له حسنات لا نعلمها تغمر سيئاته فمن صلى على من هذه صفته ، أو على ظالم للمسلمين متبلغ فيهم ، أو على من له قبله مظالم لا يريد أن يغفرها له - : فليدع له كما يدعو لغيره ، وهو يريد بالمغفرة والرحمة ما يئول إليه أمره بعد القصاص ، وليقل : اللهم خذ لي بحقي منه
612 - /218 مسألة /218 : وعيادة مرضى المسلمين فرض - ولو مرة - على الجار الذي لا يشق عليه عيادته ، ولا نخص مرضا من مرض - : روينا من طريق البخاري : نا محمد هو ابن يحيى الذهلي - نا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي أخبرني ابن شهاب أخبرني ، سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : { حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس } . ومن طريق أبي داود : نا عبد الله بن محمد النفيلي نا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن زيد بن أرقم قال { : عادني رسول الله ﷺ من وجع كان بعيني } وقد { عاد رسول الله ﷺ عمه أبا طالب } . ومن طريق أبي داود : نا سليمان بن حرب نا حماد هو ابن سلمة - عن ثابت البناني عن أنس { أن غلاما من اليهود مرض فأتاه النبي ﷺ يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه فقال : أطع أبا القاسم ؟ فأسلم ، فقام النبي ﷺ وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار } . فعيادة الكافر فعل حسن ؟
613 - /218 مسألة /218 : ولا يحل أن يهرب أحد عن الطاعون إذا وقع في بلد هو فيه ؟ ومباح له الخروج لسفره الذي كان يخرج فيه لو لم يكن الطاعون ولا يحل الدخول إلى بلاد فيه الطاعون لمن كان خارجا عنه حتى يزول ؟ والطاعون هو الموت الذي كثر في بعض الأوقات كثرة خارجة عن المعهود - : لما روينا من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس قال : قال عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول الله ﷺ يقول { إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه } . قال أبو محمد : فلم ينه عليه السلام عن الخروج إلا بنية الفرار منه فقط ؟ وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها إباحة الفرار عنه ، ولا حجة في أحد مع رسول الله ﷺ .
614 - /218 مسألة /218 : ونستحب تأخير الدفن ولو يوما وليلة ، ما لم يخف على الميت التغيير ، لا سيما من توقع أن يغمى عليه . وقد مات رسول الله ﷺ يوم الاثنين ضحوة ، ودفن في جوف الليل من ليلة الأربعاء ؟ وروينا من طريق وكيع عن سفيان عن سالم الخياط عن الحسن قال : ينتظر بالمصعوق ثلاثا ؟ .
615 - /218 مسألة /218 : ويجعل الميت في قبره على جنبه اليمين ، ووجهه قبالة القبلة ، ورأسه ورجلاه إلى يمين القبلة ، ويسارها ، على هذا جرى عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله ﷺ إلى يومنا هذا ، وهكذا كل مقبرة على ظهر الأرض ؟
| كتاب الجنائز (مسألة 616 - 623)
محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة السابعة
< محلى ابن حزم - المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتاب الجنائز (مسألة 607 - 615) ابن حزم - المحلى كتاب الجنائز (مسألة 616 - 623)
المؤلف: ابن حزم كتاب الأعتكاف
كتاب الجنائز
616 - مسألة : وتوجيه الميت إلى القبلة حسن ، فإن لم يوجه فلا حرج . قال الله تعالى : { فأينما تولوا فثم وجه الله } . ولم يأت نص بتوجيهه إلى القبلة - : روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن جابر قال : سألت الشعبي ، عن الميت يوجه إلى القبلة ؟ فقال : إن شئت فوجهه ، وإن شئت فلا توجهه ، ولكن اجعل القبر إلى القبلة ، قبر رسول الله ﷺ وقبر أبي بكر ، وقبر عمر إلى القبلة ؟ - : ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري ، وابن جريج عن إسماعيل بن أمية : أن رجلا دخل على سعيد بن المسيب ، قال ابن جريج : حين حضره الموت وهو مستلق - فقال : وجهوه إلى القبلة ، فغضب سعيد وقال : ألست إلى القبلة ؟
