ب مم وبيسي

مم /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني /التجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة /صفائي /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي /الهندسة بأفرعها /لغة انجليزية2ث.ت1. /مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق /عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ /فيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق /فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات / /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني ثانوي.ت1. /ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث  ///بيسو /مدونات أمي رضي الله عنكي /نهاية العالم /مدونة تحريز نصوص الشريعة الإسلامية ومنع اللعب باالتأويل والمجاز فيها /ابن حزم الأندلسي /تعليمية /أشراط الساعة /أولا/ الفقه الخالص /التعقيبات /المدونة الطبية /خلاصة الفقه /معايير الآخرة ويوم الحساب /بر الوالين /السوالب وتداعياتها

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021

كتاب حجة الوداع لابن حزم



 الفصل الأول
مقدمة المؤلف
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والله حسبي
قال الشيخ الفقيه الإمام الأوحد الحافظ ناصر السنة أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب الأندلسي رحمه الله وغفر له بمنه وكرمه : الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، وصلى الله على محمد عبده ورسوله خاتم أنبيائه وسلم تسليما ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله .
أما بعد فإن الأحاديث كثرت في وصف عمل رسول الله ﷺ في حجة الوداع ، وأتت من طرق شتى وبألفاظ مختلفة ووصفت فصول ذلك العمل المقدس في أخبار كثيرة غير متصل ذكر بعض ذلك ببعض ، حتى صار هذا سببا إلى تعذر فهم تأليفها على أكثر الناس ، حتى ظنها قوم كثير متعارضة ، وترك أكثر الناس النظر فيها من أجل ما ذكرنا ، فلما تأملناها وتدبرناها بعون الله عز وجل لنا وتوفيقه إيانا ، لا بحولنا ولا بقوتنا ، رأيناها كلها متفقة ومؤتلفة منسردة متصلة بينة الوجوه واضحة السبل ، لا إشكال في شيء منها حاشا فصلا واحدا لم يلح لنا وجه الحقيقة في أي النقلين هو منها فنبهنا عليه وهو :
أين صلى رسول الله ﷺ الظهر يوم النحر ، أبمنى أم بمكة ؟
فلعل غيرنا يلوح له بيان ذلك ، فمن استبان له ما أشكل علينا منه يوما ما فليضفه إلى ما جمعناه ؛ ليقتني بذلك الأجر الجزيل من الله عز وجل ، فلما يئسنا من أين يشرق لنا وجه الصحيح مع طول البحث وتقري الأحاديث ، وبالله عز وجل نتأيد ، فلما وجدنا الآثار الواردة كما ذكرنا ، تكلفنا ذكرها وترتيبها وضمها واختصار التكرار ، إلا ما لم نجد مندوحة عن تكراره لضرورة إيراد لفظه ﷺ أو لفظ الراوي على نصه ؛ لئلا نحيل الرواية عما أخذناها عليه فنقع وأعوذ بالله تحت صفة الكذب ، التي لا شيء أقبح منها في الدنيا والآخرة ، وبالله تعالى التوفيق 
** ثم رأينا أن الأظهر في البيان على من أراد فهم هذا الباب والوقوف عليه ، كأنه شاهده أن يحكي بلفظنا ذكر عمله ﷺ منقلة منقلة ، من حين خروجه ﷺ من المدينة إلى مكة إلى حين رجوعه ﷺ إلى المدينة .
ثم نثني إن شاء الله تعالى بذكر الأحاديث الواردة بكيفية ما ذكرناه نحن بالأسانيد المتصلة الصحاح المنتقاة إلى رسول الله ﷺ ، إما بلفظه وإما بلفظ من شاهد فعله ﷺ ، من أصحابه ، رضي الله عن جميعهم ، ليكون ببينة عدل وشواهد حق على صدق ما أوردناه بألفاظنا من ذلك .
ثم نثلث إن شاء الله عز وجل بذكر ما ظن قوم أنه يعارض بعض هذه الآثار التي استشهدنا بها ، ونبين بتأييد الله تعالى لنا أنه لا تعارض في شيء من ذلك ببراهين ظاهرة لكل من له حظ من الإنصاف والتمييز حاشا الفصل الذي ذكرنا أنه اغتم علينا :
أي النقلين الواردين فيه هو الصحيح وأيهما هو الوهم ، فإننا أوردناهما معا وما عارضهما أيضا ، فما هو دونهما في الصحة ووقفنا حيث وقف بنا علمنا الذي آتاناه الله عز وجل واهب الفضائل لمن يشاء من عباده ، ولم نقتحم الحكم فيما لم نقف على بيانه ، ولا جسرنا على القطع فيما لم يلح لنا وجهه ، ولا قضينا بالنصين فيما لم نشرف على حقيقته ، ومعاذ الله من هذه الخطة ، فهي خطة خسف لا يرضى بها لنفسه ذو دين ولا ذو عقل ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وهذا حين نبدأ بحول الله وقوته في إيراد كيفية عمله ﷺ في ذلك ، فنقول وبالله تعالى التوفيق .
كتاب حجة الوداع مقدمة المؤلف ابن حزمالفصل الأول
-------------=====
الفصل الأول خلاصة في أعمال الحج
أعلم رسول الله ﷺ الناس أنه حاج ، ثم أمر بالخروج للحج فأصاب الناس بالمدينة جدري أو حصبة ، منعت من شاء الله تعالى أن تمنع من الحج معه ، فأعلم رسول الله ﷺ أن عمرة في رمضان تعدل حجة ، وخرج رسول الله ﷺ عامدا إلى مكة عام حجة الوداع التي لم يحج من المدينة منذ هاجر ﷺ إليها غيرها ، فأخذ على طريق الشجرة ، وذلك يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة سنة عشر نهارا بعد أن ترجل وادهن ، وبعد أن صلى الظهر بالمدينة وصلى العصر من ذلك اليوم بذي الحليفة ، وبات بذي الحليفة ليلة الجمعة ، وطاف تلك الليلة على نسائه ، ثم اغتسل ، ثم صلى الصبح بها ، ثم طيبته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بيدها بذريرة وطيب فيه مسك ، ثم أحرم ولم يغسل الطيب ، ثم لبد رأسه وقلد بدنته بنعلين ، وأشعرها في جانبها الأيمن وسلت الدم عنها ، وكانت هدي تطوع ، وكان ﷺ ، ساق الهدي مع نفسه ثم ركب راحلته ، وأهل حين انبعثت به من عند المسجد ، مسجد ذي الحليفة بالقران بالعمرة والحج معا ، وذلك قبل الظهر بيسير ، وقال ﷺ للناس بذي الحليفة : « من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليفعل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليفعل » .
وكان معه ﷺ من الناس جموع ، لا يحصيها إلا خالقهم ورازقهم عز وجل ، ثم لبى رسول الله ﷺ ، فقال ﷺ : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك » ، وقد روي أنه ﷺ زاد على ذلك ، فقال ﷺ : « لبيك إله الحق » ، وأتاه جبريل ﷺ ، فأمره أن يأمر أصحابه بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ، وولدت أسماء بنت عميس الخثعمية زوج أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، محمد بن أبي بكر ، فأمرها رسول الله ﷺ أن تغتسل وتستثفر بثوب ، وتحرم وتهل ، ثم نهض ﷺ وصلى الظهر بالبيداء ، ثم تمادى واستهل هلال ذي الحجة ليلة الخميس ، ليلة اليوم الثامن من يوم خروجه من المدينة ، فلما كان بسرف حاضت عائشة رضي الله عنها ، وكانت قد أهلت بعمرة ، فأمرها رسول الله ﷺ أن تغتسل وتنقض رأسها وتمتشط وتترك العمرة وتدعها وترفضها ، ولم تحل منها وتدخل على العمرة حجا ، وتعمل جميع أعمال الحج إلا الطواف بالبيت ، ما لم تطهر . وقال ﷺ وهو بسرف للناس : « من لم يكن منكم معه هدي ، فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ، ومن كان معه هدي فلا » ، فمنهم من جعلها عمرة كما أبيح له ، ومنهم من تمادى على نية الحج ولم يجعلها عمرة ، وهذا فيمن لا هدي معه ، وأما من معه الهدي فلم يجعلها عمرة أصلا وأمر ﷺ في بعض طريقه ذلك من معه شاء أن يهل بالقران : بالحج والعمرة معا . ثم نهض ﷺ إلى أن نزل بذي طوى ، فبات بها ليلة الأحد لأربع خلون لذي الحجة ، وصلى الصبح بها ، ودخل مكة نهارا من أعلاها من كداء من الثنية العليا صبيحة يوم الأحد المذكور المؤرخ فاستلم الحجر الأسود ، وطاف رسول الله ﷺ بالكعبة سبعا ، رمل ثلاثا منها ومشى أربعا يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل طوفة ، ولا يمس الركنين الآخرين اللذين في الحجر ، وقال بينهما { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} ثم صلى عند مقام إبراهيم ﷺ ركعتين ، يقرأ فيهما مع أم القرآن قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد جعل المقام بينه وبين الكعبة ، وقرأ ﷺ إذ أتى المقام قبل أن يركع { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه ، ثم خرج إلى الصفا والمروة ، فقرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) « أبدأ بما بدأ الله به » ، فطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره ، يخب ثلاثا ويمشي أربعا ، إذا رقي على الصفا استقبل الكعبة ونظر إلى البيت ووحد الله وكبره ، وقال ﷺ : « لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده » ، ثم يدعو ، ثم يفعل على المروة مثل ذلك ، فلما أكمل ﷺ الطواف والسعي أمر كل من لا هدي معه بالإحلال حتما ولا بد ؛ قارنا كان أو مفردا ، وأن يحلوا الحل كله ، من وطء النساء والطيب والمخيط ، وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية وهو يوم منى ، فيهلوا حينئذ بالحج ويحرموا حين ذلك عند نهوضهم إلى منى ، وأمر من معه الهدي بالبقاء على إحرامهم ، وقال لهم ﷺ حينئذ إذ تردد بعضهم : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي حتى اشتريته ، ولجعلتها عمرة ، ولأحللت كما أحللتم ، ولكني سقت الهدي ، فلا أحل حتى أنحر الهدي » .
وكان أبو بكر وعمر وطلحة والزبير وعلي ورجال من أهل الوفر ساقوا الهدي ، فلم يحلوا وبقوا محرمين ، كما بقي ﷺ محرما ؛ لأنه كان ساق الهدي مع نفسه ، وكان أمهات المؤمنين لم يسقن هديا فأحللن ، وكن قارنات حج وعمرة ، وكذلك فاطمة بنت النبي ﷺ وأسماء بنت أبي بكر ، أحلتا حاشا عائشة ، رضي الله عنها ، فإنها من أجل حيضها لم تحل كما ذكرنا ، وشكا علي فاطمة إلى النبي ﷺ إذ أحلت فصدقها النبي ﷺ في أنه هو أمرها بذلك ، وحينئذ سأله سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ، فقال : يا رسول الله متعتنا هذه ، ألعامنا هذا أم للأبد ؟
فشبك ﷺ بين أصابعه ، وقال : « بل لأبد الأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة » ، وأمر ﷺ من جاء إلى الحج على غير الطريق التي أتى ﷺ عليها ممن أهل بإهلال كإهلاله أن يثبتوا على أحوالهم ، فمن ساق معه الهدي لم يحل ، فكان علي في أهل هذه الصفة ، ومن كان منهم لم يسق الهدي أن يحل ، فكان أبو موسى الأشعري من أهل هذه الصفة ، وأقام ﷺ بمكة محرما من أجل هديه يوم الأحد المذكور والاثنين والثلاثاء والأربعاء وليلة الخميس ثم نهض صلى الله عليه وسلم ضحوة يوم الخميس ، وهو يوم منى ، وهو يوم التروية مع الناس إلى منى ، وفي ذلك الوقت أحرم بالحج من الأبطح كل من كان أحل من الصحابة رضي الله عنهم ، فأحرموا في نهوضهم إلى منى في اليوم المذكور ، فصلى رسول الله ﷺ بمنى الظهر من يوم الخميس المذكور والعصر والمغرب والعشاء الآخرة ، وبات بها ليلة الجمعة ، وصلى بها الصبح من يوم الجمعة ثم نهض ﷺ ، بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة المذكور إلى عرفة بعد أن أمر ﷺ بأن تضرب له قبة من شعر بنمرة ، فأتى ﷺ عرفة ، ونزل في قبته التي ذكرنا ، حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء ، فرحلت له ، ثم أتى بطن الوادي فخطب الناس على راحلته خطبة ذكر فيها ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض ، ووضع فيها أمور الجاهلية ودماءها ، وأول ما وضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بني سعد بن بكر من هوازن ، فقتله هذيل ، وذكر النسابون أنه كان صغيرا يحبو أمام البيوت ، وكان اسمه آدم ، فأصابه حجر غائر أو سهم غرب ، من يد رجل من بني هذيل فمات ، ثم نرجع إلى وصف عمله ﷺ ، ووضع أيضا ﷺ في خطبته بعرفة ربا الجاهلية ، وأول ربا وضعه ربا عمه العباس رضي الله عنه ، وأوصى بالنساء خيرا وأباحهم ضربهن غير مبرح ، إن عصين بما لا يحل وقضى لهن بالرزق والكسوة بالمعروف على أزواجهن .
وأمر بالاعتصام بعده بكتاب الله عز وجل وأخبر أنه لن يضل من اعتصم به وأشهد الله عز وجل على الناس أنه قد بلغهم ما يلزمهم ، فاعترف الناس بذلك ، وأمر ﷺ أن يبلغ ذلك الشاهد الغائب ، وبعثت إليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية ، وهي أم عبد الله بن العباس لبنا في قدح فشربه ﷺ أمام الناس ، وهو على بعيره فعلموا أنه ﷺ لم يكن صائما في يومه ذلك ، فلما أتم الخطبة المذكورة أمر بلالا فأذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، لكن صلاهما ﷺ بالناس مجموعتين في وقت الظهر بأذان واحد لهما معا وبإقامتين ، لكل صلاة منهما إقامة ، ثم ركب ﷺ راحلته حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة وجعل جبل المشاة بين يديه ، فلم يزل واقفا للدعاء ، وهنالك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم في جملة الحجيج فمات ، فأمر رسول الله ﷺ بأن يكفن في ثوبيه ولا يمس بطيب ولا يحنط ولا يغطى رأسه ولا وجهه ، وأخبر ﷺ أنه يبعث يوم القيامة ملبيا ، وسأله قوم من أهل نجد هنالك عن الحج ، فأعلمهم ﷺ بوجوب الوقوف بعرفة ووقت الوقوف بها ، وأرسل إلى الناس أن يقفوا على مشاعرهم ، فلم يزل واقفا للدعاء حتى إذا غربت الشمس من يوم الجمعة المذكور وذهبت الصفرة أردف أسامة بن زيد خلفه ، ودفع ﷺ وقد ضم زمام ناقته القصواء ، حتى إن رأسها ليصيب طرف رجله ، ثم مضى يسير العنق ، فإذا وجد فجوة نص ، وكلاهما ضرب من السير ، والنص آكدهما ، والفجوة الفسحة من الناس ، كلما أتى ربوة من تلك الروابي أرخى للناقة زمامها قليلا ، حتى تصعدها ، وهو ﷺ يأمر الناس بالسكينة في السير ، فلما كان في الطريق عند الشعب الأيسر ، نزل ﷺ فبال وتوضأ وضوءا خفيفا ، وقال لأسامة : « المصلى أمامك » أو كلاما هذا معناه ، ثم ركب حتى أتى المزدلفة ليلة السبت العاشرة من ذي الحجة ، فتوضأ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون خطبة ، ولكن بأذان واحد لهما وبإقامتين ، لكل صلاة منهما إقامة ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم اضطجع ﷺ بها ، حتى طلع الفجر ، فقام ﷺ وصلى الفجر بالناس بمزدلفة يوم السبت المذكور ، وهو يوم النحر ، وهو يوم الأضحى ، وهو يوم العيد ، وهو يوم الحج الأكبر مغلسا أول انصداع الفجر ، وهنالك سأله عروة بن مضرس الطائي ، وقد ذكر له عمله أنه حج ، فقال له ﷺ : « إن من أدرك الصلاة ، يعني صلاة الصبح ، بمزدلفة في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج ، وإلا فلم يدرك » .
واستأذنته سودة وأم حبيبة في أن تدفعا من مزدلفة ليلا ، فأذن لهما ولأم سلمة في ذلك وللنساء وللضعفاء بعد وقوف جميعهم بمزدلفة ، وذكرهم الله تعالى بها ، إلا أنه ﷺ أذن للنساء في الرمي بليل ولم يأذن للرجال في ذلك ، لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم ، وكان ذلك اليوم يوم كونه ﷺ عند أم سلمة ، فلما صلى ﷺ الصبح كما ذكرنا بمزدلفة أتى المشعر الحرام بها فاستقبل القبلة ودعا الله عز وجل بها ، وكبر وهلل ووحد ، ولم يزل واقفا بها حتى أسفر جدا ، وقبل أن تطلع الشمس ، فدفع ﷺ حينئذ من مزدلفة ، وقد أردف الفضل بن العباس وانطلق أسامة على رجليه في سباق قريش ، وهنالك سألت الخثعمية النبي ﷺ الحج عن أبيها الذي لا يطيق الحج ، فأمرها أن تحج عنه ، وجعل ﷺ يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر إليها وإلى النساء ، وكان الفضل أبيض وسيما ، وسأله أيضا ﷺ رجل عن مثل ما سألت عنه الخثعمية ، فأمره ﷺ بذلك ، ونهض ﷺ يريد منى ، فلما أتى بطن محسر حرك ناقته قليلا ، وسلك ﷺ الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى ، فأتى الجمرة التي عند الشجرة ، وهي جمرة العقبة ، فرماها ﷺ من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له عبد الله بن عباس من موقفه الذي رمى فيه مثل حصى الخذف ، وأمر بمثلها ونهى عن أكبر منها ، وعن الغلو في الدين ، فرماها ﷺ وهو على راحلته بسبع حصيات كما ذكرنا يكبر مع كل حصاة منها ، وحينئذ قطع ﷺ التلبية ولم يزل بمنى حتى رمى الجمرة التي ذكرنا ورماها ﷺ راكبا ، وبلال وأسامة أحدهما يمسك خطام ناقته ﷺ ، والآخر يظله بثوبه من الحر ، وخطب الناس ﷺ في اليوم المذكور وهو يوم النحر بمنى خطبة كرر فيها أيضا ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض والأبشار ، وأعلمهم عليه السلام فيها بحرمة يوم النحر وحرمة مكة على جميع البلاد ، وأمر بالسمع والطاعة لمن قاد بكتاب الله عز وجل ، وأمر الناس بأخذ مناسكهم فلعله لا يحج بعد عامه ذلك ، وعلمهم مناسكهم وأنزل المهاجرين والأنصار والناس منازلهم ، وأمر أن لا يرجعوا بعده كفارا ، وأن لا يرجعوا بعده ضلالا يضرب بعضهم رقاب بعض .
وأمر بالتبليغ عنه وأخبر أن رب مبلغ أوعى من سامع .
ثم انصرف ﷺ إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أمر ﷺ بنحر ما بقي منها مما كان علي أتى به من اليمن مع ما كان ﷺ أتى به من المدينة وكانت تمام المائة .
ثم حلق ﷺ رأسه المقدس وقسم شعره فأعطى نصفه الناس الشعرة والشعرتين ، وأعطى نصفه الثاني كله أبا طلحة الأنصاري ، وضحى عن نسائه بالبقر ، وأهدى عمن كان اعتمر منهن بقرة ، وضحى ﷺ في ذلك اليوم بكبشين أملحين ، وحلق بعض الصحابة ، وقصر بعضهم ، فدعا ﷺ للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة ، وأمر ﷺ أن يؤخذ من البدن التي ذكرنا من كل بدنة بضعة ، فجعلت في قدر وطبخت ، فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرقها ، وكان ﷺ قد أشرك عليا فيها ، ثم أمر عليا بقسمة لحومها كلها وجلودها وجلالها ، وأن لا يعطي الجازر منها على جزارتها شيئا ، وأعطاه ﷺ الأجرة على ذلك من عند نفسه ، وأخبر الناس أن عرفة كلها موقف حاشا بطن عرنة ، وأن مزدلفة كلها موقف حاشا بطن محسر ، وأن منى كلها منحر ، وأن رحالهم بمنى كلها منحر ، وأن فجاج مكة كلها منحر . ثم تطيب ﷺ قبل أن يطوف طواف الإفاضة ، ولإحلاله قبل أن يحل في يوم النحر ، وهو السبت المذكور ، طيبته عائشة رضي الله عنها بطيب فيه مسك بيديها ، ثم نهض ﷺ راكبا إلى مكة في يوم السبت المذكور نفسه فطاف في ذلك اليوم طواف الإفاضة وهو طواف الصدر قبل الظهر ، وشرب من ماء زمزم بالدلو ومن نبيذ السقاية .
ثم رجع من يومه ذلك إلى منى فصلى بها الظهر .
هذا قول ابن عمر ، وقالت عائشة وجابر : بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة ، وهذا الفصل الذي أشكل علينا الفصل فيه بصحة الطرق في كل ذلك ، ولا شك أن أحد الخبرين وهم ، والثاني صحيح ، ولا ندري أيهما هو .
وطافت أم سلمة في ذلك اليوم على بعيرها من وراء الناس وهي شاكية استأذنت النبي ﷺ في ذلك فأذن لها ، وطافت أيضا عائشة ذلك اليوم ، وفيه طهرت وكانت رضي الله عنها حائضا يوم عرفة ، وطافت أيضا صفية في ذلك اليوم ثم حاضت بعد ذلك ليلة النفر ، ثم رجع ﷺ إلى منى وسئل ﷺ حينئذ عما تقدم بعضه على بعض من الرمي والحلق والنحر والإفاضة ؟
فقال في ذلك : « لا حرج » ، وكذلك قال أيضا في تقديم السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالكعبة ، وأخبر ﷺ أن الله تعالى أنزل لكل داء دواء إلا الهرم ، وعظم إثم من اقترض عرض مسلم ظلما ، فأقام بمنى باقي يوم السبت ، وليلة الأحد ، ويوم الأحد ، وليلة الاثنين ، ويوم الاثنين ، وليلة الثلاثاء ، ويوم الثلاثاء ، وهذه هي أيام منى ، وهي أيام التشريق ، يرمي الجمرات الثلاث كل يوم من هذه الأيام الثلاثة بعد الزوال بسبع حصيات كل يوم لكل جمرة يبدأ بالدنيا وهي التي تلي مسجد منى ، ويقف عندها للدعاء طويلا ، ثم التي تليها وهي الوسطى ويقف عندها للدعاء كذلك ، ثم جمرة العقبة ولا يقف عندها ويكبر ﷺ مع كل حصاة , وخطب الناس أيضا يوم الأحد ثاني يوم النحر ، وهو يوم الرءوس ، وقد روي أيضا أنه ﷺ خطبهم أيضا يوم الاثنين وهو يوم الأكارع ، وأوصى بذوي الأرحام خيرا ، وأخبر ﷺ أنه لا تجني نفس على أخرى .
واستأذنه العباس عمه في المبيت بمكة ليالي منى المذكورة من أجل سقايته فأذن له ﷺ ، وأذن للرعاء أيضا في مثل ذلك اليوم . ثم نهض ﷺ بعد زوال الشمس من يوم الثلاثاء المؤرخ ، وهو آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة ، وهو يوم النفر إلى المحصب ، وهو الأبطح ، فضربت له قبته ضربها أبو رافع مولاه ، وكان على ثقله ﷺ ، وقد كان ﷺ قال لأسامة أن ينزل غدا بالمحصب خيف بني كنانة ، وهو المكان الذي ضرب فيه أبو رافع قبته وفاقا من الله عز وجل دون أن يأمره ﷺ بذلك .
وحاضت صفية أم المؤمنين ليلة النفر بعد أن أفاضت فأخبر بذلك رسول الله ﷺ فسأل : { أفاضت يوم النحر } ؟ فقيل : نعم ، فأمرها أن تنفر ، وحكم فيمن كانت حالها كحالها أيضا بذلك . وصلى ﷺ بالمحصب الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة ، وبات بها ﷺ ليلة الأربعاء المذكورة ، ورقد رقدة ، ولما كان يوم النحر وهو يوم النفر رغبت إليه عائشة بعد أن طهرت أن يعمرها عمرة منفردة ، فأخبرها ﷺ أنها قد حلت من عمرتها وحجتها ، وأن طوافها يكفيها ويجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعتمر عمرة مفردة ، فقال لها ﷺ : {ألم تكوني طفت ليالي قدمنا } ؟ قالت : لا ، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أخاها بأن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك ، وانتظرها ﷺ بأعلى مكة ، ثم انصرفت من عمرتها تلك ، وقال لها : { هذا مكان عمرتك } ، وأمر الناس أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت ، ورخص في ترك ذلك للحائض التي قد طافت طواف الإفاضة قبل حيضها .
ثم إنه ﷺ دخل مكة في الليل من ليلة الأربعاء المذكورة فطاف بالبيت طواف الوداع لم يرمل في شيء منه سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء المذكور .
ثم خرج من كداء أسفل مكة من الثنية السفلى ، والتقى بعائشة رضي الله عنها وهو ناهض في الطواف المذكور وهي راجعة من تلك العمرة التي ذكرنا ثم رجع ﷺ ، وأمر بالرحيل ومضى ﷺ من فوره ذلك راجعا إلى المدينة ، فكانت مدة إقامته ﷺ بمكة مذ دخلها إلى أن خرج إلى منى إلى عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب إلى أن وجه راجعا عشرة أيام ، فلما أتى ذا الحليفة بات بها ثم لما رأى المدينة كبر ثلاث مرات ، وقال : { لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده} ، ثم دخل ﷺ المدينة نهارا من طريق المعرس ، والحمد لله رب العالمين كثيرا ، وصلى الله على محمد عبده ورسوله وسلم .
كتاب حجة الوداع
مقدمة المؤلف | الفصل الأول | الفصل الثاني | الفصل الثالث
===========
الفصل الثاني الأدلة على أعمال الحج
هذا حين نأخذ إن شاء الله عز وجل في ذكر الأحاديث الشواهد لكل ما ذكرنا .
أما قولنا : أعلم رسول الله ﷺ الناس أنه حاج ، ثم خرج عليه السلام عامدا إلى مكة عام حجة الوداع التي لم يحج من المدينة منذ هاجر ﷺ إليها غيرها .
الحديث الأول
فلما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ، حدثنا محمد بن يوسف الفربري ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا زهير وهو ابن معاوية ، حدثنا أبو إسحاق هو السبيعي قال : حدثني زيد بن أرقم ، أن النبيﷺ غزا تسع عشرة غزوة ، وأنه حج بعدما هاجر حجة واحدة ، ولم يحج بعدها : حجة الوداع .
الحديث الثاني
ولما حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى البغدادي ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ، وأبو بكر بن أبي شيبة جميعا عن حاتم هو ابن إسماعيل المدني ، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، قال : دخلت على جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن حجة ، رسول الله ﷺ ، فقال بيده يعقد تسعا ، فقال إن رسول الله ﷺ مكث تسع سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله ﷺ حاج ، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ﷺ ، ويعمل مثل عمله .
وذكر باقي الحديث مما سنذكره في مواضعه إن شاء الله وأما قولنا : إنه ﷺ أمر بالحج معه فأصاب الناس بالمدينة جدري أو حصبة ، فأخبر ﷺ أن عمرة في رمضان كحجة ، وأن الحج من سبل الله .
الحديث الثالث
فلما أخبرنا أحمد بن عمر العذري ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي الكسائي ، أخبرنا العباس بن محمد الرافقي ، حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء القتيبي الرقي ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، عن ابن إسحاق ، حدثني عيسى بن معقل بن أبي معقل ، أخو بني أسد بن خزيمة ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أم معقل ، جدة عيسى بن معقل قالت : لما تهيأ رسول الله ﷺ لحجة الوداع أمر الناس بالخروج معه ، أصابتهم هذه القرحة الجدري أو الحصبة ، قالت : فدخل ما شاء الله أن يدخل لمرض أبي معقل ، ومرضت معه ، وذكرت حديثا طويلا ، فقالت : قال رسول الله ﷺ : « إذا فاتتك حجة معنا يا أم معقل فاعتمري عمرة في رمضان فإنها حجة » .
الحديث الرابع
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن عوف الطائي ، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي ، أسد خزيمة ، قال : حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن جدته أم معقل ، قالت : لما حج رسول الله ﷺ حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله ، فأصابنا مرض ، وهلك أبو معقل وخرج رسول الله ﷺ فلما فرغ جئته ، فقال : « ما منعك أن تخرجي معنا ؟ » فقالت : لقد تهيأنا فهلك أبو معقل ، وكان لنا جمل هو الذي يحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله ، قال : « فهلا خرجت عليه فإن الحج في سبيل الله فأما إذا فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها كحجة » .
أخبرني أحمد بن عمر ، حدثنا أحمد بن محمد غندر ، حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله البجلي ، حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو ، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عيسى بن معقل بن أبي معقل ، حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن جدته أم معقل ، فذكر هذا الحديث بنصه .
الحديث الخامس
ثم قال ابن إسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أبيه أبي بكر ، قال كنت في الناس مع مروان حين دخل عليها ، يعني على أم معقل فسمعناها تحدث بهذا الحديث ، فكان أبو بكر لا يعتمر إلا في العشر الأواخر من رمضان لذلك من حديث أم معقل .
الحديث السادس
وأما قولنا فأخذ على طريق الشجرة فلما حدثنا حمام بن أحمد ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي ، حدثنا أبو زيد المروزي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا أنس بن عياض ، عن عبيد الله هو ابن عمر ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرس ، وأن رسول الله ﷺ كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة ، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي ، وبات حتى يصبح وأما قولنا : وذلك يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة . فقد ذكرنا أن ذلك كان في السنة العاشرة في الحديث الذي أوردناه آنفا من طريق جابر .
الحديث السابع
ولما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا الحسن بن صباح ، سمع جعفر بن عون ، حدثنا أبو العميس ، أخبرنا قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بن الخطاب ، أن رجلا ، من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا - معشر اليهود - أنزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، فقال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على رسول الله ﷺ : وهو قائم بعرفة يوم الجمعة .
الحديث الثامن
ولما حدثناه الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا موسى بن عقبة ، أخبرني كريب ، عن ابن عباس ، قال : انطلق النبي ﷺ من المدينة بعدما ترجل وادهن ، ولبس إزاره ورداءه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، فأصبح بذي الحليفة ، ركب على راحلته حتى استوى على البيداء وذلك لخمس بقين من ذي القعدة فقدم مكة أربع ليال خلون من ذي الحجة .
الحديث التاسع
ولما حدثناه الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، قال : صلى رسول الله ﷺ ونحن معه الظهر بالمدينة أربعا ، والعصر بذي الحليفة ركعتين ، ثم بات بها حتى أصبح ، ثم ركب حتى استوت به راحلته على البيداء ، فحمد الله عز وجل ، وسبح ، ثم أهل بحج وعمرة ، فقد نص ابن عباس كما ترى على أن اندفاعه ﷺ من ذي الحليفة كان لخمس بقين من ذي القعدة ، ونص أنس على أنه ﷺ خرج من المدينة نهارا بعد أن صلى بها الظهر ، وصلى العصر بذي الحليفة وبات بها فكان ذلك بلا شك لست بقين من ذي القعدة ، وقد نص عمر كما ترى على أن يوم عرفة كان في تلك الحجة يوم جمعة ، ويوم عرفة هو التاسع من ذي الحجة ، فإذا كان اليوم التاسع من ذي الحجة يوم الجمعة فاستهلال ذي الحجة بلا شك كان ليلة الخميس .
وإذا كان أول أيامه يوم الخميس بلا شك فآخر ذي القعدة كان اليوم الذي قبل يوم الخميس المذكور بلا شك ، فهو باليقين يوم الأربعاء .
وإذا كان آخر يوم من ذي القعدة يوم الأربعاء وكان خروجه ﷺ من المدينة لست ليال بقين لذي القعدة كما ذكرنا فكان خروجه ﷺ من المدينة يوم الخميس بلا شك لأن الباقي بعد يوم الخميس من ذي القعدة المذكورة ست ليال ، وهي ليلة الجمعة ، وليلة السبت ، وليلة الأحد ، وليلة الإثنين ، وليلة الثلاثاء ، وليلة الأربعاء ، وهي آخر ليال ذي القعدة كما ذكرنا وأما قولنا : نهارا بعد أن ترجل وادهن وبعد أن صلى الظهر بالمدينة ، والعصر من ذلك اليوم بذي الحليفة ، وبات بذي الحليفة ليلة الجمعة .
فلما ذكرناه آنفا من حديث أنس من صلاتهم معه ﷺ بالمدينة الظهر أربعا ، وبذي الحليفة العصر ركعتين .
ولما ذكرناه أيضا في الفصل الذي قبل هذا الفصل في حديث ابن عباس من الترجل والادهان .
وأما المبيت بذي الحليفة فقد ذكرناه أيضا في الفصل الذي قبل هذا في حديث أنس .
وأما مبيته ﷺ بها ليلة الجمعة فإنه قد صح كما ذكرنا أن خروجه ﷺ كان يوم الخميس إلى ذي الحليفة ، وبات بها فهي ليلة الجمعة بلا شك وأما قولنا : وطاف على نسائه ثم اغتسل تلك الليلة ، وصلى بها الصبح .
الحديث العاشر
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي ، حدثنا خالد يعني ابن الحارث ، حدثنا شعبة ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، قال : سمعت أبي يحدث ، عن عائشة ، أنها قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ ، ثم يطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ينضح طيبا .
ولما ذكرناه آنفا أنه ﷺ بات بذي الحليفة حتى أصبح .
الحديث الحادي عشر
ولما حدثناه عبد الله بن ربيع التميمي ، حدثنا محمد بن معاوية المرواني ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا إسحاق بن راهويه ، أخبرنا النضر بن شميل ، حدثنا أشعث يعني ابن عبد الملك الحمراني ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، عن أنس ، أن رسول الله ﷺ صلى الظهر بالبيداء ، ثم ركب ، وصعد جبل البيداء ، وأهل بالحج والعمرة حين صلى الظهر .
ففي هذا الحديث بيان أنه ﷺ صلى الظهر بالبيداء ، وقد ذكرنا أنه أصبح بذي الحليفة ، والبيداء قريب من ذي الحليفة ، فصح أنه ﷺ بقي بعد الإصباح بذي الحليفة حينا طويلا إلى قبل الظهر ، فتيقنا أنه ﷺ صلى الصبح بها .
وأما الاغتسال فلا شك فيه عند مسلم ، بعد طوافه على نسائه .
وليس حديث الحسن عن أنس هذا مخالفا لما نورده من إهلاله ﷺ من مسجد ذي الحليفة ؛ لأنه ﷺ أهل من مواضع شتى ، فصدق كل صاحبه ؛ لأنه حكى ما سمع ، وللزائد فضل مشاهدته وعلمه على ما يشاهده غيره ، وبالله التوفيق وأما قولنا : ثم طيبته ﷺ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بيديها بذريرة وبطيب فيه مسك ، ثم أحرم ولم يغسل الطيب عن نفسه .
الحديث الثاني عشر
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا محمد بن بكر ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة ، أنه سمع عروة ، والقاسم بن محمد ، يخبران أن عائشة قالت : طيبت رسول الله ﷺ بيدي بذريرة في حجة الوداع للحل والإحرام .
الحديث الثالث عشر
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، أخبرني أحمد بن منيع ، ويعقوب الدورقي ، قال : حدثنا هشام ، أخبرنا منصور ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ قبل أن يحرم ويحل ، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك .
الحديث الرابع عشر

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، زوج النبي ﷺ قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ لإحرامه حين يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت .
وروى أيضا عروة مثل ذلك نصا .
الحديث الخامس عشر

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثني أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان هو الثوري ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير ، قال في حديث : حدثنا إبراهيم النخعي ، حدثني الأسود ، قال : قالت عائشة : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله ﷺ وهو محرم .
الحديث السادس عشر

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، قالا : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله ﷺ وهو يلبي .
الحديث السابع عشر

وبه إلى مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد الواحد ، . قال مسلم : وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا الضحاك بن مخلد ، قال : حدثنا سفيان هو الثوري ، كلاهما عن الحسن بن عبيد الله ، حدثنا إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله ﷺ وهو محرم .
الحديث الثامن عشر

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمود بن غيلان المروزي ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، أنبأنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في أصول شعر رسول الله ﷺ وهو محرم .
الحديث التاسع عشر

حدثنا أحمد بن قاسم ، قال : حدثني أبي قاسم بن محمد بن قاسم ، قال : حدثني جدي ، قاسم بن أصبغ البياني ، حدثنا أبو إسماعيل هو الترمذي محمد بن إسماعيل ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : رأيت الطيب في مفرق رسول الله ﷺ بعد ثالثة وهو محرم وأما قولنا : ثم لبد رأسه ، وقلد بدنته بنعلين ، وأشعرها في جانبها الأيمن ، وسلت الدم عنها ، وكانت هدي تطوع ، وكان عليه السلام ساق الهدي مع نفسه ، ثم ركب راحلته .
الحديث العشرون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام هو الدستوائي ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن ابن عباس ، أن نبي الله ﷺ لما أتى ذا الحليفة دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن ، وسلت الدم ، وقلدها نعلين ، ثم ركب راحلته .
الحديث الحادي والعشرون

وحدثنا أيضا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن علي أبو حفص الفلاس ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي حسان الأعرج ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ لما كان بذي الحليفة أمر ببدنته فأشعر في سنامها من الشق الأيمن ، ثم سلت الدم عنها ، وقلدها نعلين ، وذكر باقي الحديث .
الحديث الثاني والعشرون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، قال : تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى ، فساق معه الهدي من ذي الحليفة ، وذكر باقي الحديث .
الحديث الثالث والعشرون

وبه إلى مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن حفصة ، زوج النبي ﷺ قالت : يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت ؟ قال : « إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر » ففي هذا ذكر التلبيد .
الحديث الرابع والعشرون

وبه إلى مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ، عن حاتم بن إسماعيل المدني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : دخلت على جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن حجة ، رسول الله ﷺ ، فذكر الحديث ، وفيه : أن رسول الله ﷺ نحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أعطى عليا رضي الله عنه فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت ، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ، فهذا بيان أنه كان تطوعا ، ولو كان فرضا ما أكل منه ﷺ ، وأيضا فلا خلاف بين أحد في أنه لا يكون مقدار هذا العدد الكثير واجبا ، فصح أنه كان تطوعا وأما قولنا : وأهل ﷺ حين انبعثت به راحلته من عند مسجد ذي الحليفة بالقران ، وقال ﷺ : « لبيك عمرة وحجا » .
الحديث الخامس والعشرون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن مسهر ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا وضع رجله في الغرز ، وانبعثت به راحلته قائمة أهل من ذي الحليفة
الحديث السادس والعشرون

ولما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، عن أبي إسحاق البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، أنه سمع أباه ، يقول : ما أهل رسول الله ﷺ إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة ، هكذا نص الحديث .
الحديث السابع والعشرون
ولما حدثناه الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، فذكر الحديث ، وفيه : ثم أهل ﷺ بحج وعمرة وذكر باقي الحديث .
الحديث الثامن والعشرون

ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا هشيم ، حدثنا حميد ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : « لبيك عمرة وحجا » .
الحديث التاسع والعشرون