617 - /218 مسألة /218 : وجائز أن تغسل المرأة زوجها ، وأم الولد سيدها ، وإن انقضت العدة بالولادة ، ما لم تنكحا ، فإن نكحتا لم يحل لهما غسله إلا كالأجنبيات وجائز للرجل أن يغسل امرأته ، وأم ولده ، وأمته ، ما لم يتزوج حريمتها ، أو يستحل حريمتها بالملك ، فإن فعل لم يحل له غسلها ؟ وليس للأمة أن تغسل سيدها أصلا ، لأن ملكها بموته انتقل إلى غيره . برهان ذلك - : قول الله تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم } : فسماها زوجة بعد موتها وهي - إن كانا مسلمين - امرأته في الجنة ، وكذلك أم ولده ، وأمته ، وكان حلالا له رؤية أبدانهن في الحياة وتقبيلهن ومسهن ، فكل ذلك باق على التحليل فمن ادعى تحريم ذلك بالموت فقول باطل إلا بنص ، ولا سبيل له إليه وأما إذا تزوج حريمتها ، أو تملكها ، أو تزوجت هي - : فحرام عليه الاطلاع على بدنيهما معا ، لأنه جمع بينهما . وكذلك حرام على المرأة التلذذ برؤية بدن رجلين معا ؟ وقولنا هو قول مالك ، والشافعي ، وأبي سليمان ؟ وقال أبو حنيفة : تغسل المرأة زوجها ؛ لأنها في عدة منه ، ولا يغسلها هو روينا من طريق ابن أبي شيبة عن معمر بن سليمان الرقي عن حجاج عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : الرجل أحق بغسل امرأته ومن طريق حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الرحمن بن الأسود قال : إني لأغسل نسائي ، وأحول بينهن وبين أمهاتهن وبناتهن وأخواتهن ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري سمعت حماد بن أبي سليمان يقول : إذا ماتت المرأة مع القوم فالمرأة تغسل زوجها ، والرجل امرأته ؟ ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء هو جابر بن زيد قال : الرجل أحق أن يغسل امرأته من أخيها ؟ ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح قال : يغسلها زوجها إذا لم يجد من يغسلها ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عمرو بن عبيد عن الحسن البصري قال : يغسل كل صاحبه - يعني الزوج ، والزوجة - بعد الموت ؟ ومن طريق وكيع عن الربيع عن الحسن قال : لا بأس أن يغسل الرجل أم ولده ؟ ومن طريق ابن أبي شيبة : نا أبو أسامة عن عوف هو ابن أبي جميلة - : أنه شهد قسامة بن زهير وأشياخا أدركوا عمر بن الخطاب وقد أتاهم رجل فأخبرهم أن امرأته ماتت فأمرته أن لا يغسلها غيره ؟ فغسلها ، فما منهم أحد أنكر ذلك ؟ وروينا أيضا من طريق سليمان بن موسى أنه قال : يغسل الرجل امرأته وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : إذا ماتت المرأة مع رجال ليس فيهم امرأة فإن زوجها يغسلها ؟ والحنفيون يعظمون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له منهم مخالف ، وهذه رواية عن ابن عباس لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وقد خالفوه وقد روي أيضا عن علي : أنه غسل فاطمة مع أسماء بنت عميس ؟ فاعترضوا على ذلك برواية لا تصح : أنها رضي الله عنها اغتسلت قبل موتها وأوصت ألا تحرك ، فدفنت بذلك الغسل . وهذا عليهم لا لهم ؛ لأنهم قد خالفوا في هذا أيضا عليا ، وفاطمة ، بحضرة الصحابة ؟ فإن ذكروا ما روينا من طريق ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن ليث عن يزيد بن أبي سليمان عن مسروق قال : ماتت امرأة لعمر ، فقال : أنا كنت أولى بها إذ كانت حية ، فأما الآن فأنتم أولى بها ؟ فلا حجة لهم فيه ، لأنه إنما خاطب بذلك ، أولياءها في إدخالها القبر والصلاة عليها ، ولا خلاف في أن الأولياء لا يجوز لهم غسلها ، ودليل ذلك أنه بلفظ خطاب المذكر ، ولو خاطب النساء لقال : أنتن أولى بها ، وعمر لا يلحن ؟
618 - /218 مسألة /218 : فلو مات رجل بين نساء لا رجل معهن ، أو ماتت امرأة بين رجال لا نساء معهم - : غسل النساء الرجل وغسل الرجال المرأة على ثوب كثيف ، يصب الماء على جميع الجسد دون مباشرة اليد ، لأن الغسل فرض كما قدمنا ، وهو ممكن كما ذكرنا بلا مباشرة ، فلا يحل تركه ، ولا كراهة في صب الماء أصلا - وبالله تعالى التوفيق . ولا يجوز أن يعوض التيمم من الغسل إلا عند عدم الماء فقط - وبالله تعالى التوفيق . وروينا أثرا فيه أبو بكر بن عياش عن مكحول { أن رسول الله ﷺ قال : ييممان } وهذا مرسل ، وأبو بكر بن عياش ضعيف ، فهو ساقط وممن قال بقولنا هذا طائفة من العلماء - : روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ، وقتادة قالا جميعا : تغسل وعليها الثياب ، يعنيان في المرأة تموت بين رجال لا امرأة معهم ومن طريق حماد بن سلمة عن حميد ، وزياد الأعلم ، والحجاج : قال حميد ، وزياد : عن الحسن ، وقال الحجاج عن الحكم بن عتيبة ، قالا جميعا - في المرأة تموت مع رجال ليس معهم امرأة - : أنها يصب عليها الماء من وراء الثياب والعجب أن القائلين أنها تيمم : فروا من المباشرة خلف ثوب وأباحوها على البشرة وهذا جهل شديد - وبالله تعالى التوفيق .