ولما حدثناه حمام بن أحمد ، حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا هشيم ، أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق ، وحميد الطويل ، وعبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك ، أنهم سمعوه يقول : سمعت النبي ﷺ يلبي بالعمرة والحج جميعا يقول : « لبيك عمرة وحجا ، لبيك عمرة وحجة » .
وقد روي هذا أيضا عن عائشة ، وابن عمر ، وجابر ، وغيرهم وأما قولنا : وقال ﷺ بذي الحليفة للناس : { من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل } .
الحديث الثلاثون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان هو ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ فقال : « من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل » .
الحديث الحادي والثلاثون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد قال أبو داود : حدثنا أيضا ، موسى بن إسماعيل قال : حدثنا وهيب بن خالد ، وحماد بن سلمة ، قالوا كلهم عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ موافين هلال ذي الحجة ، فلما كان بذي الحليفة قال : « من شاء أن يهل بحج فليهل ، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل » وأما قولنا : وكان معه ﷺ من الناس جموع لا يحصيها إلا خالقهم ورازقهم عز وجل .
الحديث الثاني والثلاثون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، وذكر ، حجة النبي ﷺ فقال : ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك وأما قولنا : وكان معه ، ثم لبى ﷺ فقال : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك » .
وقد روي أنه ﷺ زاد على ذلك فقال : « لبيك إله الحق » ، وأتاه جبريل ﷺ فأمره أن يأمر أصحابه بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية .
الحديث الثالث والثلاثون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : إن سالم بن عبد الله أخبرني ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يهل ملبدا يقول : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك » . لا يزيد على هؤلاء الكلمات .
الحديث الرابع والثلاثون
ولما حدثناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا قتيبة ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : كان من تلبية النبي ﷺ: « لبيك إله الحق » . قال أحمد بن شعيب : لا أعلم أحدا أسند هذا الحديث إلا عبد الله بن الفضل ، وهو ثقة . قال أبو محمد : زيادة الثقة مقبولة ، وابن عمر اقتصر على ما سمع وليس مغيب ما ذكره أبو هريرة عن علم ابن عمر حجة على علم أبي هريرة ، وكلاهما قال ما سمع بلا شك .
الحديث الخامس والثلاثون
أخبرني أحمد بن قاسم ، قال لي أبي قاسم بن محمد : قال لي جدي قاسم بن أصبغ : حدثنا ابن وضاح ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله ﷺ قال في تلبيته : « لبيك إله الحق لبيك » .
الحديث السادس والثلاثون
حدثنا عبد الله ، ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، هو ابن راهويه ، أخبرنا سفيان هو ابن عيينة ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، رضي الله عنه ، عن خلاد بن السائب ، عن أبيه ، عن رسول الله ﷺ قال : « » جاءني جبريل فقال : يا محمد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية « » وأما قولنا : وولدت أسماء بنت عميس الخثعمية زوج أبي بكر رضي الله عنه بالشجرة محمد بن أبي بكر ، فأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم وتهل .
الحديث السابع والثلاثون
فلما حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن عبد الله بن عمر ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله ﷺ أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل .
الحديث الثامن والثلاثون
ولما حدثنا أيضا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حديث حجة الوداع : أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى ذا الحليفة ، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله ﷺ كيف تصنع ؟ فقال : « اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي » وأما قولنا : ونهض ﷺ واستهل هلال ذي الحجة ليلة الخميس اليوم الثامن من خروجه ﷺ من المدينة ، فقد أثبتنا فيما حل من هذا الكتاب أنه ﷺ خرج من المدينة يوم الخميس لست بقين لذي القعدة ، فانسلخ ذو القعدة بلا شك يوم الأربعاء ، فاستهل ذو الحجة بلا شك ليلة الخميس كما قلنا ، وأيضا فقد صح أن يوم عرفة كان في تلك الحجة يوم الجمعة فكان استهلال ذي الحجة بلا شك ليلة الخميس ؛ لأن يوم عرفة هو التاسع من ذي الحجة . وأما قولنا : فلما كان بسرف حاضت عائشة رضي الله عنها وكانت قد أهلت بعمرة ، فأمرها رسول الله ﷺ أن تنقض رأسها وتمتشط ، وتدع العمرة وتتركها وترفضها ، وأن تدخل على العمرة حجا وتعمل جميع أعمال الحج حاشا الطواف بالبيت ما لم تطهر .
الحديث التاسع والثلاثون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني حسن بن علي الحلواني ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني إبراهيم بن نافع ، حدثني عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عائشة ، أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال لها رسول الله ﷺ : « يجزئ عنك طوافك بالبيت عن حجتك وعمرتك » .
الحديث الأربعون
ولما حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق بن السليم ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها قالت : لبثنا بالحج حتى إذا كنت بسرف حضت ، فدخلت على رسول الله ﷺ وأنا أبكي ، فقال : « ما يبكيك يا عائشة ؟ » قلت : حضت ، ليتني لم أكن حججت ، فقال : « سبحان الله إنما ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم انسكي المناسك كلها ، غير أن لا تطوفي البيت » .
الحديث الحادي والأربعون
ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث هو ابن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أنه قال : أقبلنا مع رسول الله ﷺ مهلين بحج مفردا ، وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت ، وذكر الحديث ، وفيه : ثم دخل رسول الله ﷺ على عائشة فوجدها تبكي قال : « ما شأنك ؟ » قالت : شأني قد حضت وقد حل الناس ، ولم أحلل ، ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن ، فقال : « إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فاغتسلي ثم أهلي بالحج » ، ففعلت ووقفت المواقف كلها ، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة ، وبالصفا والمروة ، ثم قال عليه السلام : « قد حللت من حجك وعمرتك جميعا » . فقالت : يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت ، قال : « فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم » .
الحديث الثاني والأربعون
ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا بهز هو ابن أسد ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن عائشة ، : أنها أهلت بعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها ، وقد أهلت بالحج فقال لها النبي ﷺ يوم النفر : « يسعك طوافك لحجك وعمرتك » ، فأبت فبعثها مع عبد الرحمن بن أبي بكر أخيها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج . فهذه الأحاديث تبين سائر الأحاديث التي فيها : « انقضي رأسك ، وامتشطي ، وأهلي بالحج ودعي العمرة فلعل الله يرزقك إياها » ؛ لأن نقض الرأس والامتشاط ليس بحرام على المحرم ، وليس فسخا لإحرامه . وقوله ﷺ : « دعي العمرة » إنما معناه : دعي عمل العمرة الذي هو الطواف والسعي ، أي : أخري فلعل الله تعالى يعينك حتى تطوفي وتسعي فتقضي عمرتك وحجك معا ، كما نص ﷺ في الأحاديث التي ذكرنا ، وليس في شيء من الأحاديث أنها أحلت من عمرتها بل فيها أنها لم تحل ، فصح ما ذكرنا من أنها قرنت الحج إلى العمرة بلا شك وأما قولنا : إنه ﷺ قال وهو بسرف لأصحابه : « من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ، ومن كان معه هدي فلا » ، فمنهم من جعلها عمرة كما أبيح له ، ومنهم من تمادى على إحرامه بالحج ولم يجعلها عمرة ، وهذا فيمن لا هدي معه ، وأما من معه الهدي فلم يبح له أن يحل إحرامه لعمرة فقط .
الحديث الثالث والأربعون
فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ مهلين بالحج في أشهر الحج ، وفي حرم الحج ، وليالي الحج ، حتى نزلنا بسرف فخرج إلى أصحابه فقال : « من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ، ومن كان منكم معه هدي فلا » ، فمنهم الآخذ بها والتارك لها ممن لم يكن معه هدي . هذا نص الحديث وأما قولنا : إنه ﷺ أمر في بعض طريقه ذلك من معه الهدي من أصحابه رضي الله عنهم بأن يقرنوا الحج مع العمرة .
الحديث الرابع والأربعون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله ﷺ : « من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا » .
الحديث الخامس والأربعون
وحدثناه أيضا ، حمام بن أحمد ، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا عبيد الله ، محمد الكشوري حدثنا محمد بن يوسف الحذاقي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا مالك ، ومعمر ، كلاهما عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله ﷺ : « من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ولا يحل حتى يحل منهما جميعا » .
الحديث السادس والأربعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب بن خالد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ موافين هلال ذي الحجة ، فلما كان بذي الحليفة قال : « من شاء أن يهل بحج فليهل ، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل ، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة » وأما قولنا : ونهض عليه السلام إلى أن نزل بذي طوى فبات بها ليلة الأحد لأربع خلون لذي الحجة ، وصلى الصبح بذي طوى ، ودخل مكة نهارا من أعلاها من الثنية العليا من كداء صبيحة يوم الأحد المذكور .
الحديث السابع والأربعون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ، حدثنا أنس يعني ابن عياض ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، أن عبد الله بن عمر ، حدثهم أن رسول الله ﷺ كان ينزل بذي طوى ويبيت بها حتى يصلي الصبح حين يقدم مكة .
الحديث الثامن والأربعون
ولما حدثناه أيضا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا حماد ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ، ويغتسل ويدخل مكة نهارا ويذكر أن رسول الله ﷺ فعله .
الحديث التاسع والأربعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبدة بن عبد الله البصري ، أخبرنا سويد بن عمرو ، أخبرنا زهير بن معاوية ، حدثنا موسى بن عقبة ، حدثني نافع ، أن عبد الله بن عمر ، حدثه أن رسول الله ﷺ كان ينزل بذي طوى يبيت به حتى يصلي الصبح حين يقدم إلى مكة ، ومصلى رسول الله ﷺ على أكمة غليظة ، وليس على المسجد الذي بني ثم ، ولكن أسفل من ذلك على أكمة خشنة غليظة .
الحديث الخمسون
ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله هو ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ، وذكر باقي الحديث .
الحديث الحادي والخمسون
ولما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي ﷺ دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي عند البطحاء .
الحديث الثاني والخمسون
حدثنا حمام ، ، حدثنا الأصيلي ، حدثنا أبو زيد ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن النبي ﷺ لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها .
الحديث الثالث والخمسون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني عطاء ، سمعت جابر بن عبد الله قال : أهللنا أصحاب محمد ﷺ بالحج خالصا وحده ، وقدم رسول الله ﷺ صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمرنا أن نحل ، فقلنا : لما لم تكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نفضي إلى نسائنا ، وذكر باقي الحديث . وقد ذكرنا في أول هذا الكتاب أن يوم عرفة كان في ذلك الشهر يوم الجمعة ، وأن استهلال ذي الحجة كان ليلة الخميس ، فإذا كان ذلك وقدم ﷺ مكة صبح رابعة خلت من ذي الحجة فذلك بلا شك صبيحة يوم الأحد ، وبينهم يومئذ وبين عرفة خمس ليال كما ذكر جابر ، وهي ليلة الإثنين ، وليلة الثلاثاء ، وليلة الأربعاء ، وليلة الخميس ، وليلة الجمعة وأما قولنا : فاستلم ﷺ الحجر الأسود ثم طاف بالكعبة سبعا ، رمل ثلاثا منها ومشى أربعا يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل طوفة منها وقال بينهما ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ، ولا يمس الركنين اللذين في الحجر ثم صلى عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين يقرأ فيهما مع أم القرآن ( قل يا أيها الكافرون ) ، و ( قل هو الله أحد ) جعل المقام بينه وبين الكعبة وقرأ ﷺ إذ أتى المقام قبل أن يركع ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ، ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم خرج إلى الصفا فقرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) : « أبدأ بما بدأ الله به » ، فطاف ﷺ بين الصفا والمروة سبعا راكبا على بعيره يخب ثلاثا ويمشي أربعا إذا رقي على الصفا استقبل الكعبة ، ونظر إلى البيت ، ووحد الله تعالى وكبره ، وقال : « لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » ، ثم يدعو ثم يفعل على المروة مثل ذلك .
الحديث الرابع والخمسون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، أنه أخبره عن حجة النبي ، ﷺ وذكر الحديث . وفيه : حتى إذا أتينا البيت معه يعني النبي ﷺاستلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) فجعل المقام بينه وبين البيت .
الحديث الخامس والخمسون
حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي ، حدثنا محمد بن معاوية المرواني ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير ، عن الوليد بن مسلم ، عن مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، أن رسول الله ﷺ لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) وصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب و قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد ثم عاد إلى الركن فاستلمه ثم خرج إلى الصفا .
الحديث السادس والخمسون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن عباد ، حدثنا حاتم هو ابن إسماعيل ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ثم يمشي أربعة ، ثم يصلي سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة .
الحديث السابع والخمسون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا خالد بن الحارث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، ذكر أن رسول الله ﷺكان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني .
الحديث الثامن والخمسون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله ﷺلا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة .
الحديث التاسع والخمسون
حدثنا حمام ، حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا ابن أيمن ، حدثنا أحمد بن محمد البرني ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن السائب بن عبد الله ، قال : رأيت رسول الله ﷺ يقول بين الركن اليماني والحجر : « اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار » .
الحديث الستون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن السائب ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .
الحديث الحادي والستون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، أنه حدثه عن حجة الوداع ، فذكر الحديث . وفيه : ثم رجع يعني رسول الله ﷺ إلى الركن فاستلمه ، ثم رجع من الباب إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) « أبدأ بما بدأ الله به » ، فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : « لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » . ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعد مشى حتى إذا أتى المروة ففعل على المروة مثل ما فعل على الصفا .
الحديث الثاني والستون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا جعفر بن محمد ، حدثني أبي ، حدثنا جابر ، أن رسول الله ﷺ نزل يعني عن الصفا حتى إذا انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى .
الحديث الثالث والستون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، أبو الطاهر وحرملة ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، أن رسول الله ﷺ طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الحجر بمحجن . وروته أيضا عائشة وأبو الطفيل .
الحديث الرابع والستون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا محمد يعني ابن بكر ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : طاف رسول الله ﷺ في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة ليراه الناس ، وليشرف ، ولم يطف رسول الله ﷺ ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا .
الحديث الخامس والستون
وحدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر البصري ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يحيى هو القطان ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : طاف رسول الله ﷺ في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة . قال أبو محمد رحمه الله : ليس ما ذكر من أنه ﷺ طاف بين الصفا والمروة راكبا بمعارض لما ذكر في بعض ما أوردنا من الأحاديث من قول الراوي : انصبت قدماه ؛ لأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله ، وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده ، وكذلك ذكر الرمل يعني رمل الدابة براكبها وقد جاء النص كما ترى أنه ﷺ لم يطف في تلك الحجة بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة راكبا ، وإنما لم نقطع على أن الطواف الأول بالبيت هو الذي طافه ﷺ راكبا ؛ لأنه عليه السلام قد طاف بالبيت في تلك الحجة مرارا ، منها طوافه الأول وطواف الإفاضة ، وطواف الوداع ، فالله أعلم أي تلك الأطواف كان راكبا .
الحديث السادس والستون
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، أنه سمع ابن عمر ، يقول : قدم النبي ﷺ فطاف بالبيت سبعا ، وصلى خلف المقام ركعتين ، وطاف بين الصفا والمروة سبعا .
الحديث السابع والستون
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، أن ابن عمر قال ، فذكر الحديث . وفيه : أن رسول الله ﷺ طاف حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف ، ومشى أربعة ، فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ، ثم سلم فانصرف ، ثم أتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أشواط ، وذكر باقي الحديث ولم نجد عدد الرمل بين الصفا والمروة منصوصا ولكنه متفق عليه والله أعلم وأما قولنا : فلما أكمل ﷺ الطواف والسعي أمر كل من لا هدي معه بالإحلال حتما ولا بد ، قارنا كان أو مفردا أو معتمرا ، وأن يحلوا الحل كله ، من وطء النساء والطيب والمخيط ، وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية وهو يوم منى ، فيهلوا منه حينئذ بالحج ، ويحرموا حين نهوضهم إلى منى ، وأمر من معه الهدي بالبقاء على إحرامهم ، وقال لهم ﷺ حينئذ إذ تردد بعضهم : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي حتى اشتريته ، ولجعلتها عمرة ، ولأحللت كما أحللتم ، ولكني سقت الهدي فلا أحل حتى أنحر الهدي ، وكان أبو بكر وعمر والزبير وطلحة وعلي ورجال من أهل الوفر ساقوا الهدي فلم يحلوا ، وبقوا محرمين كما بقي هو ﷺ محرما ؛ لأنه ﷺ كان ساق الهدي مع نفسه ، وكن أمهات المؤمنين لم يسقن هديا فأحللن ، وكن قارنات بين حج وعمرة ، وكذلك فاطمة بنت النبي ﷺ أيضا ، وأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه أحلها ، وشكا علي فاطمة إلى النبي ﷺ إذ أحلت ، فصدقها النبي ﷺ في أنه هو ﷺ أمرها بذلك ، وحينئذ سأله سراقة بن مالك بن جعشم الكناني فقال : يا رسول الله متعتنا هذه ألعامنا أم للأبد ؟ ولنا أم للأبد ؟ فشبك رسول الله ﷺ بين الصفا والمروة أصابعه ، وقال : » بل لأبد الأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة « ، وأمر ﷺ من جاء إلى الحج على غير الطريق التي أتى ﷺ عليها ممن أهل بإهلال كإهلاله ﷺ بأن يثبتوا على أحوالهم ، فمن ساق الهدي منهم لم يحل فكان علي في أهل هذه الصفة ، وأمر من كان منهم لم يسق الهدي أن يحل فكان أبو موسى الأشعري من أهل هذه الصفة ، وبهذين الأمرين أمر ﷺ أيضا كل من أتى معه .
الحديث الثامن والستون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، أنه أخبره عن حجة النبي ، صلى الله عليه وسلم فقال : حتى إذا كان آخر طواف على المروة قال ﷺ : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة ، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله متعتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ فشبك رسول الله ﷺ أصابعه واحدة في الأخرى وقال : » دخلت العمرة في الحج مرتين ، لا بل لأبد أبد .
الحديث التاسع والستون
ولما حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، أن عبد الله بن عمر قال في صفة حج النبي ﷺ: لما قدم النبي ﷺ مكة قال للناس : « من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت ، والصفا والمروة ، وليقصر وليحلل ، ثم ليهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله » .
الحديث السبعون
حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء ، عن جابر ، وعن طاوس ، عن ابن عباس ، قالا : قدم النبي ﷺ صبح رابعة من ذي الحجة ، يهلون بالحج لا يخلطه شيء ، فلما قدمنا أمرنا فجعلناها عمرة وأن نحل إلى نسائنا ، ففشت في ذلك القالة . قال عطاء : قال جابر : فيروح أحدنا إلى منى ، وذكره يقطر منيا ، قال جابر : بكفه ، فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال : « بلغني أن قوما يقولون كذا وكذا والله لأنا أبر وأتقى لله منهم ، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ، ولولا أن معي الهدي لأحللت » . فقام سراقة بن جعشم فقال : يا رسول الله شيء لنا أم للأبد ؟ فقال : « لا بل للأبد » .
الحديث الحادي والسبعون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا قتيبة ، حدثنا الليث هو ابن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أنه قال : أقبلنا مهلين مع رسول الله ﷺ بحج مفردا ، وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت ، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة والصفا والمروة ، فأمرنا رسول الله ﷺ أن يحل منا من لم يكن معه هدي ، قال : فقلنا : حل ماذا ؟ قال : الحل كله فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا ، وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع أميال ، وذكر باقي الحديث .
الحديث الثاني والسبعون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا موسى بن نافع ، قال : دخلت على عطاء بن أبي رباح ، فقال عطاء : حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري ، أنه حج مع رسول الله ﷺ عام ساق الهدي معه ، وقد أهلوا بالحج مفردا فقال رسول الله ﷺ : « أحلوا من إحرامكم ، فطوفوا بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، وقصروا وأقيموا حلالا ، حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة » ، وذكر باقي الحديث .
الحديث الثالث والسبعون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بالحج ، وذكر باقي الحديث .
الحديث الرابع والسبعون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا سليمان بن عبيد الله الغيلاني ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ لا نذكر إلا الحج ، وذكرت الحديث . وفيه : فلما قدمت مكة قال رسول الله ﷺ لأصحابه : « اجعلوها عمرة » ، فأحل الناس إلا من كان معه الهدي ، قالت وكان الهدي مع رسول الله ﷺ ، وأبي بكر ، وعمر ، وذوي اليسارة ، ثم أهلوا حين راحوا ، وذكرت باقي الحديث .
الحديث الخامس والسبعون
حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عثمان هو ابن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ولا نرى إلا أنه الحج ، فلما قدمنا تطوفنا بالبيت فأمر رسول الله ﷺ من لم يكن ساق الهدي أن يحل ، فحل من لم يكن ساق الهدي ، ونساؤه لم يسقن فأحللن .
الحديث السادس والسبعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية القرشي ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن يحيى المروزي ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران ، قال : دخلت على أم سلمة زوج النبي ﷺ فقلت : أعتمر قبل أن أحج ؟ قالت : إن شئت فاعتمر قبل أن تحج ، وإن شئت فبعد أن تحج « قال : وسألت أمهات المؤمنين فقلن مثل ذلك ، فرجعت إليها فأخبرتها فقالت : نعم ، وأشفيك سمعت رسول الله ﷺ يقول : » أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج « . فلهذا قلنا : إنهن وفاطمة كن قارنات ، إذ لا يحل لمسلم أن يظن بهن عصيانا لرسول الله ﷺ ما أمرهن به ، وهن آل محمد على الحقيقة .
الحديث السابع والسبعون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، عن غندر ، عن شعبة ، عن الحكم هو ابن عتيبة ، عن علي بن الحسين ، عن ذكوان مولى عائشة ، عن عائشة ، قالت : فدخل علي رسول الله ﷺ وهو غضبان ، فقلت : « من أغضبك يا رسول الله ؟ أدخله الله النار ، قال : » أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون - قال الحكم : كأنهم يترددون أحسب - ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه ثم أحل كما حلوا .
الحديث الثامن والسبعون
حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، فذكر الحديث . وفيه : أنه ﷺ أهل بحج وعمرة ، وأهل الناس بهما ، فلما قدمنا أمر الناس بهما فحلوا ، حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج .
الحديث التاسع والسبعون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا ابن مهدي هو عبد الرحمن ، حدثنا سليم بن حيان هو أبو خالد الأحمر ، عن مروان الأصفر ، عن أنس ، أن رسول الله ﷺ قال : « لولا أن معي الهدي لأحللت » .
الحديث الثمانون
حدثنا أحمد بن عبد الله الطلمنكي ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس ، حدثنا أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري ، حدثنا إسحاق بن راهويه ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا الأشعث ، هو ابن عبد الملك الحمراني ، عن الحسن البصري ، عن أنس بن مالك ، قال : قدم رسول الله ﷺ وأصحابه وقد أهلوا بالحج والعمرة جميعا ، فأمرهم أن يحلوا بعدما طافوا بالبيت وسعوا ما بين الصفا والمروة ، وأن يجعلوها عمرة فكأنهم هابوا ذلك فقال لهم رسول الله ﷺ : « حلوا لولا أني سقت الهدي لحللت » ، قال : فحلوا وتمتعوا . قال أبو محمد : إنما أوردنا هذه الأحاديث بيانا : أن القارنين الذين لم يكن معهم هدي أحلوا أيضا كما أحل المفردون الذين لم يكن معهم ، وكمن ذكر في بعضها من اسم من كان معه الهدي .
الحديث الحادي والثمانون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن بكر ، حدثنا ابن جريج ، حدثني منصور بن عبد الرحمن ، عن أمه ، صفية بنت شيبة ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ محرمين ، فقال رسول الله ﷺ : « من كان معه هدي فليقم على إحرامه ، ومن لم يكن معه هدي فليحلل » ، فلم يكن معي هدي فأحللت وكان مع الزبير فلم يحل .
الحديث الثاني والثمانون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم ، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل المدني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : دخلت على جابر بن عبد الله فذكر الحديث . وفيه : أن جابرا قال له في وصف حجة النبي ﷺ : وقدم علي من اليمن يعني على النبي ببدن النبي ﷺ فوجد ، فاطمة فيمن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت ، فأنكر ذلك عليها ، فقالت أبي أمرني بهذا ، قال : فكان علي يقول بالعراق : فذهبت إلى رسول الله ﷺ محرشا على فاطمة الذي صنعت فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال ﷺ : « صدقت صدقت » .
الحديث الثالث والثمانون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، حدثنا مسلم القري ، سمع ابن عباس ، يقول : أهل رسول الله ﷺ بعمرة ، وأهل أصحابه بحج ، فلم يحل النبي ﷺ ولا من ساق الهدي من أصحابه ، فكان طلحة بن عبيد الله ممن ساق الهدي فلم يحل .
الحديث الرابع والثمانون
حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان هو الثوري ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن أبي موسى ، قال : بعثني النبي ﷺ إلى قومي باليمن ، فجئت وهو بالبطحاء فقال : « بم أهللت ؟ » فقلت : كإهلال النبي ﷺ قال : « هل معك من هدي ؟ » قلت : لا ، فأمرني فطفت بالبيت ثم بالصفا والمروة ، ثم أمرني فأحللت .
الحديث الخامس والثمانون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حديث حجة الوداع ، وذكر قدوم علي من اليمن ، وأن رسول الله ﷺ قال له : « فماذا قلت حين فرضت الحج ؟ » قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسولك ﷺ ، قال : « فإن كان معك الهدي فلا تحل » ، قال : وكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي ﷺ مائة ، وذكر باقي الحديث وأما قولنا : فأقام رسول الله ﷺ بمكة محرما من أجل هديه يوم الأحد المذكور والإثنين والثلاثاء والأربعاء ، وليلة الخميس ثم نهض النبي ﷺ ضحوة يوم الخميس ، وهو يوم منى ، وهو يوم التروية مع الناس إلى منى ، وفي ذلك الوقت أحرم بالحج من الأبطح كل من كان أحل من أصحابه رضي الله عنهم ، فأحرموا في نهوضهم إلى منى في اليوم المذكور فصلى ﷺ بمنى الظهر من يوم الخميس المذكور ، والعصر والمغرب والعشاء الآخرة وبات بها ليلة الجمعة ، وصلى بها الصبح من الجمعة ، ثم نهض عليه السلام بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة المذكور إلى عرفة بعد أن أمر ﷺ بأن تضرب له قبة من شعر بنمرة ، فأتى ﷺ عرفة فوجدها قد ضربت ، فنزل في قبته المذكورة . فلما ذكرنا آنفا من أنه ﷺ دخل مكة يوم الأحد على ما بيناه ، ولما أيضا قد ذكرنا من أن يوم عرفة كان في ذلك الشهر يوم الجمعة ، وكان نهوضه ﷺ إلى منى بلا خلاف قبل يوم عرفة بليلة واحدة فكان إذا يوم الخميس بلا شك ، فصح أنه ﷺ بقي بمكة الليالي والأيام التي ذكرنا ، وقد ذكرنا أنه ﷺ أخبر أنه باق على إحرامه ولا يحل حتى ينحر هديه ، وقد ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا أنه ﷺ أمرهم بأن يهلوا يوم التروية بالحج وذلك في حديث عطاء عن جابر .
الحديث السادس والثمانون
ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في صفة حج النبي ﷺ قال جابر : فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ، وركب رسول الله ﷺ فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة ، فسار رسول الله ﷺ حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها .
الحديث السابع والثمانون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أنبأنا يحيى بن حبيب بن عربي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن ابن عمر ، قال : غدونا مع رسول الله ﷺ من منى إلى عرفة .
الحديث الثامن والثمانون
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : أمرنا رسول الله ﷺ لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى ، وأهللنا من الأبطح وأما قولنا : حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحلت له حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس على راحلته خطبة ذكر فيها ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض ، ووضع ﷺ فيها أمور الجاهلية ودماءها ، وأول ما وضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بنى سعد بن بكر بن هوازن فقتله هذيل ، ووضع ﷺ في خطبته تلك ربا الجاهلية ، وأول ربا وضع ربا عمه العباس بن عبد المطلب ، وأوصى بالنساء خيرا ، وأباح ضربهن غير مبرح إن عصين بما لا يحل ، وقضى لهن بالرزق والكسوة بالمعروف على أزواجهن ، وأمر بالاعتصام بعده بكتاب الله عز وجل ، وأخبر أنه لا يضل من اعتصم به ، وأشهد الله عز وجل على الناس أنه قد بلغهم ما يلزمهم ، فاعترف الناس بذلك ، وأمر ﷺ أن يبلغ الشاهد الغائب ، وبعثت إليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية وهي أم عبد الله بن عباس بلبن في قدح فشربه ﷺ أمام الناس على بعيره ، فعلموا أنه ﷺ لم يكن صائما ذلك اليوم .
الحديث التاسع والثمانون
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، في حديث حجة النبي ﷺ قال : حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال : « إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي هاتين موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكن عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله ، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ » قالوا : نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : « اللهم اشهد اللهم اشهد » . ثلاث مرات .
الحديث التسعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا علي بن حجر ، أخبرنا جرير ، عن مغيرة ، عن موسى بن زياد بن حذيم بن عمرو السعدي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول في خطبته يوم عرفة في حجة الوداع : « اعلموا أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، كحرمة شهركم هذا ، كحرمة بلدكم هذا » .
الحديث الحادي والتسعون
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يحيى بن سليمان ، عن ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن بكير ، عن كريب ، عن ميمونة ، أن الناس ، شكوا في صيام رسول الله ﷺ يوم عرفة ، فأرسلت إليه بحلاب وهو واقف بالموقف فشرب منه والناس ينظرون .
الحديث الثاني والتسعون
قال البخاري : وحدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن أبي النضر ، مولى عمر بن عبيد الله ، عن عمير ، مولى ابن عباس ، عن أم الفضل بنت الحارث ، أن أناسا ، تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي ﷺ فقال بعضهم : هو صائم ، وقال بعضهم : ليس بصائم ، فأرسلت إليه بقدح لبن ، وهو واقف على بعيره فشرب وأما قولنا : فلما أتم الخطبة المذكورة أمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا لكن صلاهما ﷺ مجموعتين في وقت الأولى منهما بأذان واحد لهما معا وبإقامتين لكل صلاة منهما إقامة ، ثم ركب ﷺ راحلته حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة ، وجعل جبل المشاة بين يديه فلم يزل واقفا للدعاء وهنالك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم في جملة الحجيج فوقص فمات فأمر رسول الله ﷺ بأن يكفن في ثوبيه ، ولا يمس بطيب ولا يحنط ولا يغسل رأسه ولا وجهه ، فأخبر ﷺ أنه يبعث يوم القيامة ملبيا . وسأله قوم من أهل نجد هنالك عن الحج فأخبرهم ﷺ بوجوب الوقوف بعرفة ووقت الوقوف بها وأرسل إلى الناس أن يقفوا على مشاعرهم ، فلما غربت الشمس من يوم الجمعة المذكورة ، وذهبت الصفرة ، أردف أسامة بن زيد خلفه ، ودفع ﷺ ، وقد ضم زمام القصواء ناقته حتى إن رأسها ليصيب طرف رجله ، ثم مضى يسير العنق ، فإذا وجد فجوة نص ، كلما أتى ربوة من تلك الروابي أرخى لناقته زمامها قليلا حتى تصعدها ، وهو ﷺ يأمر الناس بالسكينة في السير .
الحديث الثالث والتسعون
فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة النبي ﷺ قال : ثم أذن ، ثم أقام ، فصلى الظهر ، ثم أقام ، فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم ركب رسول الله ﷺ حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل جبل المشاة بين يديه ، واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة بن زيد خلفه ، ودفع رسول الله ﷺ وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رجله ويقول بيده اليمنى : « أيها الناس السكينة السكينة » ، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء .
الحديث الرابع والتسعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا قتيبة ، حدثنا سفيان ، عن عمرو وهو ابن دينار ، حدثني عمرو بن عبد الله بن صفوان ، عن يزيد بن شيبان ، قال : كنا وقوفا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف فأتانا ابن مربع الأنصاري فقال : إني رسول رسول الله ﷺ إليكم يقول : « كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم » .
الحديث الخامس والتسعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني إبراهيم بن يونس بن محمد ، بطرسوس ، حدثنا أبي ، حدثنا حماد ، عن قيس ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن أسامة بن زيد قال : أفاض رسول الله ﷺ من عرفة ، وأنا رديفه ، فجعل يكبح راحلته حتى إن ذفراها ليكاد يصيب قادمة الرحل وهو يقول : « يا أيها الناس عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس في إيضاع الإبل » .
الحديث السادس والتسعون
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه قال : سئل أسامة وأنا جالس ، كيف كان رسول الله ﷺ يسير في حجة الوداع حين دفع ؟ قال : كان يسير العنق فإذا أصاب فجوة نص . قال هشام : والنص فوق العنق .
الحديث السابع والتسعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة رسول الله ﷺ فذكر الخطبة بعرفة وقال : ثم أذن بلال ، ثم أقام ، فصلى الظهر ، ثم أقام ، فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا .
الحديث الثامن والتسعون
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ دفع من منى حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنمرة وهو منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة ، حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله ﷺ مهجرا ، فجمع بين الظهر والعصر .
الحديث التاسع والتسعون
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رجلا ، كان مع رسول الله ﷺ فوقصته ناقته وهو محرم ، فمات ، فقال رسول الله ﷺ : اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ، ولا تخمروا رأسه ، ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا .
الحديث المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : بينا رجل واقف مع النبي ﷺ بعرفة إذ وقع عن راحلته ، فوقصته ، أو قال : فأوقصته ، فقال النبي ﷺ : « اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبين ، ولا تمسوه طيبا ، ولا تخمروا رأسه ، ولا تحنطوه ، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا » .
الحديث الواحد بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رجلا ، وقع عن راحلته ، فأوقصته ، فقال رسول الله ﷺ : « اغسلوه بماء وسدر ، ويكفن في ثوبين خارجا رأسه ووجهه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا » . قال أبو محمد رحمه الله : أبو بشر هذا : هو جعفر بن أبي وحشية ، وهو أثبت الناس في سعيد بن جبير ، قاله شعبة .
الحديث الثاني بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عبدة بن عبد الله البصري ، أخبرنا أبو داود الحفري ، عن سفيان هو الثوري ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : مات رجل ، فقال النبي ﷺ : « غسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثيابه ، ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة يلبي » .
الحديث الثالث بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن معاوية بن صالح البغدادي ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رجلا ، كان حاجا مع رسول الله ﷺ وأنه لفظه بعيره فمات ، فقال رسول الله ﷺ : « يغسل ويكفن في ثوبين ، ولا يغطى رأسه ووجهه ، فإنه يقوم يوم القيامة ملبيا » .
الحديث الرابع بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، هو ابن راهويه ، أنبأنا وكيع ، حدثنا سفيان الثوري ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : شهدت رسول الله ﷺ بعرفة ، وأتاه ناس من أهل نجد ، فسألوه عن الحج ، فقال رسول الله ﷺ : « الحج عرفة ، فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه » قال أبو محمد رحمه الله : ليس يمنع هذا من وجوب غير عرفة ، فخصومنا مقرون أن بعد عرفة طواف الإفاضة ، وهو فرض لا يتم الحج لمن لم يطفه ، ومعنى قوله ﷺ : « من أدرك ليلة عرفة قبل الفجر » إنما هو على ما نصه ﷺ من أن يدرك مع ذلك الصلاة مع الإمام بمزدلفة . وأما قولنا : فلما كان في الطريق عند الشعب الأيسر نزل ﷺ فبال وتوضأ وضوءا خفيفا ، فقال له أسامة : الصلاة يا رسول الله فقال له ﷺ : « الصلاة أمامك » أو قال له : « المصلى أمامك » ، ثم ركب حتى أتى المزدلفة ليلة السبت العاشر من ذي الحجة ، فتوضأ ﷺ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون خطبة ، لكن بأذان واحد لهما معا وبإقامتين ، لكل صلاة منهما إقامة ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم اضطجع ﷺ بها حتى طلع الفجر ، فقام ﷺ وصلى الفجر بالناس بمزدلفة يوم السبت المذكور ، وهو يوم النحر ، وهو يوم الأضحية ، وهو يوم الحج الأكبر مغلسا أول انصداع الفجر .
الحديث الخامس بعد المئة
فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن كريب ، مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد ، قال : إنه ردف رسول الله ﷺ من عرفات ، فلما بلغ الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال ثم جاء ، فصببت عليه الوضوء فتوضأ وضوءا خفيفا ، ثم قلت : الصلاة ، قال : « الصلاة أمامك » ، وذكر باقي الحديث .
الحديث السادس بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا ابن سلام ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، مولى ابن عباس ، عن أسامة بن زيد ، أن رسول الله ﷺ لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته ، قال أسامة : فجعلت أصب عليه الماء ويتوضأ ، فقلت : يا رسول الله ، أتصلي ؟ قال : « المصلى أمامك » .
الحديث السابع بعد المئة
حدثنا الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، عن أسامة بن زيد ، أنه سمعه يقول : دفع رسول الله ﷺ من عرفة ، فنزل الشعب فبال ، ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء ، فقلت له : الصلاة ، فقال : « الصلاة أمامك » ، فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ ثم أقيمت الصلاة ، فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة ، فصلى ولم يصل بينهما .
الحديث الثامن بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : حتى أتى ، يعني النبي ﷺ المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله ﷺ حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان واحد وإقامة ، وقد ذكرنا أن يوم عرفة كان يوم الجمعة ، فتلك الليلة إذا بعده هي ليلة السبت بلا شك .
الحديث التاسع بعد المئة
حدثنا الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا زهير ، حدثنا أبو إسحاق ، سمعت عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه كان بالمزدلفة قائما إلى حين طلع الفجر ، فقال : إن النبي ﷺ كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم ، قال عبد الله يعني ابن مسعود : هما صلاتان تحولان عن وقتهما : المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة ، والفجر حين يبزغ الفجر ، قال : رأيت النبي ﷺ يفعله ، وأما تسمية اليوم بيوم الأضحى فمتفق عليه ، وأما تسميتنا يوم النحر بأنه هو يوم الحج الأكبر .
الحديث العاشر بعد المئة
فحدثنا الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر ، هو العقدي ، حدثنا قرة ، عن محمد بن سيرين ، أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبي بكرة ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر ، فقال : « أتدرون أي يوم هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه يسميه بغير اسمه ، فقال : « أليس يوم النحر ؟ » قلنا : بلى .
الحديث الحادي عشر بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا مؤمل بن الفضل ، حدثنا الوليد ، حدثنا هشام بن الغاز ، حدثنا نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج ، فقال : « أي يوم هذا ؟ » ، فقالوا : يوم النحر ، فقال : « هذا يوم الحج الأكبر » . وأما قولنا : وهناك سأله عروة بن مضرس الطائي ، وقد ذكر له عمله أنه حج ، فقال له ﷺ : « من أدرك الصلاة ، يعني صلاة الصبح ، بمزدلفة في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج » وإلا فلم يدرك .
الحديث الثاني عشر بعد المئة
فلما حدثناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا إسماعيل بن مسعود الجحدري ، حدثنا خالد هو ابن الحارث ، عن شعبة ، عن عبد الله بن أبي السفر ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : حدثني عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لأم الطائي ، قال : أتيت النبي ﷺ بجمع ، فقلت : هل لي من حج ؟ فقال : « من صلى هذه الصلاة معنا ووقف حتى يفيض وأفاض بمثل ذلك من عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه » .
الحديث الثالث عشر بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، حدثنا سفيان هو الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، وداود بن أبي هند ، وزكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن عروة بن مضرس ، قال : رأيت رسول الله ﷺ واقفا بالمزدلفة ، فقال : « من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا ، ثم أقام معنا وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه » .
الحديث الرابع عشر بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى هو القطان حدثنا إسماعيل هو ابن أبي خالد ، قال : أخبرني عامر هو الشعبي ، قال : أخبرني عروة بن مضرس الطائي ، قال : أتيت رسول الله ﷺ ، فقلت : أتيتك من جبلي طيئ ، أكللت مطيتي ، وأتعبت نفسي ، والله ما مررت على حبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال : « من صلى الغداة ها هنا معنا وقد أتى عرفة قبل ذلك فقد قضى تفثه وتم حجه » .
الحديث الخامس عشر بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني محمد بن قدامة المصيصي ، حدثنا جرير بن حازم ، عن مطرف بن طريف ، عن الشعبي ، عن عروة بن مضرس الطائي ، قال : قال رسول الله ﷺ: « من أدرك جمعا مع الإمام والناس حتى يفيضوا فقد أدرك الحج ، ومن لم يدرك جمعا مع الإمام والناس فلم يدرك » .
الحديث السادس عشر بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى هو القطان حدثنا سفيان هو الثوري ، حدثني بكير بن عطاء ، سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : شهدت النبي ﷺ بعرفة ، وأتاه أناس من أهل نجد فأمروا رجلا فسأله عن الحج ، فقال : « الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع قبل صلاة الصبح فقد أدرك حجه ، أيام منى ثلاثة أيام ، من تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه » ، ثم أردف رجلا فجعل ينادي بها في الناس قال أبو محمد رحمه الله : تأليف هذين الحديثين أن يدرك عرفة قبل طلوع الفجر بمقدار ما يدرك صلاة الفجر مع الإمام بمزدلفة ، ولا يجوز غير هذا ، إذ من تعدى في اجتماع هذين الحديثين هذا الجمع فقد عصى أحد الحديثين ، ولا بد ، وهذا لا يجوز ، وأيضا فإن قوله ﷺ: « الحج عرفة » ، كان بعرفة ، وكان الحكم حينئذ ما قاله ﷺ ، فلما صار ﷺ بمزدلفة نزل الوحي بزيادة فرضها ، فأخبر ﷺ بذلك بمزدلفة ، فلما صار ﷺ بمنى أمر بالرمي ، فصار ذلك زيادة ، ثم أمر بطواف الإفاضة ، وقال تعالى ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) ، فكل ما قاله بوحي ، بلا شك . وأما قولنا : واستأذنته سودة وأم حبيبة في أن تدفعا من مزدلفة ليلا فأذن لهما ﷺ ولأم سلمة وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، وأذن أيضا ﷺ للنساء والضعفاء في ذلك بعد وقوف جميعهم بمزدلفة وذكرهم الله تعالى بها ، إلا أنه ﷺ أذن للنساء في الرمي بليل ، ولم يأذن للرجال في ذلك ، لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم ، وكان ذلك اليوم يوم كونه ﷺ عند أم سلمة .
الحديث السابع عشر بعد المئة
فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عبد الله بن سلمة بن قعنب ، حدثنا أفلح ، يعني ابن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة ، أنها قالت : استأذنت سودة رسول الله ﷺ ليلة المزدلفة فدفعت قبله وقبل حطمة الناس .
الحديث الثامن عشر بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، قالت : نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي ﷺ سودة أن تدفع قبل حطمة الناس ، وكانت امرأة بطيئة فأذن لها ، فدفعت قبل حطمة الناس ، وأقمنا حتى أصبحنا نحن ، فدفعنا بدفعه ﷺ .
الحديث التاسع عشر بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء هو ابن أبي رباح ، أن سالم بن شوال أخبره أنه ، دخل على أم حبيبة فأخبرته أن النبي ﷺ بعث بها مع جمع بليل .
الحديث العشرون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا نوح بن حبيب القومسي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ أذن لضعفة الناس من مزدلفة بليل .
الحديث الحادي والعشرون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا هارون بن عبد الله ، أخبرنا ابن أبي فديك ، عن الضحاك ، يعني ابن عثمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أرسل النبي ﷺ إلى أم سلمة ليلة النحر ، فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت ، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله ﷺ ، يعني عندها .
الحديث الثاني والعشرون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثني مسلم ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا يحيى هو القطان ، عن ابن جريج ، حدثني عبد الله ، مولى أسماء ، قال : قالت لي أسماء بنت أبي بكر وقد رحلت عن مزدلفة بعد مغيب القمر ليلة النحر فأتت منى ورمت الجمرة ، ثم صلت في منزلها ، فقلت لها : لقد غلسنا ، قالت : كلا أي بني ، إن رسول الله ﷺ أذن للظعن .
الحديث الثالث والعشرون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا حماد بن زيد ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، سمعت ابن عباس ، يقول : بعثني النبي ﷺ في الثقل وفي الضعفة من جمع بليل .
الحديث الرابع والعشرون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمود بن غيلان المروزي ، حدثنا بشر بن السري ، حدثنا سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ قدم أهله ، وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس .
الحديث الخامس والعشرون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أن سالم بن عبد الله ، أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفة الناس وأهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله عز وجل ما بدا لهم ، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع ، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ، ومنهم من يقدم بعد ذلك ، فإذا قدموا رموا الجمرة ، وكان ابن عمر يقول : أرخص في أولئك رسول الله ﷺ قال أبو محمد رحمه الله : الضعفة من الصبيان والنساء فقط ، بتفسير حديث ابن عباس وأسماء . وأما قولنا : فلما صلى رسول الله ﷺ الصبح بمزدلفة كما ذكرنا أتى المشعر الحرام بها ، فاستقبل القبلة فدعا الله عز وجل وكبره وهلل ووحد ، ولم يزل واقفا بها حتى أسفر جدا ، وقبل أن تطلع الشمس فدفع ﷺ حينئذ من مزدلفة ، وقد أردف الفضل بن عباس ، وانطلق أسامة بن زيد على رجليه في سباق قريش ، وهنالك سألت الخثعمية النبي ﷺ الحج عن أبيها الذي لا يطيق الحج ، فأمرها أن تحج عنه ، وجعل ﷺ يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر إليها وإلى النساء ، وكان الفضل أبيض وسيما وسأله ﷺ أيضا عن ذلك رجل فأجابه بمثل ذلك ، ونهض النبي ﷺ يريد منى ، فلما أتى بطن محسر حرك ناقته قليلا وسلك ﷺ الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى .
الحديث السادس والعشرون بعد المئة
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة رسول الله ﷺ ، قال : ثم اضطجع رسول الله ﷺ حتى طلع الفجر ، يعني بالمزدلفة ، فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، فدعا الله وكبره وهلله ووحده ، ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا ، فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن عباس ، وكان رجلا حسن الشعر ، أبيض وسيما ، فلما دفع رسول الله ﷺ مرت ظعن يجرين ، فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله ﷺ يده على وجه الفضل ، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله ﷺ يده من الشق الآخر على وجه الفضل ، فصرف وجهه من الشق الآخر حتى أتى بطن محسر ، فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى .
الحديث السابع والعشرون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا يحيى بن آدم ، حدثنا زهير أبو خيثمة ، هو ابن معاوية ، حدثنا إبراهيم بن عقبة ، أخبرني كريب ، أنه سأل أسامة كيف صنعتم حين ردفت رسول الله ﷺ عشية عرفة ؟ ، فذكر له الحديث إلى أن بلغ ذكر مزدلفة ، فقال له كريب : كيف صنعتم حين أصبحتم ؟ قال : ردفه الفضل بن عباس ، وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي .
الحديث الثامن والعشرون بعد المئة
وبه إلى مسلم ، حدثني علي بن خشرم ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب ، حدثنا سليمان بن يسار ، عن ابن عباس ، عن الفضل ، أن امرأة ، من خثعم ، قالت : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره ، فقال رسول الله ﷺ: « فحجي عنه » .
الحديث التاسع والعشرون بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عباس ، قال : كان الفضل بن عباس رديف رسول الله ﷺ ، فجاءت امرأة من خثعم ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، فقالت : إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : « نعم » وذلك في حجة الوداع .
الحديث الثلاثون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا أحمد بن سليمان الرمادي ، حدثنا يزيد هو ابن هارون ، أخبرنا هشام هو ابن حسان البصري ، عن محمد بن سيرين ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، عن سليمان بن يسار ، عن الفضل بن عباس ، أنه كان رديف رسول الله ﷺ ، فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله إن أمي عجوز كبيرة ، وإن حملتها لم تستمسك ، وإن ربطتها خشيت أن أقتلها ، فقال رسول الله ﷺ : « أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه ؟ » قال : نعم ، قال : « فحج عن أمك » .
الحديث الحادي والثلاثون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا يحيى بن يحيى ، قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : كان الفضل بن عباس رديف النبي ﷺ ، فجاءته امرأة من خثعم ، فقالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ ، قال : « نعم » ، وذلك في حجة الوداع ، وأما قولنا : فأتى الجمرة التي عند الشجرة ، وهي جمرة العقبة فرماها ﷺ وهو راكب على راحلته من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له ابن عباس من موقفه الذي رمى فيه مثل حصى الخذف ، وأمر بمثلها ، ونهى عن أكبر منها وعن الغلو في الدين ، فرمى بسبع حصيات كما ذكرنا ، يكبر مع كل حصاة منها ، وحينئذ قطع ﷺ التلبية ولم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة التي ذكرنا ، ورماها ﷺ راكبا وبلال وأسامة : أحدهما يمسك خطام ناقته ﷺ ، والآخر يظله بثوبه من الحر ، وأمر حينئذ ﷺ الناس بالسمع والطاعة لكل من أمر عليهم إذا قادهم بكتاب الله عز وجل ، وأمرهم أن يأخذوا عنه مناسكهم ، فلعله لا يحج بعد عامه ذلك .
الحديث الثاني والثلاثون بعد المئة
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة النبي ﷺ ، قال : حتى أتى يعني النبي ﷺ الجمرة التي عند الشجرة ، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي .
الحديث الثالث والثلاثون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا وكيع ، حدثنا أيمن بن نابل ، عن قدامة بن عبد الله ، قال : رأيت رسول الله ﷺ يرمي جمرة العقبة يوم النحر على ناقة له صهباء ، لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك .
الحديث الرابع والثلاثون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن رمح ، أخبرنا الليث ، عن أبي الزبير ، عن أبي معبد ، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس ، وكان ، رديف رسول الله ﷺ أنه ﷺ قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا : « عليكم السكينة » وهو كاف ناقته حتى دخل محسرا وهو من منى ، قال : « عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة » ولم يزل عليه السلام يلبي حتى أتم رمي جمرة العقبة .
الحديث الخامس والثلاثون بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، أن أسامة ، كان ردف النبي ﷺ من عرفة إلى مزدلفة ، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى ، فكلاهما قال : لم يزل النبي ﷺ يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
الحديث السادس والثلاثون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا ابن علية ، حدثنا عوف بن أبي جميلة ، حدثنا زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، قال : قال ابن عباس : قال لي رسول الله ﷺ: « القط لي » ، فلقطت له حصيات وهي من حصيات الخذف ، فلما وضعتهن في يده قال : « بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين .
الحديث السابع والثلاثون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، أنه حج مع عبد الله بن مسعود ، قال : فرمى الجمرة بسبع حصيات ، وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ، وقال : هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة .
الحديث الثامن والثلاثون بعد المئة
وبه إلى مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عيسى بن يونس ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابرا ، يقول : رأيت النبي ﷺ يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا : « خذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه » .
الحديث التاسع والثلاثون بعد المئة
وبه إلى مسلم ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا الحسن بن أعين ، حدثنا معقل ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن حصين ، عن جدته أم الحصين ، سمعتها تقول ، : حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع ، فرأيته حين رمى جمرة العقبة انصرف وهو على راحلته ، ومعه بلال وأسامة ، أحدهما يقود راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله ﷺ من الشمس ، قالت : فقال رسول الله ﷺ قولا كثيرا ، ثم سمعته يقول : « إن أمر عليكم عبد مجدع ، حسبتها قالت : أسود ، يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا » .
الحديث الأربعون بعد المئة
وبه إلى مسلم ، حدثني أحمد بن حنبل ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن الحصين ، عن أم الحصين ، جدته ، قالت : حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع ، فرأيت أسامة وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله ﷺ ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة .
الحديث الحادي والأربعون بعد المئة
حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا أحمد بن الفضل الدينوري ، حدثنا محمد بن جرير الطبري ، حدثنا محمد بن بشار بندار ، وعبد الله بن أبي زياد ، قالا : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، حدثنا عثمان بن مرة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، قال : أمرنا رسول الله ﷺ أن نرمي الجمار بمثل حصى الخذف ، قال عبد الله بن أبي زياد : في حديثه في حجة الوداع ، قال : أبو محمد عبد الرحمن هذا هو ابن أخي طلحة بن عبيد الله ، هو عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله .
الحديث الثاني والأربعون بعد المئة
حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا الدينوري ، حدثنا الطبري ، حدثنا ابن سنان القزاز ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري ، حدثنا حميد الأعرج ، حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي ، وكان من أصحاب رسول الله ﷺ ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ، قال : ففتحت أسماعنا حتى إنا كنا لنسمع ما يقول ونحن بمنى في منازلنا ، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار ، فوضع أصبعيه السبابتين إحداهما على الأخرى ، وقال : حصى الخذف ، وذكر باقي الحديث . وأما قولنا : وخطب ﷺ الناس في اليوم المذكور ، وهو يوم النحر بمنى ، وأنزل المهاجرين منازلهم ونزل سائر الناس في منازلهم بعد ، وعلم الناس مناسكهم وذكر أيضا ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض ، وعظم حرمة مكة على جميع البلاد ، ثم انصرف ﷺ إلى المنحر بمنى ، فنحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أمر عليا بنحر ما بقي منها ، مما كان علي أتى به من اليمن مع ما كان ﷺ أتى به من المدينة ، وكانت تمام المائة ، ثم حلق ﷺ رأسه المقدس ، وقسم شعره فأعطى من نصفه الناس الشعرة والشعرتين ، وأعطى نصفه الثاني كله أبا طلحة الأنصاري ، وضحى ﷺ عن نسائه بالبقر ، وأهدى عمن كان اعتمر منهن بقرة ، وضحى هو ﷺ في ذلك اليوم بكبشين أملحين ، وأمر ﷺ أن يؤخذ من البدن التي ذكرنا من كل بدنة بضعة ، فجعلت في قدر وطبخت ، فأكل هو وعلي من لحمها ، وشربا من مرقها ، وكان ﷺ قد أشرك عليا فيها ، ثم أمر عليا بقسمة لحومها كلها وجلودها وجلالها ، وأن لا يعطى الجازر منها على جزارته شيئا ، وأعطاه ﷺ الأجرة على ذلك من عند نفسه ، وجرم الأبشار مع الدماء والأموال ، وأمرهم أن لا يرجعوا بعده كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ، وأمر بالتبليغ عنه ، وأخبر أن رب مبلغ أوعى من سامع ، وحلق بعض أصحابه ﷺ وقصر بعضهم ، فدعا ﷺ للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة .
الحديث الثالث والأربعون بعد المئة
فلما حدثناه أحمد بن قاسم ، قال : حدثني أبي قاسم بن محمد بن القاسم ، قال : حدثني جدي ، قاسم بن أصبغ البياني ، حدثنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد البرني حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري ، حدثنا حميد بن قيس المكي ، عن عبد الرحمن بن معاذ ، وكان من أصحاب النبي ﷺ ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ثم أمر المهاجرين أن ينزلوا مقدم المسجد ، وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد ، ثم نزل الناس بعد .
الحديث الرابع والأربعون بعد المئة
حدثنا أحمد بن محمد الجسوري ، حدثنا الدينوري ، حدثنا الطبري ، حدثنا ابن سنان القزاز ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري ، حدثنا حميد الأعرج ، حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي ، وكان من أصحاب رسول الله ﷺ ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ، فذكر الحديث كما ذكرناه قبل ، وفي آخره : ثم أمر المهاجرين أن ينزلوا في مقدم المسجد ، وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد ، ثم ينزل الناس بعد منازلهم ، قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : عبد الرحمن بن معاذ بن عثمان هو ابن عم طلحة بن عبيد الله بن عثمان .
الحديث الخامس والأربعون بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا قرة ، عن محمد بن سيرين ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة ، وحميد بن عبد الرحمن ، كلاهما عن أبي بكرة ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر ، فقال : « أتدرون أي يوم هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : « أليس ذو الحجة ؟ » ، قلنا : بلى ، قال : « أي بلد هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : « أليس بالبلد الحرام ؟ » قلنا : بلى ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا إلى يوم تلقون ربكم ، ألا هل بلغت ؟ » قالوا : نعم ، قال : « اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع ، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض .
الحديث السادس والأربعون بعد المئة
حدثنا حمام بن أحمد ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي ، حدثنا أبو زيد المروزي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا عاصم بن محمد ، عن واقد بن محمد ، قال : سمعت أبي ، قال عبد الله ، هو ابن عمر ، قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع : « ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة ؟ » قالوا : ألا شهرنا هذا ؟ ، قال : « فأي بلد تعلمونه أعظم حرمة ؟ » قالوا : ألا بلدنا هذا ؟ ، قال : « أي يوم تعلمونه أعظم حرمة ؟ » قالوا : ألا يومنا هذا ؟ قال : « فإن الله عز وجل قد حرم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت ؟ » ثلاثا ، كل ذلك يجيبونه : ألا نعم ، قال : « ويحكم ، أو ويلكم ، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض .
الحديث السابع والأربعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني أيوب بن محمد الوزان ، حدثنا مروان هو ابن معاوية الفزاري ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، حدثنا نبيط بن شريط الأشجعي ، قال : رأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس بمنى ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم سألهم ، فقال : « أي يوم أحرم ؟ » قالوا : هذا اليوم ، قال : « فأي بلد أحرم ؟ » قالوا : هذا البلد ، قال : « فأي شهر أحرم ؟ » قالوا : هذا الشهر ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة هذا اليوم وحرمة هذا الشهر وحرمة هذا البلد ، ألا هل بلغت ؟ » قالوا : نعم ، قال : « اللهم اشهد » .
الحديث الثامن والأربعون بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن محمد ، عن ابن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن النبي ﷺ ، قال : « الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، أي شهر هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : « أليس ذو الحجة ؟ » قلنا : بلى ، قال : « أي بلد هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت ، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، « أليس البلدة » ، قلنا : بلى ، فقال : « فأي يوم هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : « أليس يوم النحر ؟ » قلنا : بلى ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه » .
الحديث التاسع والأربعون بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، حدثنا قرة بن خالد ، حدثني محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبي بكرة ، قال : لما كان ذلك اليوم قعد على بعيره ، يعني النبي ﷺ ، وأخذ إنسان بخطامه ، وإن رسول الله ﷺ خطب بالناس ، فقال : « ألا تدرون أي يوم هذا ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه ، فقال : « أليس بيوم النحر ؟ » قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : « فأي بلد هذا ، أليست بالبلد الحرام ؟ » قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت ؟ » قالوا : نعم ، قال : « اللهم اشهد » .
الحديث الخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ولا نرى إلا الحج ، حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت ، فذكرت الحديث ، وفيه : أنه ﷺ ، قال لها : فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي ، قالت : وضحى رسول الله ﷺ عن نسائه بالبقر .
الحديث الحادي والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، في حجة رسول الله ﷺ ، قال : وقد ذكر رمي الجمرة يوم النحر ، ثم انصرف ، يعني النبي ﷺ إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أعطى عليا رحمه الله فنحر ما غبر وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدور فطبخت ، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها قال جابر في هذا الحديث : وكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن ، والذي أتى به النبي ﷺ مائة .
الحديث الثاني والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني عمرو بن عثمان ، حدثنا الوليد هو ابن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى هو ابن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : ذبح رسول الله ﷺ عمن اعتمر معه من نسائه بقرة بينهن .
الحديث الثالث والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا عبد الله بن مبارك ، عن حرملة بن عمران ، عن عبد الله بن الحارث الأزدي ، قال : سمعت عرفة بن الحارث الكندي ، قال : شهدت رسول الله ﷺ وأتي بالبدن ، فقال : « ادعوا لي أبا الحسن » ، فدعي له علي ، فقال : « خذ بأسفل الحربة » ، وأخذ رسول الله ﷺ بأعلاها ، ثم طعنا بها البدن ، فلما فرغ ركب بغلته وأردف عليا .
الحديث الرابع والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا معاذ بن معاذ ، حدثنا زهير ، حدثنا عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي ، قال : أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بدنه ، وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجازر منها شيئا ، قال : ونحن نعطيه من عند أنفسنا .
الحديث الخامس والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عمران بن يزيد ، حدثنا شعيب بن إسحاق ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني حسن بن مسلم ، أن مجاهدا ، أخبره أن عبد الرحمن بن أبي ليلى أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره أن رسول الله ﷺ ، أمره أن يقسم بدنه كلها ، لحومها وجلودها وجلالها في المساكين ولا يعطي في جزارتها منها شيئا .
الحديث السادس والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن نمير ، وأبو كريب وأبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله ﷺ أتى منى ، فأتى الجمرة فرماها ، ثم أتى منزله ونحر ، ثم ذكر ، وحلق رأسه ، فقال أبو كريب في روايته التي ذكرنا ، فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس ، ثم قال : الأيسر فصنع مثل ذلك ، ثم قال : ها هنا أبو طلحة ، فدفعه إلى أبي طلحة ، قال ابن أبي شيبة في روايته : قال الحلاق : ها ، وأشار بيده إلى الجانب الأيمن ، هكذا فقسم شعره بين من يليه ، ثم أشار إلى الحلاق إلى الجانب الأيسر ، فحلقه فأعطاه أم سليم ، قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : لا خلاف في هذا ؛ لأن أم سليم هي امرأة أبي طلحة ، فدفعه ﷺ إليهما معا .
الحديث السابع والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبيد الله بن سعيد ، أخبرني يحيى هو القطان ، عن عبيد الله هو ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ ، قال : « يرحم الله المحلقين » قالوا : يا رسول الله ، والمقصرين ؟ ، قال : « يرحم الله المحلقين » قالوا : يا رسول الله ، والمقصرين ؟ ، قال : « يرحم الله المحلقين » ، فقال : يعني في الرابعة : « والمقصرين » .
الحديث الثامن والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : حلق رسول الله ﷺ وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم ، فقال ﷺ : « يرحم الله المحلقين » مرة أو مرتين ، ثم قال : « والمقصرين » .
الحديث التاسع والخمسون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن هو ابن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن يحيى بن حصين ، عن جدته أم حصين ، قالت : سمعت النبي ﷺ يقول : « اللهم اغفر للمحلقين » قالوا : والمقصرين ؟ قال : « اللهم اغفر للمحلقين » ، قالوا : والمقصرين ؟ قال : « والمقصرين » .
الحديث الستون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : لما كان ذلك اليوم قعد على بعيره ، يعني النبي ﷺ وأخذ إنسان بخطامه ، وقال : « أتدرون أي يوم هذا ؟ » ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، فسكت ، حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه فقال : « أليس بيوم النحر ؟ » قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : « فأي شهر هذا ؟ » قلنا : « الله ورسوله أعلم ، قال : » أليس بذي الحجة ؟ « قلنا : بلى ، يا رسول الله ، قال : » فأي بلد هذا ؟ « قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت ، حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه ، قال : » أليس بالبلدة ؟ « قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : » فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، فليبلغ الشاهد الغائب « ، قال : ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما ، وإلى جزيعة من الغنم فقسمهما بيننا .
الحديث الحادي والستون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني عمرو بن هشام الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن الحصين الأحمسي ، عن جدته أم الحصين ، قالت : حججت في حجة النبي ﷺ ، فرأيت بلالا رضي الله عنه آخذا يقود بخطام ناقته ، وأسامة بن زيد رضي الله عنهما رافع عليه ثوبه يظله من الحر وهو محرم ، حتى رمى جمرة العقبة ، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وذكر قولا كثيرا .
الحديث الثاني والستون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا هناد بن السري ، عن أبي الأحوص ، عن ابن غرقدة ، عن سليمان بن عمرو ، عن أبيه ، قال : شهدت رسول الله ﷺ في حجة الوداع يقول : « أيها الناس ، ثلاث مرات ، أي يوم هذا ؟ » قالوا : يوم النحر ، يوم الحج الأكبر ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا ، ألا لا يجني جان على ولده ، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا ، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فيرضى ، ألا وإن كل ربا من ربا الجاهلية يوضع ، لكم رءوس أموالكم لا يظلمون لا تظلمون » وأما قولنا : وأخبر ﷺ ، أن عرفة كلها موقف ، وارفعوا عن بطن عرنة ، وأن مزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر ، وأن منى كلها منحر ، وأن فجاج مكة منحر ، ثم تطيب عليه السلام قبل أن يطوف طواف الإفاضة لإحلاله قبل أن يحل في يوم النحر وهو يوم السبت المذكور ، وطيبته عائشة أيضا بطيب فيه مسك بيديها ، ثم نهض ﷺ إلى مكة راكبا يوم النحر المذكور نفسه فطاف في يومه ذلك طواف الإفاضة ، وهو طواف الزيارة قبل الظهر ، ولم يرمل فيه وشرب من ماء زمزم بالدلو من نبيذ السقاية ، ثم رجع من يومه ذلك إلى منى ، فصلى بها الظهر ، وقيل : بل صلى الظهر بمكة ، وطافت أم سلمة في ذلك اليوم وقد طهرت يوم النحر ، وكانت رضي الله عنها يوم عرفة حائضا ، وطافت أيضا صفية في ذلك اليوم ، ثم حاضت ليلة النفر بعد ذلك ، ثم رجع ﷺ إلى منى وسئل حينئذ عما تقدم بعضه على بعض من الرمي والحلق والنحر والإفاضة ، فقال في كل ذلك : « لا حرج لا حرج » ، وكذلك قال في تقديم السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالبيت وأخبر أن الله تعالى أنزل لكل داء دواء إلا الهرم ، وعظم إثم من اقترض عرض مسلم ظلما ، ثم عاد إلى منى فأقام هنالك باقي يوم السبت وليلة الأحد ويوم الأحد وليلة الإثنين ويوم الإثنين ، وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء ، وهذه هي أيام التشريق ، يرمي الجمار الثلاث وفي كل يوم من هذه الأيام الثلاثة بعد الزوال بسبع حصيات كل يوم لكل جمرة ، يبدأ بالدنيا ، وهي التي تلي مسجد منى ، ويقف عندها للدعاء طويلا ، ثم التي تليها وهي الوسطى ، ويقف أيضا عندها للدعاء كذلك ، ثم جمرة العقبة ، ولا يقف عندها ويكبر ﷺ مع كل حصاة ، وخطب ﷺ الناس أيضا يوم الأحد ، ثاني أيام النحر ، وهو يوم الرءوس ، وقد روي أيضا أنه ﷺ خطبهم أيضا يوم الاثنين وهو يوم الأكارع ، وأوصى بذوي الأرحام خيرا ، وأخبر ﷺ أنه لا تجني نفس على أخرى ، واستأذنه العباس عمه رضي الله عنه في المبيت بمكة ليالي منى المذكورة من أجل سقايته ، فأذن له ﷺ وأذن ﷺ للرعاء مثل ذلك .
الحديث الثالث والستون بعد المئة
فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، عن جعفر بن محمد ، حدثني أبي ، عن جابر ، في حجة الوداع أن رسول الله ﷺ ، قال : « نحرت ها هنا ومنى كلها منحر ، فانحروا في رحالكم ، ووقفت ها هنا وعرفة كلها موقف ، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف » .
الحديث الرابع والستون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق القاضي ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يحيى بن سعيد وهو القطان حدثنا جعفر هو ابن محمد ، حدثنا أبي ، عن جابر ، قال : ثم قال النبي ﷺ: « قد نحرت ها هنا ومنى كلها منحر ووقف بعرفة » ، فقال : « قد وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف » .
الحديث الخامس والستون بعد المئة
حدثنا أحمد بن عمر بن أنس ، حدثنا عبد الله بن حسين بن عقال القرينشي ، حدثنا إبراهيم بن محمد الدينوري ، حدثنا محمد بن أحمد بن الجهم ، حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا مسدد ، حدثنا حفص هو ابن غياث عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، رضي الله عنه ، أن رسول الله ﷺ قال عند المروة : « هذا المنحر وفجاج مكة كلها منحر » ، وقال بمنى : « هذا المنحر وفجاج منى منحر » ، هكذا قال .
الحديث السادس والستون بعد المئة
وبه إلى ابن الجهم ، حدثنا جعفر الصائغ ، حدثنا أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار ، عن سليمان بن موسى ، عن عبد الرحمن بن أبي حصين ، عن جبير بن مطعم ، قال : قال رسول الله ﷺ : « كل عرفات موقف وارفعوا عن عرنة ، والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر » ، قال أبو محمد : المزدلفة هي جمع .
الحديث السابع والستون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا علي بن عبد الله بن المديني ، عن سفيان هو ابن عيينة ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، أنه سمع أباه ، وكان أفضل أهل زمانه يقول : سمعت عائشة ، رضي الله عنها تقول : طيبت رسول الله ﷺ بيدي هاتين حين أحرم ، ولحله حين أحل قبل أن يطوف ، وبسطت يديها .
الحديث الثامن والستون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني يعقوب الدورقي ، وأحمد بن منيع ، قالا : حدثنا هشيم ، أخبرنا منصور ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ قبل أن يحرم ويحل ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك .
الحديث التاسع والستون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي أبو عبيد الله المكي ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : طيبت رسول الله ﷺ لحرمه حين أحرم ولحله بعدما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت .
الحديث السبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن رافع ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ أفاض يوم النحر ، ثم رجع فصلى الظهر بمنى ، وهذه الرواية عن ابن عمر .
الحديث الحادي والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، وذكر ، في حجة النبي ﷺ رميه الجمار يوم النحر ، قال : ثم ركب رسول الله ﷺ فأفاض بالبيت ، فصلى بمكة الظهر وأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم ، فقال : « انزعوا بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم » ، فناولوه دلوا فشرب منه .
الحديث الثاني والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا علي بن بحر ، وعبد الله بن سعيد المعنى قالا : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حتى صلى الظهر ، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، قال أبو محمد : فهذا جابر وعائشة رضي الله عنهما قد اتفقا على أنه ﷺ صلى الظهر يوم النحر بمكة ، وهما والله أعلم أضبط لذلك من ابن عمر ، فعائشة أخص به ﷺ من جميع الناس ، والله أعلم .
الحديث الثالث والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن المنهال الضرير ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله المزني ، أنه سمع ابن عباس ، يقول وهو جالس معه عند الكعبة : قدم النبي ﷺ على راحلته ، وخلفه أسامة بن زيد فاستسقى ، فأتياه بإناء من نبيذ ، فشرب وسقى فضله أسامة ، وقال : « أحسنتم وأجملتم ، هكذا فاصنعوا » ، قال ابن عباس : فنحن لا نريد أن نغير ما أمر به رسول الله ﷺ .
الحديث الرابع والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، عن مالك ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة ، رضي الله عنها ، قالت : شكوت إلى رسول الله ﷺ أني أشتكي ، فقال : « طوفي من وراء الناس وأنت راكبة » ، قالت : فطفت ورسول الله ﷺ حينئذ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ ب الطور وكتاب مسطور .
الحديث الخامس والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ في حجة الوداع ، فذكرت الحديث ، وفيه : فأدركني يوم عرفة وأنا حائض .
الحديث السادس والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ، هو العقدي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ، لا نذكر إلا الحج ، حتى جئنا سرف فطمثت ، فذكرت الحديث ، وفيه : فلما كان يوم النحر طهرت ، فأمرني رسول الله ﷺ فأفضت ، وذكرت باقي الحديث ، وبعد هذا خلاف في موضع طهورها في باب ترجمته باب الاختلاف في لفظه ﷺ لعائشة إذ حاضت .
الحديث السابع والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي سلمة ، أن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ حجاجا ، فأفضنا يوم النحر وحاضت صفية ، فأراد رسول الله ﷺ منها ما يريد الرجل من أهله ، فقالت : يا رسول الله أنا حائض ، قال : « أحابستنا هي ؟ » قالوا : يا رسول الله قد أفاضت يوم النحر ، قال : « اخرجوا » حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثني أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثني إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : حاضت صفية ليلة النفر ، وذكرت باقي الحديث .
الحديث الثامن والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سفيان هو ابن عيينة ، عن سفيان ، هو الثوري ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : « الحج عرفات ، ثلاثا ، فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك ، أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه » .
الحديث التاسع والسبعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن بشار ، حدثنا سهل بن يوسف ، وحماد بن مسعدة ، قالا : حدثنا شعبة ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر ، عن النبي ﷺ أنه سئل عن الحج ، فقال : الحج عرفة ، أيام منى ثلاثة أيام ، من تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه .
الحديث الثمانون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا الحسين بن حريث ، حدثنا سعيد بن سالم ، عن موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر ، أن النبي ﷺ قال : « يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ؛ أيام أكل وشرب » .
الحديث الحادي والثمانون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، حدثنا علي بن الحسن ، عن عبد الله بن المبارك ، أخبرنا محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : سمعت رسول الله ﷺ ، وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة ، فقال : يا رسول الله ، إني حلقت قبل أن أرمي ، فقال : « ارم ولا حرج » ، وأتاه آخر ، فقال : إني ذبحت قبل أن أرمي ، فقال : « ارم ولا حرج » ، وأتاه رجل آخر ، فقال : إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي ، قال : « ارم ولا حرج » ، فما رأيته سئل يومئذ عن شيء إلا قال : « افعلوا ولا حرج » .
الحديث الثاني والثمانون بعد المئة
وبه إلى مسلم : حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا بهز ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير ، فقال : « لا حرج » .
الحديث الثالث والثمانون بعد المئة
حدثني أحمد بن عمر بن أنس العذري ، حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الكرابيسي ، أخبرنا الحسين بن إدريس ، حدثنا عثمان هو ابن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الشيباني هو أبو إسحاق ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك ، قال : خرجت مع النبي ﷺ حاجا ، فكان الناس يأتونه ، فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف ، أو أخرت شيئا ، أو قدمت شيئا ، فكان يقول لهم : « لا حرج ، لا حرج ، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم ، فذلك الذي حرج وهلك » .
الحديث الرابع والثمانون بعد المئة
حدثنا أحمد بن عمر بن أنس ، حدثنا أبو ذر الهروي ، حدثنا شيبان بن محمد الضبعي ، وأمة السلام بنت أحمد بن كامل القاضي ، قال شيبان : حدثنا أبو خليفة ، حدثنا ابن كثير ، وقالت أمة السلام : حدثنا محمد بن إسماعيل البندار ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، وابن كثير ، عن سفيان ، هو الثوري ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن سلمة بن قيس هو الأشجعي قال : قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع : « أربع لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تزنوا ولا تسرقوا » . وفي رواية أمة السلام : « ولا تسرقوا ولا تزنوا » . وقد ذكرنا أن يوم النحر كان يوم السبت وأيام منى بعده ثلاثة فهي بلا شك يوم الأحد ، والإثنين والثلاثاء ، وليالي هذه الأيام .
الحديث الخامس والثمانون بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا طلحة بن يحيى الأنصاري ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل مستقبلا القبلة فيقوم طويلا ، ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الجمرة الوسطى ، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ، ويقوم مستقبلا القبلة ، ثم يدعو ويرفع يديه ، ويقوم طويلا ، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ، ثم ينصرف ويقول : هكذا رأيت رسول الله ﷺ يفعله . وقد ذكرنا قبل هذا الحديث ، وما يدل على هذا العمل في كل أيام التشريق .
الحديث السادس والثمانون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : رمى رسول الله ﷺ الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد فإذا ما زالت الشمس .
الحديث السابع والثمانون بعد المئة
حدثني أحمد بن عمر بن أنس العذري ، حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي الأنصاري ، حدثنا أحمد بن عبدان الحافظ ، بالأهواز ، أخبرنا سهل بن موسى شيران ، حدثنا أبو موسى ، حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا أبو العوام ، حدثنا محمد بن جحادة ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك ، قال : شهدت رسول الله ﷺ في حجة الوداع يخطب وهو يقول : « أمك وأباك وأختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك » . قال : فجاء قوم فقالوا : يا رسول الله قتلتنا بنو يربوع ، فقال رسول الله ﷺ: « لا تجني نفس على أخرى » ، ثم سأله رجل نسي أن يرمي الجمار فقال : « ارم ولا حرج » ، ثم أتاه آخر فقال : يا رسول الله نسيت الطواف ، فقال : « طف ولا حرج » ، ثم أتاه آخر حلق قبل أن يذبح ، فقال : « اذبح ولا حرج » . فما سألوه يومئذ عن شيء إلا قال : « لا حرج لا حرج » . ثم قال : « قد أذهب الله الحرج إلا رجل اقترض امرأ مسلما فذلك الذي حرج وهلك » . وقال : « ما أنزل الله عز وجل داء إلا أنزل معه دواء إلا الهرم » .
الحديث الثامن والثمانون بعد المئة
حدثنا أحمد بن محمد الجسوري ، حدثنا ابن مطرف الخطيب ، حدثنا عبيد الله بن يحيى بن يحيى ، حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أنه قال : وقف رسول الله ﷺ في حجة الوداع بمنى يسألونه فجاءه رجل فقال : يا رسول الله إني لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ، فقال رسول الله ﷺ: « اذبح ولا حرج » ، وجاء آخر فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : « ارم ولا حرج » . قال : فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال : « اصنع ولا حرج » .
الحديث التاسع والثمانون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا أبو سعيد الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الشيباني هو أبو إسحاق ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك ، قال : خرجت مع رسول الله ﷺ حاجا ، وكان الناس يأتونه فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل الطواف ، أو أخرت شيئا أو قدمت شيئا ، فكان يقول : « لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك » .
الحديث التسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا ربيعة بن عبد الرحمن بن حصين ، حدثتني جدتي سراء بنت نبهان وكانت ربة بيت في الجاهلية قالت : خطبنا النبي ﷺ يوم الرءوس فقال : « أي يوم هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم قال : « أليس أوسط أيام التشريق » ؟ . قال أبو محمد : إن صح أنه كان يوم الرءوس فهو ثاني النحر بإجماع من أهل مكة ، ويكون أوسط حينئذ بمعنى أشرف ، قال تعالى ( جعلناكم أمة وسطا) ونحن بلا شك آخر الأمم ، وقال عليه الصلاة والسلام : « فسلوا الله الفردوس فإنه وسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوق ذلك عرش الرحمن » . فهذا نص على أن الوسط هو الأشرف .
الحديث الحادي والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله ، حدثني نافع ، عن ابن عمر ، أن العباس بن عبد المطلب ، استأذن النبي ﷺ أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له .
الحديث الثاني والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا القعنبي ، أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن أبي البداح بن عاصم ، عن أبيه ، أن رسول الله ﷺ أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة ، يرمون يوم النحر ثم يرمون من الغد ، ومن بعد الغد يومين ، ثم يرمون يوم النفر .
الحديث الثالث والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، عن عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا مسدد ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله ، ومحمد ، ابني أبي بكر هو ابن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيهما ، عن أبي البداح بن عدي ، عن أبيه ، أن النبي ﷺ رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما .
الحديث الرابع والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا سليمان بن داود ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه وأما قولنا : ثم نهض ﷺ بعد زوال الشمس من يوم الثلاثاء المؤرخ ، وهو آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة ، وهو يوم النفر إلى المحصب ، فضربت بها قبته ضربها أبو رافع مولاه ، وكان على ثقله ﷺ ، وقد كان عليه السلام قال لأسامة بن زيد أنه ينزل غدا بالمحصب خيف بني كنانة ، وهو المكان الذي ضرب به أبو رافع قبته وفاقا من الله عز وجل دون أن يأمره ﷺ بذلك ، وصلى ﷺ بالمحصب الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة ، وبات بها ليلة الأربعاء المذكورة ، وقد رقد رقدة ، ورغبت إليه عائشة أن يعمرها عمرة مفردة ، وقال لها ﷺ : « أما كنت طفت ليالي قدمنا مكة » ؟ فقالت : لا ، وأخبرها ﷺ يوم النفر ويوم النحر ، وإذ طهرت أنها قد حلت من عمرتها وحجها ، وأن طوافها يجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعتمر عمرة مفردة ، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أخاها بأن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك ، وانتظرها ﷺ بأعلى مكة حتى انصرفت من عمرتها تلك ، وأمر الناس أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت ، ورخص في ترك ذلك للحائض التي قد طافت طواف الإفاضة قبل أن تحيض ، ثم إن رسول الله ﷺ دخل مكة فطاف بالبيت طواف الوداع سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء المذكور ، ثم خرج من أسفل مكة من الثنية السفلى ، والتقى بعائشة رضي الله عنها وهو ناهض إلى الطواف المذكور ، وهي راجعة من تلك العمرة التي ذكرنا ثم رجع ﷺ وأمر بالرحيل .
الحديث الخامس والتسعون بعد المئة
فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، أخبرنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، قال : سألت أنس بن مالك أين صلى رسول الله ﷺ الظهر يوم التروية ؟ قال : بمنى ، قلت : فأين صلى العصر يوم النفر ؟ قال : بالأبطح . قال أبو محمد : وقد ذكرنا أنه ﷺ كان يرمي الجمرة في أيام منى بعد الزوال ، وذلك اليوم هو آخر أيام منى ، وهو الثالث من أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة بلا خلاف في شيء من ذلك ، وإذا كان يوم عرفة يوم الجمعة فيوم النفر هو يوم الثلاثاء بلا شك .
الحديث السادس والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا حميد ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ، ثم هجع هجعة ، ثم دخل مكة .
الحديث السابع والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا قتيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن صالح بن كيسان ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي رافع ، وكان على ثقل النبي ﷺ قال : لم يأمرني رسول الله ﷺ أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ولكني جئت فضربت قبته فجاء فنزل .
الحديث الثامن والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمود ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان بن عفان ، عن أسامة بن زيد ، قال : قلت يا رسول الله أين ننزل غدا في حجته ؟ قال : « وهل ترك لنا عقيل منزلا » ، ثم قال : « نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة المحصب ، حيث قاسمت قريش على الكفر » .
الحديث التاسع والتسعون بعد المئة
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني الزهري ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، حدثني أبو هريرة ، قال : قال لنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى : « نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر » ، وذلك أن قريشا وبني كنانة حالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله ﷺ يعني بذلك المحصب . هكذا نص الحديث .
الحديث المئتان
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمود بن خالد ، حدثنا عمر ، عن الأوزاعي ، حدثني الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله ﷺ قال حين أراد أن ينفر من منى : « نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة » . يعني المحصب ، هذا نص الحديث .
الحديث الواحد بعد المئتان
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أصبع بن الفرج ، أخبرنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن قتادة ، أن أنس بن مالك حدثه أن النبي ﷺ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ثم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف .
الحديث الثاني بعد المئتان
وبه إلى البخاري : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عثمان بن الأسود ، حدثنا ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، أنها قالت : يا رسول الله يرجع أصحابك بأجر حج وعمرة ولم أزد على الحج ؟ فقال لها : « اذهبي فليردفك عبد الرحمن » ، فأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم فانتظرها رسول الله ﷺ بأعلى مكة حتى جاءت . قال أبو محمد : إنما أدخلنا هذا الحديث لهذه اللفظة : فانتظرها ﷺ بأعلى مكة حتى جاءت .
الحديث الثالث بعد المئتان
حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن نمير ، وزهير بن حرب ، قال زهير : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، قال ابن نمير : حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله ، ثم اتفقا عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ، ويدخل من طريق المعرس ، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ، ويخرج من الثنية السفلى . زاد زهير في حديثه : الثنية العليا التي بالبطحاء .
الحديث الرابع بعد المئتان
وبه إلى مسلم : حدثنا محمد بن المثنى ، وابن أبي عمر ، جميعا عن ابن عيينة ، قال ابن المثنى : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن النبي ﷺ لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها .
الحديث الخامس بعد المئتان
وبه إلى مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ، أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ولا نرى إلا الحج ، وذكرت الحديث ، قالت فيه : فلما كانت ليلة الحصبة قلت : يا رسول الله يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة ؟ قال : « أوما كنت طفت ليالي قدمنا مكة » ؟ قالت : قلت : لا ، قال : « فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة ثم موعدك مكان كذا وكذا » . قالت عائشة : فلقيني رسول الله ﷺ وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة عليها أو : أنا مصعدة وهو منهبط منها . قال أبو محمد : الذي لا شك فيه أنها كانت مصعدة من مكة وهو ﷺ منهبط ؛ لأنها تقدمت إلى العمرة وانتظرها ﷺ حتى جاءت ، ثم نهض ﷺ إلى طواف الوداع فلقيها منصرفة إلى المحصب عن مكة ، والحديث الذي يتلو هذا فيه نص ما قلنا . وقوله ﷺ لها أنها قد حلت من حجها وعمرتها ، وإن طوافها يجزئها وعمرتها مذكور في باب من هذا الكتاب مترجم بباب الاختلاف في لفظه عليه السلام لعائشة إذ حاضت وهي معتمرة فأمرها ﷺ .
الحديث السادس بعد المئتان
حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي سلمة ، أن عائشة ، قالت : خرجنا حجاجا فأفضنا يوم النحر وحاضت صفية ، فأراد رسول الله ﷺ منها ما يريد الرجل من أهله ، فقالت : يا رسول الله إنها حائض قال : « أحابستنا هي » ؟ قالوا : يا رسول الله قد أفاضت يوم النحر ، قال : « اخرجوا » .
الحديث السابع بعد المئتان
حدثنا حمام ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم ، حدثنا أبو زيد المروزي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، فذكرت الحديث ، وفيه : حتى نفرنا من منى فدعا ﷺ عبد الرحمن فقال : « اخرج بأختك من الحرم فلتهل بالعمرة ثم افرغا من طوافكما أنتظركما ها هنا » . فأتينا في جوف الليل فقال : « فرغتما » ؟ قلت : نعم ، فنادى بالرحيل في أصحابه ، فارتحل الناس ، ثم طاف بالبيت قبل صلاة الصبح ، ثم خرج متوجها إلى المدينة وأما قولنا : فكانت مدة إقامته ﷺ بمكة عشرة أيام مذ دخلها إلى أن خرج إلى منى إلى عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب . فلما قد بينا فيما خلا أنه ﷺ دخلها صبيحة يوم الأحد وخرج ليلة الأربعاء .
الحديث الثامن بعد المئتان
وهكذا حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا يحيى بن أبي إسحاق ، سمعت أنسا ، قال : خرجنا مع رسول الله ﷺ من المدينة إلى مكة ، فكنا نصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة ، قلت : أقمتم بها شيئا ؟ قال : أقمنا بها عشرا وأما قولنا : إنه ﷺ أمر الناس أن لا ينفروا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت إلا المرأة التي حاضت بعد أن طافت طواف الإفاضة .
الحديث التاسع بعد المئتان
فلما حدثناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابن السليم ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا نصر بن علي ، حدثنا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : كان الناس ينصرفون في كل وجهة ، فقال النبي ﷺ : « لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت » .
الحديث العاشر بعد المئتان
حدثنا حمام ، حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا ابن أيمن ، حدثنا بكر بن حماد ، حدثنا مسدد ، حدثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : أمر الناس أن يكون ، آخر عهدهم الطواف بالبيت ، إلا أنه خفف عن الحائض وأما قولنا : خرج ﷺ من الثنية السفلى من مكة فلما أتى ذا الحليفة بات بها ، ثم لما رأى المدينة كبر ثلاث تكبيرات ، وقال : « لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » ، ثم دخل ﷺ المدينة نهارا من طريق المعرس . فلما قد ذكرناه فيما خلا من هذا الكتاب في باب دخوله ﷺ في الليل مكة .
الحديث الحادي عشر بعد المئتان
وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، وحدثنا البخاري ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا أنس بن عياض ، عن عبيد الله هو ابن عمر عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ، ويدخل إلى مكة ، يصلي في مسجد الشجرة ، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي ، وبات حتى يصبح .
الحديث الثاني عشر بعد المئتان
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، عن الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن مقاتل ، أخبرنا عبد الله أبو محمد ، قال : أخبرنا موسى بن عقبة ، عن سالم ، ونافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان إذا قفل من الغزو ، أو من الحج ، أو من العمرة يبدأ فيكبر ثلاث مرات ثم يقول : « لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : قد ذكر ابن عمر أنه ﷺ كان يقول ما ذكرنا إذا انصرف من الحج ، ولم يكن له ﷺ بعد الهجرة إلا حج واحد ، فقد قال فيه ذلك بلا شك .
قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : قد أكملنا ما وعدنا به من ذكر الأحاديث التي استشهدنا بها على ما ذكرناه من كيفية عمله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، بحول الله تعالى وقوته ، والحمد لله رب العالمين كثيرا .
كتاب حجة الوداع الفصل الثاني ابن حزمالفصل الثالث
==========
ناقص الفصل الثالث
=========