619 - /218 مسألة /218 : ولا ترفع اليدان في الصلاة على الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط ؛ لأنه لم يأت برفع الأيدي فيما عدا ذلك نص ؟ وروي مثل قولنا هذا عن ابن مسعود ، وابن عباس وهو قول أبي حنيفة ، وسفيان ؟ وصح عن ابن عمر رفع الأيدي لكل تكبيرة ، ولقد كان يلزم من قال بالقياس أن يرفعها في كل تكبيرة قياسا على التكبيرة الأولى .
620 - /218 مسألة /218 : وإن كانت أظفار الميت وافرة ، أو شاربه وافيا ، أو عانته : أخذ كل ذلك ؛ لأن النص قد ورد وصح بأن كل ذلك من الفطرة ، فلا يجوز أن يجهز إلى ربه تعالى إلا على الفطرة التي مات عليها وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة : أن سعد بن أبي وقاص حلق عانة ميت وهم يعظمون مخالفة الصاحب الذي لا يعرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا صاحب لا يعرف له منهم مخالف ؟ وعن عبد الرزاق عن معمر عن الحسن : في شعر عانة الميت إن كان وافرا ، قال : يؤخذ منه واحتج بعضهم بأن قال : فإن كان أقلف أيختن ؟ قلنا : نعم ، فكان ماذا ؟ والختان من الفطرة فإن قيل : فأنتم لا ترون أن يطهر للجنابة إن مات مجنبا ، ولا للحيض إن ماتت حائضا ، ولا ليوم الجمعة إن مات يوم الجمعة ، فما الفرق ؟ قلنا : الفرق أن هذه الأغسال مأمور بها كل أحد في نفسه ، ولا تلزم من لا يخاطب : كالمجنون ، والمغمى عليه ، والصغير . وقد سقط الخطاب عن الميت وأما قص الشارب ، وحلق العانة ، والإبط ، والختان : فالنص جاءنا بأنها من الفطرة ، ولم يؤمر بها المرء في نفسه ، بل الكل مأمورون بها ، فيعمل ذلك كله بالمجنون ، والمغمى عليه ، والصغير ؟
621 - /218 مسألة /218 : ويدخل الميت القبر كيف أمكن ، إما من القبلة ، أو من دبر القبلة ، أو من قبل رأسه أو من قبل رجليه ، إذ لا نص في شيء من ذلك . وقد صح عن علي أنه أدخل يزيد بن المكفف من قبل القبلة . وعن ابن الحنفية : أنه أدخل ابن عباس من قبل القبلة . وصح عن عبد الله بن زيد الأنصاري صاحب رسول الله ﷺ أنه أدخل الحارث الخارفي من قبل رجلي القبر . وروى قوم مرسلات لا تصح في إدخال النبي ﷺ - : فعن إبراهيم النخعي : { أنه عليه السلام أدخل من قبل القبلة } . وعن ربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وأبي الزناد ، وموسى بن عقبة : { أنه عليه السلام أدخل من قبل الرجلين } . وكل هذا لو صح لم تقم به حجة في الوجوب ، فكيف وهو لا يصح ؟ لأنه ليس فيه منع مما سواه .
622 - /218 مسألة /218 : ولا يجوز التزاحم على النعش ، لأنه بدعة لم تكن قبل ، وقد { أمر رسول الله ﷺ بالرفق } . روينا من طريق مسلم : نا محمد بن المثنى نا يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري نا منصور بن المعتمر عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير بن عبد الله عن النبي ﷺ قال : { من يحرم الرفق يحرم الخير } . ومن طريق وكيع عن الربيع عن الحسن : أنه كره الزحام على السرير ، وكان إذا رآهم يزدحمون قال : أولئك الشياطين . ومن طريق وكيع عن همام عن قتادة : أنه قال : شهدت جنازة فيها أبو السوار هو حريث بن حسان العدوي فازدحموا على السرير ، فقال أبو السوار : أترون هؤلاء أفضل أو أصحاب محمد ﷺ ؟ كان الرجل منهم إذا رأى محملا حمل ، وإلا اعتزل ولم يؤذ أحدا .
623 - /218 مسألة /218 : ومن فاته بعض التكبيرات على الجنازة كبر ساعة يأتي ، ولا ينتظر تكبير الإمام ، فإذا سلم الإمام أتم هو ما بقي من التكبير ، يدعو بين تكبيرة وتكبيرة كما كان يفعل مع الإمام ، لقول رسول الله ﷺ فيمن أتى إلى الصلاة أن يصلي ما أدرك ويتم ما فاته ، وهذه صلاة ، وما عدا هذا فقول فاسد لا دليل على صحته ، لا من نص ولا قياس ولا قول صاحب - وبالله تعالى التوفيق . 
 
قلت المدون هذا اخر كتاب الجنائز من المحلي لابن حزم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تصنيف المحلي لابن حزم

تصنيف:محلى ابن حزم:المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث صفحات تصنيف «محلى ابن حزم:المجلد الثاني»  الصفحات 90 التالية مصنّفة بهذا ا...