كتاب الرد على ابن النغريلة/ورد لإبن حزم الأندلسي



======
كتاب الرد على ابن النغريلة/الصفحة الأولى  
  مقدمة المؤلف
المؤلف: ابن حزمالفصل الأول
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وصلى الله على سيدنا محمد وآله
قال أبو محمد علي بن احمد بن حزم رضي الله عنه:
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله وسلم تسليماً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم: اللهم إنا نشكو إليك تشاغل أهل الممالك من أهل ملتنا بدنياهم عن إقامة دينهم، وبعمارة قصور يتركونها عما قريب عن عمارة شريعتهم اللازمة لهم في معادهم ودار قرارهم، وبجمع أموال ربما كانت سبباً إلى انقراض أعمارهم وعوناً لأعدائهم عليهم، وعن حياطة ملتهم بها عزوا في عاجلتهم وبها يرجون الفوز في آجلتهم حتى استشرف لذلك أهل القلة والذمة، وانطلقت ألسنة أهل الكفر والشرك بما لو حقق النظر أرباب الدنيا لاهتموا بذلك ضعف همنا، لأنهم مشاركون لنا فيما يلزم الجميع من الامتعاض للديانة الزهراء والحمية للملة الغراء، ثم هم متردون بما يؤول إليه إهمال هذا الحال من فساد سياستهم والقدح في رياستهم، فللأسباب أسباب، وللمداخل إلى البلاء أبواب، والله اعلم بالصواب.
وقد قال علي بن العباس:{لا تحقرن سبيباً كم جر أمراً سبيب }
وقال أبو نصر ابن نباتة :
فلا تحقرن عدواً رماك
وإن كان في ساعديه قصر
فإن السيوف تجذ الرقاب
وتعجز عما تنال الإبر
لاسيما إن كان العدو من عصابة لا تحسن إلا الخبث مع مهانة الظاهر فيأنس المغتر إلى الضعف البادي، وتحت ذلك الختل والكيد والمكر، كاليهود الذين لا يحسنون شيئاً من الحيل ولا آتاهم الله شيئاً من أسباب القوة وإنما شأنهم الغش والتخابث والسرقة، على التطاول والخضوع، مع شدة العداوة لله تعالى ولرسوله ﷺ .
وبعد فإن بعض من تقلى قلبه للعداوة للإسلام وأهله وذوبت كبده ببغضه الرسول ﷺ من متدهرة الزنادقة المستسرين بأذل الملل وأرذل النحل من اليهود التي استمرت لعنة الله على المرتسمين بها، واستقر غضبه عز وجل على المنتمين إليها، أطلق الأشر لسانه، وأرخى البطر عنانه، واستشمخت لكثرة الأموال لديه نفسه المهينة، وأطغى توافر الذهب والفضة عنده همته الحقيرة، فألف كتاباً قصد فيه، بزعمه، إلى إبانة تناقض كلام الله عز وجل في القرآن اغتراراً بالله أولاً، ثم بملك ضعفة ثانياً، واستخفافاً بأهل الدين بدءاً، ثم بأهل الرياسة في مجانة عوداً؛ فلما اتصل بي أمر هذا اللعين لم أزل باحثاً عن ذلك الكتاب الخسيس لأقوم فيه بما أقدرني الله عز وجل عليه من نصر دينه بلساني وفهمي، والذب عن ملته ببياني وعلمي، إذ قد عدمها، والمشكى إلى الله عز وجل ووجود الأعوان والأنصار على توفية هذا الخسيس الزنديق المستبطن مذهب الدهرية في باطنه، المكفن بتابوت اليهودية في ظاهره، حقه الواجب عليه من سفك الدماء واستيفاء ماله وسبي نسائه وولده، لتقدمه طوره وخلعه الصغار عن عنقه، وبراءته من الذمة الحاقنة دمه، المانعة من ماله وأهله، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل.
فأظفرني القدر بنسخة رد فيها عليه رجل من المسلمين، فانتسخت الفصول التي ذكرها ذلك الراد عن هذا الرذل الجاهل، وبادرت إلى بطلان ظنونه الفاسدة بحول الله تعالى وقوته؛ ولعمري عن اعتراضه الذي اعترض به ليدل على ضيق باعه في العلم، وقلة اتساعه في الفهم على ما عهدناه عليه قديماً، فإننا ندريه عارياً إلا من المخرقة، سليماً إلا من الكذب، صفراً إلا من البهت؛ وهذه عقوبة الله تعالى المعجلة لمن سلك مسلك هذا الزنديق اللعين مقدمة، أما ما أعد الله له ولأمثاله من الخلود في نار جهنم فهو المقر لعيون أولياء الله عز وجل فيه وفي ضربائه، وبالله تعالى التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كتاب الرد على ابن النغريلة
مقدمة المؤلف | الفصل الأول | الفصل الثاني | الفصل الثالث | الفصل الرابع | الفصل الخامس | الفصل السادس والفصل السابع | الفصل الثامن وفصل في قبائحهم

======= 
الفصل الأول
فكان أول ما اعترض به هذا الزنديق المستسر باليهودية ، على القرآن بزعمه أن ذكر قول لله عز وجل : {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك} (النساء: 78) قال هذا المائق الجاهل : فأنكر في هذه الآية تقسيم القائلين بأن ما أصابهم من حسنة فمن الله وما أصابهم من سيئة فمن عند محمد ﷺ ، وأخبر أن كل ذلك من عند الله ؛ قال: ثم قال في آخر هذه الآية: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} (النساء: 79) قال هذا الزنديق الجاهل : فعاد مصوباً لقولهم ومضاداً لما قدم في أول الآية .
قال أبو محمد بن حزم : لو كان لهذا الجاهل الوقاح أقل بسطة أو أدنى حظ من التمييز لم يتعرض بهذا الاعتراض الساقط الضعيف ، والآية المذكورة مكتفية بظاهرها عن تكلف تاويل ، مستغنية ببادي ألفاظها عن تطلب وجه لتأليفها ، ولكن جهله أعمى بصيرته وطمس إدراكه .
وبيان ذلك أن الكفار يقولون : إن الحسنات الواصلة إليهم هي من عند الله عز وجل وان السيئات المصيبة لهم في دنياهم هي من عند محمد ﷺ فأكذبهم الله تعالى في ذلك ، وبين وجه ورود حسنات الدنيا وسيئاتها على كل من فيها بان الحسنات السارة هي من عند الله تعالى بفضله على الناس ، وان كل سيئة يصيب الله تعالى بها إنساناً في دنياه فمن قبل نفس المصاب بها بما يجني على نفسه من تقصيره فيما يلزمه من أداء حق الله تعالى الذي لا يقوم به أحد، وكل ذلك من عند الله تعالى جملة .
فأحد الوجهين وهو : الحسنات فضل من الله تعالى مجرد لم يستحقه أحد على الله تعالى إلا حتى يفضل به عز وجل من احسن إليه من عباده .
والوجه الثاني وهو السيئات تأديب من الله تعالى أوجبه على المصاب بها تقصيره عما يلزمه من واجبات ربه تعالى .
ولا يستوحشن مستوحش فيقول : كيف يكون النبي ﷺ المخاطب بهذا الخطاب مقصراً في أداء واجب ربه تعالى ؟
فليعلم أن التقصير ليس يكون معصية في كل وقت ، وإنما يكون النبي ﷺ منزهاً عن تعمد المعصية صغيرها وكبيرها .
وأما تأدية شكر الله تعالى وجميع حقوقه على عباده فهذا ما لا يستوفيه ملك ولا نبي فكيف من دونهما ، كما أخبر رسول الله ﷺ : "إن أحدكم لا يدخل الجنة بعمله"
فقيل له: ولا أنت يا رسول الله ؟ فقال ﷺ : "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" ، أو كما قال ﷺ .
فإنما أنكر الله تعالى على الكفار في الآية المتلوة آنفاً قولهم للنبي ﷺ : عن ما أصابهم من سيئة فهي منك يا محمد ﷺ ، وأخبر عز وجل أنها من عند أنفسهم ، وأن كل ذلك من عند الله تعالى ؛ فلم يفرق المجنون بين ما أوجبه الله تعالى من أن كل من أصابته سيئة فمن نفسه ، وبين ما ذكر الله تعالى من قول الكفار لمحمد ﷺ : إن ما أصابهم من سيئة فمنك يا محمد ﷺ .
فأي ظلم يكون اعظم من ظلم من جهل أن يفرق بين معنيي هذين اللفظين ؟
وإنما كان الكفار يتطيرون بمحمد ﷺ عندما يرد عليهم من نكبة تعرض لهم بكفرهم وخلافهم له ﷺ ، كما تطير إخوانهم قبلهم بموسى ﷺ إذ قال تعالى حاكياً عنهم قولهم : {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله} (الأعراف: 131) .
وما أرى هذا الزنديق الأنوك إذ اعترض بهذا الاعتراض كان إلا سكران الخمر ، وسكر عجب الصغير إذا كبر ، والخسيس إذا أشر ، والذليل الجائع إذا عز وشبع ، والسفلي إذا أمر وشط ، والكلب إذا دلل ونشط ، فإن لهذه المعاني مسالك خفية في إفساد الأخلاق التي تقرب من الاعتدال .
وكيف بخلق سوء متكرر في الخساسة والهجنة والرذالة والنذالة واللعنة والمهانة ؟
ولله در القائل :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى
وهذا الذي قلنا هو المفهوم من نص الآية دون تزيد ولا انتقاص ولا تبديل لفظ ، والحمد لله رب العالمين كثيراً .
ولكن لو تذكر هذا المائق الجاهل ما يقرأونه في كفرهم البدل وإفكهم المحرف بأخرق تحريف وأنتن معان حاشا ما خذلهم الله تعالى في تركه على وجهه ليبدي فضائحهم ، فأبقوه تخبيثاً من الله تعالى لهم ليكون حجة عليهم ، من ذكر عيسى ﷺ في كتابهم الذي يسمونه : "التوراة" .
إذ يقولون فيه في السفر الرابع عن موسى ﷺ انه قال مخاطبا لله عز وجل : "يا رب كما حلفت قائلاً : الرب وديع ذو حن عظيم بعفو عن الذنب والسيئة وليس ينسى شيئاً من المآثم ، الذي يعاقب بذنب الوالد الولد في الدرجة الثانية والرابعة" .
ويقرأون فيه أيضاً في أول السفر الأول : "إن قاين ابن آدم عاقبه الله في السابع من ولده"
ثم يقرأون في الكتاب المذكور نفسه في السفر 150 و الخامس منه : "إن الله تبارك وتعالى قال لموسى: لا تقتل الآباء لأجل الأبناء، ولا الأبناء لأجل الآباء، ألا كل واحد يقتل بذنبه" .
فلو تفكر هذا الجاهل المائق وعظيم التناقض لشغله عظيم مصابه عن أن يظن بقول الله تعالى الذي هو الحق الواضح الواحد غير المختلف : {قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً* ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}
وهذا قد بيناه كما مر آنفاً انه لا مجاز للتناقض فيه أصلاً ، وإنما التناقض المحض ما نسبوا إلى موسى عليه السلام من أنه قدر بربه أنه يغفر الذنب لفاعله ، ويعاقب بذلك الذنب من كان من ولد المذنب في الدرجة الرابعة ، ثم يقول في مكان آخر : أن لا تقتل الأبناء لأجل الآباء ولا الآباء لأجل الأبناء ، هذا مع إقرارهم بأنه ليس في التوراة ذكر عذاب ولا جزاء بعد الموت أصلاً ، وإنما فيها الجزاء بالثواب والعقاب في الدنيا فقط ، فهذا هو التناقض المجرد الذي لا خفاء به ، وبالله تعالى التوفيق .
======3= 
الفصل الثاني
وكان مما اعتراض به أيضاً ان ذكر قول الله تعالى : {أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها دماءها ومرعاها والجبال أرساها} ، (النازعات: 27- 32)
قال : فذكر في هذه الآية أن دحو الأرض وإخراج الماء والمرعى منها كان بعد رفع سمك السماء وبعد بنائها وتسويتها وإحكام ليلها ونهارها ، ثم قال في آية أخرى : {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات، وهو بكل شيء عليم} (البقرة: 29)
قال : فذكر في هذه الآية ضد ما في الأولى ، وذلك أن هذه التسوية للسماء كانت بعد خلق ما في الأرض .
قال أبو محمد : والقول في هذا كالقول في التي قبلها ولا فرق وهو : ان بظاهر هاتين الآيتين يكتفى عن تطلب تأويل أو تكلف مخرج وهو : انه تعالى ذكر في الآية التي تلونا أولاً أنه عز وجل بنى السماء ورفع سمكها وأحكم الدور الذي به يظهر الليل والنهار ، وأنه بعد ذلك أخرج ماء الأرض ومرعاها وأرسى الجبال فيها .
وذكر تعالى في الآية الأخرى ان تسويته تعالى السموات سبعاً وتفريقه بين تلك الطرائق السبع التي هي مدار الكواكب المتحيرة والقمر والشمس كان بعد خلقه كل ما في الأرض . فلم يفرق هذا الجاهل المائق بين قوله تعالى : إنه سوى السماء ورفع سمكها وبين قوله تعالى : إنه سواهن سبع سموات .
فهل بعد هذا العمى عمى ، وبعد هذا الجهل جهل ؟
وإنما أخبر تعالى ان تسوية السماء جملة واختراعها كان قبل دحو الأرض ، وأن دحوه الأرض كان قبل أن تقسم السماء على طرائق الكواكب السبع ، فلاح أن الآيتين متفقتان يصدق بعضهما بعضاً .
ولكن ليذكر هذا الجاهل على ما يفتتحون به كذبهم المفترى وبهتانهم المختلق الذي يسمونه "التوراة"
إذ يفترون ان الله تعالى خلق إنساناً مثله ، ولم يكن انفرد عنه تعالى إلا بشيئين :
علم الشر والخير .
ودوام الخلود والحياة .
وأن آدم صلوات الله وسلامه عليه أكل من الشجرة التي فيها علم الخير والشر ، فلما خالفه عظم ذلك عليه ؛ قال : هذا آدم أكل من الشجرة التي بها يكون علم الخير والشر فساوانا في ذلك ، فإن أكل من شجرة الحياة حصل على الخلد فكان مثلنا لا فضل لنا فيه ، فجعل يخرجه من الجنة وفي يده سيف يذود به شجرة الحياة .
حتى لقد انسخف جماعة من نوكاهم إلى ان قالوا : إن لآدم كان إنساناً من نوع الإنس الذي نحن منه، حصل على أكل شجرة الحياة فزاد بهاؤه وحصل له الخلد .
فلو أن هذا الخسيس الجاهل تبراً إلى الله تعالى من المظاهرة لهذا الوضع وهذا الاعتقاد الساقط لكان أحظى له .
ولكن يأبى الله تعالى إلا أن يجعل له الخزي والمهانة ، ويؤجل له الخلود بين أطباق النيران المعدة له ولأمثاله ولأشباهه والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبي الرحمة محمد ﷺ تسليماً كثيراً .
=====4=
الفصل الثالث
وكان مما اعترض به أيضاً ان ذكر قوله عز وجل {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} إلى منتهى قوله في الآية نفسها {وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين} (فصلت: 10)
قال : فذكر في هذه الآية خلق الأرض في يومين وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام ، فهذه ستة أيام ، ثم ذكر قوله تعالى {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} (فصلت:11) إلى منتهى قوله تعالى {فقضاهن سبع سموات في يومين} (فصلت: 12) .
ثم ذكر قوله تعالى {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام} (ق: 38) .
قال أبو محمد : والقول في هذه الآيات كالقول في التي مضى فيها الكلام ولا فرق ، وهي أنها تكتفي بظاهرها عن تكلف تأويل لها ، وأنه لا يظن في شيء من هذا كله اختلافاً إلا عديم العقل سليب التمييز مطموس عين القلب ظليم الجهل ، لأنه تعالى إنما ذكر خلق الجميع من السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، فسر لنا تعالى تلك الأيام الستة ، فمنها يومان خلق فيهما الأرض ومنها أربعة أيام قدر في الأرض أقواتها ، وأنه تعالى قضى السموات سبعاً في يومين ، وقد صح بما تلونا قبل أن تسويته تعالى السموات سبعاً كان بعد خلقه لما في الأرض جميعاً ، فاليومان اللذان خلق الله تعالى فيهما السموات سبعاً هما اليومان الآخران من الأربعة الأيام التي قدر فيها أقوات الأرض لأن التقدير هو غير الخلق ، لان الخلق هو الاختراع والإبداع وإخراج الشيء من ليس إلى أيس بمعنى من لا شيء إلى ان يكون شيئاً موجوداً .
وأما التقدير فهو الترتيب وإحكام الأشياء الموجودات بعد إيجادها ، وهذه معان لا يعلمها إلا من أعز الله تعالى نفسه من ذوي الهمم الرفيعة ، المترفعة عن مهانة الإساءة ودناءة المعايش ، القاصدة إلى طلب المعاني الفاضلة والحقائق المؤدية إلى معرفة الله تعالى ، ومعرفة رسوله ﷺ ، والدخول في ظل الإسلام والملة الحنيفية المصحبة من الله تعالى السعد في الدنيا والنصرة والعزة ، المتكفل لها في الآخرة بالفوز بالجنة والقبول والرضوان والريحان ، والحمد لله رب العالمين الذي جعلنا من أهلها ، وإياه تعالى نسأل ان يميتنا عليها حتى نلقاه وهو راض عنا ، آمين .
وأما من لم يقطع دهره إلا بالسرقة ولا أفنى عمره إلا بالخيانة والغش فبعيد عن إدراك هذه المعاني وفهمها .
وليت شعري أين كان هذا الخسيس المائق إذ اعترض بهذا الاعتراض على هذه الأنوار الساطعة والحقائق الظاهرة عن التفكر فيما يقرأونه في هذيانهم المخترع وزورهم المفتعل الذي يسمونه "التوراة"
إذ يقولون : إن الله تعالى خلق الخلق في ستة أيام ، واستراح في اليوم السابع ؟
وهل تكون الراحة إلا لتعب ونصب قد خارت قواه وضعفت طبيعته ؟
فمثل هذا وشبههه من دينه الخسيس الذي يستسر به لو تهمم بالفكرة فيه ثم بادر إلى التوبة منه والدخول في دين الله تعالى الذي لا دين له سواه ، الذي به بدا الملك على لسان محمد ﷺ ، والحمد لله رب العالمين .
====5==
الفصل الرابع
ثم ذكر الخسيس الجاهل قول الله تعالى {هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون} (المرسلات: 35) ثم قال في آية أخرى : {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} (النحل: 111)
قال : وهذا تناقض عظيم .
قال أبو محمد : قد قال بعض العلماء المتقدمين : إن المنع من النطق المذكور في الآية إنما هو في بعض مواقف يوم القيامة ، وان الجدال المذكور في الآية الأخرى هو موقف آخر مما يتلو ذلك اليوم نفسه ، وهذا قول صحيح يبينه قول الله تعالى قبل الآية المذكورة ، إذ يقول عز وجل : {انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون* انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب* إنها ترمي بشرر كالقصر* كأنه جمالات صفر* ويل يومئذ للمكذبين* هذا يوم لا ينطلقون* ولا يؤذن لهم فيعتذرون} (المرسلات: 29- 36) فيه بعذر .
هكذا نص الآيات متتابعات ، لا فصل بينها ، فصح أن اليوم الذي لا ينطقون فيه بعذر إنما هو يوم إدخالهم النار ، وهو أول اليوم التالي ليوم القيامة الذي هو يوم الحساب ، وهو أيضاً يوم جدال كل نفس عن نفسها ؛ وهذا بيان لا إشكال فيه أصلاً .
وها هنا وجه آخر وهو اتباع ظاهر الآيتين دون تكلف تأويل إلا أن يأتي بالتأويل نص آخر أو إجماع من جميع الأمة كلها ما بين الأشبونة والقندهار والشحر وأرمينية والمولتان .
فنقول وبالله نستعين : عن هاتين الآيتين بينتان لا اختلاف بينهما أصلاً ، وإن النطق المنفي عنهم في الآية الأولى والمعذرة التي لم يؤذن لهم فيها إنما ذلك فيما عصوا فيه خالقهم تعالى ، كما قال عز وجل في آية أخرى : {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} (يس: 65) فلا عذر لكافر ولا لعاص أصلاً ولا كلام لهم .
وأما الجدال الذي ذكر الله تعالى حينئذ لكل نفس عن نفسها فإنما هو في طلب الناس مظالمهم بعضهم من بعض ، فإن الله تعالى لا يضيع شيئاً من ذلك ، على ما صح عن النبي ﷺ من أن يوم القيامة يقص الشاة الجماء من الشاة القرناء .
وبيان هذا الذي قلنا ان المعذرة إنما هي إلى الله تعالى ، ولا عذر يوم القيامة لمن كفر بالله تعالى أو بنبي من أنبيائه ، وخالف الإسلام .
وهذا هو الذي يكون يوم القيامة ولا يعذر عليه أحد .
وإنما هو مصدر جادل يجادل جدالاً ، وجادل هو فعل من فاعلين لا ينكر أحد هذا من أهل اللغة ، فالله تعالى لا يجادل ، وإنما يجادل الناس بعضهم بعضاً ، فكل أحد حينئذ يجادل من ظلمه ليقتص منه وهذا ما لا يعرى منه مؤمن ولا كافر ، فاستبان معنى الآيتين بظاهرهما دون تكلف تاويل ، وبطل ما ظنه هذا الجاهل ، والحمد لله رب العالمين .
قال أبو محمد : ليس في حماقاتهم المبدلة التي يسمونها "التوراة" ذكر اجر ولا ثواب لمحسن بعد الموت ولا عقاب لمسيء في الدنيا أصلاً ولا في الكتب التي ينسبونها إلى أنبيائهم من هذا قليل ولا كثير.
فلو نظر هذا المجنون فيما ينسبونه إلى سليمان عليه السلام في تصويبه دعاء امرأة دعت له فقالت : ولا زالت أرواح أعدائك يدور بها الفلك ؛ وهذا إبطال الثواب والعقاب إلا على معنى التناسخ ومضاد لما ذكروه عن غيره من الأنبياء إن هنالك ناراً ونعيماً ؛ ومثل ما ينسبونه إليه أيضاً عليه السلام من أنه قال مرة : "عن العالم لا أول له" وأنه قال مرة أخرى : "أنا كنت مع الله تعالى حين خلق الأرض والسماء" .
فلو أن هذا الجاهل الشقي اشتغل بمثل هذا وشبهه من كذبهم وافترائهم لكان أولى به من تكلف ما لا يحسن ولا يدري ، مما قد فضحه الله فيه عاجلاً ، ويخزيه آجلاً ، والحمد لله رب العالمين .
=====6===
الفصل الخامس
ثم ذكر هذا الزنديق الجاهل قول الله تعالى {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} (الرحمن: 39)
قال : ثم قال في آية أخرى {فلنسألن الذي أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} (الأعراف: 6)
قال : وهذا تناقض .
قال أبو محمد : لو فهم هذا المائق الجاهل أدنى فهم لم يجعل هذا تعارضاً ، أما قوله تعالى : {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان}
فإن ما بعد هذه الآية متصلاً بها قوله تعالى : {فبأي آلاء ربكما تكذبان* يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام* فبأي آلاء ربكما تكذبان* هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون* يطوفون بينها وبين حميم آن* فبأي آلاء ربكما تكذبان} (الرحمن: 40- 45)
فصح بهذا النص ان هذا إنما هو في حين إيرادهم جهنم التي هي إن شاء الله دار هذا الخسيس ذي الظهارة اليهودية والبطانة الدهرية ولا ريب في أنه إذا أخذ بناصيته وقدميه ليهوي بها في النار ، نار جهنم ، فإنه لا يسال عن ذنبه يومئذ .
وأما قوله تعالى : {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} ، فإنما ذلك في أول وقوفهم يوم البعث وحين المسألة والحساب .
فارتفع التناقض الذي لا مدخل له في شيء من القرآن ولا في كلام النبي ﷺ .
ولكن هذا الوقاح المجنون لو تدبر ما في كذبهم المفترى الذي يسمونه "التوراة"
في السفر الثاني منه ان الله تعالى قال لموسى بن عمران : إني أرى هذه الأمة قاسية الرقاب دعني لأعقب غضبي عليهم لأهلكهم وأقدمك على أمة عظيمة .
ثم ذكروا أن موسى عليه السلام دعا ربه تعالى وقال في دعائه : تذكر إبراهيم وإسماعيل وإسحق عبيدك الذين حلفت لهم بذلك وقلت لهم سأكثر ذريتكم حتى تكونوا كنجوم السماء وأورثهم جميع الأرض التي وعدتهم بها ويملكونها أبداً ، فحن السيد ولم يتم ما أراد إنزاله بأمته من المكروه .
قال أبو محمد : هذا نص هذا الفصل عندهم .
وهذه صفة لا يوصف بها إلا إنسان ضعيف النفس ، وفيه البداء ، وأنه تعالى لم يتم ما أراد ان يفعل ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
وفي السفر المذكور إثر هذا ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام : "من أذنب عندي سأمحوه من مصحفي، فاذهب أنت وهذه الأمة التي عهدت إليك فيها، وسيتقدمك ملك" .
ثم بعد شيء يسير ذكر ان الله تعالى قال لموسى : "اذهب واصعد من هذا الموضع أنت وأمتك التي خرجت من أرض مصر إلى الأرض التي وعدت بها مقسماً لإبراهيم وإسحق ويعقوب لأورثها نسلهم وأبعث بين يديك ملكاً لإخراج الكنعانيين والأموريين والبرزيين والحيثيين واليبوسيين ، وتدخل في أرض تفيض لبناً وعسلاً، لست أنزل معكم لأنكم أمة قاسية الرقاب لئلا تهلك بالطريق .
فلما سمع العامة هذا الوعيد الشديد عجت تبكي ولم تأخذ زينتها .
فقال لموسى بن عمران : قل بني إسرائيل انتم قد قست رقابكم ، سأنزل عليكم مرة أهلككم فضعوا زينتكم لأعلم ما أفعله بكم .
ثم ذكروا جواب موسى عليه السلام لله تعالى على هذا الكلام فقال : وكان يكلم السيد موسى عليه السلام فماً لفم ، كما يكلم المرء صديقه ، فقال موسى بن عمران السيد : أتأمرني ان أقود هذه الأمة ولا تأمرني ما أنت باعثه معي .
فقال له السيد : سيقدمك وجهي وأروح عندك .
فقال موسى عليه السلام : إن لم تتقدمنا أنت فلا ترحلنا من هذا الموضع ، وكيف اعرف أنا وهذه الأمة أنك عنا راض إذا لم تنطلق معنا ونتشرف بذلك على جميع من سكن الأرض من الأجناس ؟
فقال له : سأفعل ما قلت لأني عنك راض .
قال أبو محمد : ففي هذا الفصل من السخف غير قليل ، وبيان لا يحتمل تأويلاً ، لان فيه البداء ، وأنه تعالى عما يقولون علواً كبيراً قال إنه لا يمضي معهم لكن يبعث معهم ملكاً يبصرهم بأمر الله تعالى ، فلم يزل به موسى حتى رجع عن قال عز وجل وقال : سأمضي معكم ، ولم يقنع موسى بمسير الملك معهم إلا بمسير الباري عز وجل معهم .
وفي هذا تحقيق النقلة على الباري في الأماكن ، وليست هذه صفة الله تعالى وغنما هي من صفات المخلوقين ؛ وفيه التكليم فماً لفم وتحقيق التجسيم والتناقض على الباري تعالى في كلامه وفعله ، دون تأويل .
ولا مخرج لهم من هذا .
فلو فكر هذا الوقاح الزنديق في مثل هذا وشبهه لزجره عن التعرض لما لا سبيل له إليه وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل .
ولو ان هذا الزنديق المائق كان له أقل تحصيل ، لما أقدم على المظاهرة بهذا الدين الخسيس طرفة عين ، ولكنه لم يقره الشيطان من كل ما استبان له من هذا البهتان إلا انسلاخه من جميع الأديان ، وبالله تعالى نعوذ من الخذلان .
=====7= والفصل السابع
المؤلف: ابن حزم الفصل الثامن وفصل في قبائحهم
الفصل السادس
ثم ذكر هذا الزنديق الجاهل قول الله تعالى مخاطباً لنبيه ﷺ : {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك الكتاب فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك} ، (يونس: 94)
قال هذا المجنون : فهذا محمد كان في شك مما ادعاه .
قال أبو محمد : كان يلزم هذا الخسيس أن لا يتكلم في لغة لا يحسنها ، ولكن أبى الله تعالى إلا أن يكشف سوءته ويبدي عورته .
وليعلم ان "إن" في هذه الآية ليست التي بمعنى الشرط ، لان من المحال العظيم الذي لا يتمثل في فهم من له مسكة أن يكون إنسان يدعو إلى دين يقاتل عليه وينازع فيه أهل الأرض ويدين به أهل البلاد العظيمة ثم يقول لهم : إني في شك مما أقاتلكم عليه أيها المخالفون ولست على يقين مما أدعوكم إليه وأحققه لكم أيها التابعون ، إلى مثل هذا السخف الذي لا يتصور إلا في مثل دماغ هذا المجنون الجاهل .
وإنما معنى "إن" ها هنا الجحد فهي هنا بمعنى "ما" وهذا المعنى هو أحد موضوعاتها في اللغة العربية ، كما قال تعالى آمراً نبيه ﷺ ان يقول : {إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} (الأعراف: 188)
بمعنى : ما أنا ندير وبشير لقوم يؤمنون ، كما ذكر الله عز وجل عن الأنبياء انهم قالوا : {إن نحن إلا بشر مثلكم} (إبراهيم: 11)
وكما قال تعالى مخبراً عن النسوة إذ رأين يوسف عليه السلام فقلن : {إن هذا إلا ملك كريم} (يوسف: 31)
بمعنى: ما هذا إلا ملك كريم ، وكما قال تعالى : {لو أردنا ان نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين} (الأنبياء: 17)
أي ما كنا فاعلين .
فعلى هذا المعنى خاطب نبيه ﷺ : فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ، ثم قال تعالى فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ، لقد جاءك الحق من ربك بمعنى ولا أعداؤك الذين يقاتلونك من الذين أوتوا الكتاب من قبلك ما هم أيضاً في شك مما أنزلنا إليك بل هم موقنون بصحة قولك وانك نبي حق ، رسول الله ﷺ ، لا شك عندهم في ان الذي جاءك الحق .
ومثل هذا أيضاً قوله تعالى : {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} (إبراهيم: 46) تهويناً له .
وكذلك قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) ، (الزخرف: 81)
بمعنى ما كان للرحمن ولد فأنا أول الجاهدين لا يكون له ولد .
فوضح جهل هذا المعترض وضعف تمييزه ، والحمد لله رب العالمين .
ولو ان هذا الجاهل الأنوك تدبر ما في باطلهم المبتدع وهجرهم الموضوع الذي يسمونه "توراة"
إذ يقول : عن موسى عليه السلام راجع ربه إذ أراد إرساله وقال : من أنا حتى أمضي إلى فرعون ، أرسل من تريد ترسل . وأغضب ربه تعالى بذلك ، وان يعقوب عليه السلام صارع ربه ليلة بتمامها وهو لا يعرف من هو ، فما انسلخ الصباح عرف انه الله تعالى الله عن هذا الحمق من الكفر علواً كبراً
قالوا: فلما عرفه امسكه فقال له ربه : أطلقني ، فقال له يعقوب : لا أطلقك حتى تبارك علي ، فقال له ربه : كيف لا أبارك عليك وأنت كنت قوياً على الله فكيف على الناس !
ثم مس مأبضه ، فعرج يعقوب من وقته فكذلك لا يأكل بنو إسرائيل من عروق الفخذ لان الله تعالى مسه .
ولا يجرؤ منهم أحد فيقول : إن المصارع ليعقوب كان ملكاً ، فإن لفظ اسم المصارع له في توراتهم "إلوهيم" وهذا هو اسم الله تعالى وحده بالعبرية فلو ان هذا الجاهل تفكر في مثل هذا وشبهه لعلم ان الحق بأيدي غيرهم وأنهم في باطل وغرور ، وعلى ضلال وزور ، والحمد لله رب العالمين وحسبنا الله تعالى .
الفصل السابع
ثم ذكر هذا المائق الجاهل قوله تعالى في وصف العسل : إن فيه شفاء للناس .
فقال: وكيف هذا وهو يؤذي المحمومين وأصحاب الصفراء المحترقة ؟
قال أبو محمد : لو كان مع هذا الجاهل الأنوك أقل معرفة بطبائع الإنسان او فهم مخارج اللغة العربية لم يأت بهذا البرسام .
أما اللغة فإن الله تعالى لم يقل : العسل شفاء لكل علة ، وإنما قال تعالى : فيه شفاء للناس ؛ وهذا لا ينكره إلا رقيع سليب العقل والحياء او موسوس ، لان منافع العسل وشفاءه في إسخان المبرودين وتقطيع البلغم وتقوية الأعضاء حتى صار لا يطبخ اكثر الأشربة إلا به ولا يعجن جميع اللعوقات إلا به ، وما وصف جالينوس وبقراط ، وهما عميدا أهل الطب ، طبخ شيء من الأشربة إلا به جملة ، وما ذكرا قط أن يطبخ شراب بسكر .
وكيف ينكر هذا الأنوك ان يكون العسل شفاء محضاً ، وهي أغلب أموره ، فكيف أن يكون به شفاء ، وهم يصفون عن نبي من أنبيائهم انه شفى أكلة في عضو إنسان بتين مدقوق وجعله عليه ؟
فإذا كان في التين شفاء من بعض العلل فكيف ينكر هذا الخسيس ان يكون في العسل أشفية كثيرة ؟
وقد وجدنا في اختلاطهم الذي يسمونه "توراة" عن الله تعالى في عدة مواضع انه إذا بلغ الغاية في مدح ارض القدس التي وعدهم بها قال : إلا أنها أرض تنبع عسلا ولبناً ، ووعدهم فيها بأكل عسل الصخور .
أفترى إذ ليس في العسل شفاء أصلاً ، إنما وعدهم تعالى بما فيه الداء والبلاء لا بما فيه الشفاء ، هذا مع إنكار العيان ، وجحد الضرورات في منافع العسل .
======8=
كتاب الرد على ابن النغريلة/الصفحة الثامنة 
الفصل الثامن
ثم ذكر هذا الزنديق الجاهل قول الله تعالى : {ونزلنا من السماء ماء مباركا) (ق: 9)
وقال : كيف يكون مباركاً وهو يهدم البناء ، ويهلك كثيراً من الحيوان ؟
قال أبو محمد : من لم يكن مقدار فهمه وعقله إلا هذا المقدار ، لقد عجل الله له العقوبة في الدنيا والحمد لله رب العالمين .
وليت شعري أما درى هذا الجاهل انه لولا شرب الماء لم يكن في الأرض حيوان أصلاً لا إنسان ولا ما سواه ، وأن عناصر جميع المياه الظاهرة على وجه الأرض والمختزنة في أعماقها إنما هي من مواد القطر النازل من السماء ؟
أما راى هذا الأنوك ان الأمطار إذا كثرت غزرت العيون وفهقت الأنهار وطفحت البرك وامتلأت الآبار وسالت السيول وتفجرت في الأرض ينابيع ؟
حتى إذا قلت الأمطار وضعفت العيون ونقصت الأنهار وجفت البرك والآبار وانقطعت السيول وغارت الينابيع ، خشنت الصدور وفسد الهواء ؟
أما رأى أنه لا نماء لشيء من النبات كله ، منزرعه وصحراويه ، وجميع الشجر بساتينها وشعرائها إلا بالماء النازل من السماء ؟
أما قرأ في هذيانهم الذي يسمونه "توراة" امتنان الله تعالى في صفة الأرض المقدسة بأنها لا تسقى من النيل ، كما تسقى أرض مصر لكن من ماء السماء ؟
أتراه إنما من عليهم بضد البركة لا بالبركة ؟ إن هذا لعجب .
أما علم أن الأمطار ترطب الأجسام وتذهب بقحلها وأن بالماء الذي عنصره ماء السماء تزال الخسيس وجهله وهو عميد اليهود وعالمهم وكبيرهم ، وهذا مبلغه من الجهل والسخف ، ونستعيذ بالله من الجهل والضلالة ، والحمد لله رب العالمين .
قال أبو محمد : ها هنا انتهى كل ما ظن المائق أنه اعترض به ، قد بان فيه كله زوره وجهله واغتراره ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم نحن عن شاء الله تعالى ذاكرون بحول الله تعالى وقوته قليلاً من كثير من قبائحهم يديرونها وينسبونها إلى الباري تعالى في كتبهم التي طالعناها ووقفنا عليها ، وتضاعف بذلك شكرنا لله تعالى على عظيم ما منحنا من نعمة الإسلام والملة التي ابتعت بها محمداً صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً وعلى آله الطيبين والحمد لله على ما أولانا من فضل الإسلام وشرف الإيمان .
فصل في قبائحهم يديرونها وينسبونها إلى الباري تعالى
اعلموا أيها الناس ، علمنا الله وإياكم ما يقربنا منه ويزلف حظوتنا لديه أن اليهود أبهت الأمم وأشدهم استسهالاً للكذب ، فما لقيت منهم أحداً قط مجانباً للكذب القبيح على كثرة من لقينا منهم ، إلا رجلاً واحداً في طول أعمارنا ، فطال تعجبي من ذلك إلى أن ظفرت بسرهم من ذلك في هذا الباب ، وهو انهم يعتقدون بسخفهم وضعف عقولهم أن الملائكة الذين يحصون أعمال العباد لا يفقهون العربية ولا يحسنون من اللغات شيئاً إلا العبرانية ، فلا يكتب عليهم كل ما كذبوا فيه بغير العبرانية ، فحسبكم بهذا المقدار من الجهل العظيم والحمق التام !
فمن طوامهم أن علماءهم يقولون : إن الله عز وجل إنما ستر عن يعقوب أمر يوسف وكونه في مصر ثلاثة عشر عاماً كاملاً ، لأن أولاد يعقوب لعنوا كل من ينقل إلى أبيهم ان يوسف حي .
قالوا : فدخل الله تحت هذه اللعنة إذا أطلع يعقوب على حياة يوسف ، تعالى الله عن إفك هؤلاء المجانين وكفرهم .
واغوثاه من عظيم هذا الحمق! أفيكون في البقر والحمير أو الكلاب أضل من قوم هذا مقدار عقولهم ، ان يجيزوا أن تكون لعنة مخلوق تلحق الخالق ؟
اللهم فإنا نحمدك على توفيقك إيانا للإسلام وهدايتك إليه ، ونسألك الثبات عليه إلى ان نلقاك مسلمين ، برحمتك آمين .
ثم العجب انهم قالوا في إخوة يوسف إنهم كانوا المخبرين ليعقوب بحياة يوسف ، فهكذا في نص الكتاب المسمى عندهم "التوراة" ، فما نرى اللعنة إلا قد لحقتهم .
ثم نجدهم لا يستحيون من أن ينسبوا إلى الأنبياء عليهم السلام انهم زنوا ، وانهم من نسل الزنا ، فإن السفر الأول من كتابهم ذلك المسمى "توراة" : أن يهوذا زنى بامرأة ولده ورشاها على ذلك جدياً من الغنم ، ورهنها بالوفاء بذلك عصاه وزناره وخاتمه .
وقد وقفت بعضهم على هذا فقال لي : كان ذلك مباحاً عندهم ، فقلت له : إنك تقول الباطل ، إذ ان في توراتهم أن يهوذا الذي جامعها أمر بها أن تحرق إذ ظهر حملها .
فإن كان ذلك ، فلم أمر بحرقها ؟ ثم لا يستحيون ان يقولوا : إن من ذلك الزنا حملت بفارص ابن يهوذا الذي من نسله كان داوود وسليمان عليهما السلام ، وكثير من الأنبياء كعاموص وشعيا وغيرهم .
ومن عجائبهم انهم يقولون : عن كل نكاح كان على غير حكم التوراة فهو زنا والمتولد منه ولد زنا ، حتى إنهم يبيحون لمن تهود من سائر الأديان ان يتزوج أخته من أبيه .
ثم لا يستحيون ان يقولوا إن موسى وهرون أخاه تولدا من نكاح عمران بن قاهث بن لاوي عمته أخت أبيه يوخابد بنت لاوي .
وأن سارة أم إسحق كانت أخت إبراهيم ابنة والده تارح ، وأن سليمان بن داود كان ابن امرأة زنى بها داود ، وولدت منه ابناً من الزنا وتزوجها او زنى المحمى حتى لم يطلقها ويقولون : إن الجمع بيت الأختين زنا ، وان وطء الإماء بملك اليمين زنا ، والمتولد من هذه النكاحات زنا ، وهم يقرون أن جميع ولد يعقوب عليه السلام كانوا من أختين نكحهما معاً ، وهما ليا وراحيل ابنتا لابان ، فولدت له ليا ستة ذكور ، وولدت له راحيل يوسف وبنيامين ، وأن الأربعة الباقين من ولد يعقوب ولدوا له من زلفاء وبلها ، أمتي راحيل وليا، وطئهما بملك اليمين لا بزواج أصلاً ، لأن في توراتهم ان لابان أخذ عليه العهد عند كوم الشهادة أن لا يتزوج على ابنته ، فكلهم من أبناء هذه الولادات .
وهاتان مقدمتان تنتج ان جميع بني إسرائيل وجميع اليهود أولاد زنا .
فإن قالوا : كان ذلك حلالاً قبل أن يحرم ، أقروا بالنسخ ، وإن قالوا : إن ذلك خاص لبني إسرائيل مذ أنزلت التوراة ، لزمهم ترك قولهم : إن كل مولود في الأمم بخلاف حكم التوراة فهو ولد زنا ، وعلى كل حال يلزمهم أن أولاد سليمان عليه السلام كانوا أولاد زنا بحت ، لأنهم مقرون انهم كانوا من أبناء العمونيات والموآبيات وسائر الأجناس ، ورؤوس الجواليت إلى اليوم من أبناء من ذكرنا ، تعالى الله تعالى وتنزه أنبياؤه عليهم السلام عن هذه المخازي ؛ وإسحق أبوهم ، وهرون وموسى وداود وسليمان ويوسف على قول هؤلاء الكفرة، لعنهم الله ، ولدوا لغير رشدة ، لعن الله قائل هذا معتقداً له ومصدقاً له .
ومن عجائبهم أنهم يقرون في كتابهم المسمى بالتوراة ان السحرة فعلوا بالرقي المصري مثلما فعل موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم من قلب العصا حية ، ومن قلب ماء النيل ، ومن استجلاب الضفادع ، حاشا البعوض فلم يقدروا عليه .
قال أبو محمد : لو صح هذا ، وأعوذ بالله ، وأعوذ بالله ، لما كان بين موسى عليه السلام والسحرة فرق إلا قوة العلم والتمهر في الصناعة فقط ، ونحن نبرأ إلى الله تعالى من أن يكون آدمي يقدر بصناعته على خرق عادة ، أو قلب عين ، وننكر ان الله تعالى يولي ذلك أحداً غير الأنبياء صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً ، الذين جعل الله تعالى ظهور المعجزات عليهم شاهداً لصدقهم .
ومن عجائبهم قولهم في نقل أحبارهم الذي هو عندهم بمنزلة ما قال الأنبياء : إن فرعون كان بنى في المفاز صنماً يقال له باعل صفون ، وجعله طلسماً باستجلاب بعض قوى الأجرام العلوية ، ليحير به كل هارب من أرض مصر ، وان ذلك الطلسم حير موسى وهارون وجميع بني إسرائيل حتى تاهوا أربعين سنة في فحص التيه إلى أن ماتوا ملوكهم في المفاز ، أولهم عن آخرهم ، حاشا يوشع بن نون الافراهيمي ، وكالب بن يوفنا اليهوذاني .
فتباً وسحقاً لكل عقل يزعم صاحبه ان صناعة آدمية وحيلة سحرية غلبت قوة الله تعالى ، وأعجزت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات تائهاً في المفاز حائراً في القفار .
ومن تكاذيبهم قولهم في الكتاب الذي يسمونه "التوراة" : ان الله تعالى قال لهم : سترثون الأرض المقدسة وتسكونها في الأبد .
ونحن نقول : معاذ الله أن يقول الله تعالى الكذب ، وقد ظهر هذا الوعد ، فما سكنوه في الأبد وما عمروه إلا مدة يسيرة من آباد الأبد ، ثم أخلوه وأخرجوا عنه وورثه الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن عجائبهم قولهم فيه : إن الله عز وجل قال لموسى : إذا أراد بنو إسرائيل الخروج عن مصر أن يأخذ أهل كل بيت من بني إسرائيل خروفاً أو جدياً ويذبحونها مع الليل ويأخذون من دمائها ويمسون بها أبوابهم وعتب بيوتهم ، ثم قال : قلت سأمسح بأرض مصر هذه الليلة ، وأهلك كل بكر ولد بأرض مصر من أبكار الآدميين وبكور نتاج المواشي ، واحكم في مصر أنا السيد وعند ذلك يكون الدماء.
الدم لكم في البيوت التي تكونون فيها ، فإذا نظرت إلى ذلك تجاوزكم ولا يصل إليكم ضر .
ثم قال بعد أسطار حاكياً عن موسى انه قال لبني إسرائيل : اذهبوا وليذبح أهل كل بيت منكم الضأن ، وعيدوا واصبغوا في دمائها رانا ، ورشوا به أبوابكم وأعتابكم ولا يخرج أحد عن باب بيته إلى الصبح ، فإن السيد سيمسخ ويهلك المصريين ، فإذا نظر إلى الدم على العتب وفي الأبواب لم يجاوز الباب ، ولا يأذن للقاتل بالدخول إلى بيوتكم وقتلكم .
قال أبو محمد : فيكون أسخف من عقول من ينسبون إلى الله تعالى مثل هذا الكلام الفاسد ؟
أوترى الله عز وجل لا يعرف أبوابهم حتى يجعل عليها علامات ؟! إن هذا لعجب .
لو عقل هذا المجنون لشغله هذا السخام الذي في دينه الذي يباهي به ، عن التعرض للحقائق يروم إبطالها ، فكان كما قال الله عز وجل : {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون} (الصف: 8).
ومن عجائبهم أنهم يلتزمون أكل الفطير في مرور الوقت المذكور في كل عام ولا يلتزمون أكل الخروف ، على ما ذكرنا ، وهم يقرون في كتابهم انهم مأمورون بذلك كله .
فغن قالوا : إنما أمرنا بذلك ما دمنا في أرض القدس .
قيل لهم : اتركوا أيضاً استعمال أكل الفطير حتى تكونوا في أرض القدس فلا فرق في كتابكم بين الأمر بالفطير والخروف .
ومن عجائبهم في الكتاب المسمى عندهم "التوراة" ان موسى عليه السلام مجد الله تعالى يوم أغرق فرعون فقال في تمجيده : ذلك قولي ومديحي للسيد الذي صار لي مسلماً ، هذا إلاهي أمجده وإله آبائي أعظمه ، السيد قاتل كالرجل القادر .
أفيسوغ لذي عقل أن ينسب إلى نبي الله تعالى انه شبه قوة ربه عز وجل بقوة الرجل القادر ؟ وهل في الافتراء اعظم من هذا لو عقلوا ؟
ومن عجائبهم قولهم في السفر الثاني من كتابهم : ثم صعد موسى وهرون وناداب وأبيهو وسبعون رجلاً من المشايخ ، ونظروا إلى إله إسرائيل وتحت رجله كلبة زمرد فيروزي .
وفي بعض الفصول ان موسى عليه السلام قال ، أو يعقوب : رأيت الله مواجهة وسلمت نفسي .
مع قولهم عن الله تعالى قال لموسى عليه السلام : من رأى وجهي من الآدميين مات ، ولست تقدر تراني ، لكن سترى مؤخري .
فهل في التناقض اعظم من هذا : مرة يقول من رأى وجهي مات ، ومرة يقول رأيته مواجهة وسلمت نفسي .
وكل ما ذكرناه ففي كتابهم الذي يسمونه "توراة" لا في نقل ضعيف ولا غيره .
ومن عجائبهم قولهم في السفر الثاني إن هرون أخا موسى بإقرارهم قال لبني إسرائيل في مغيب موسى : اقلعوا أقراط الذهب عن آذان نسائكم ومواليكم وأولادكم وبناتكم ، ايتوني بها .
ففعلت العامة ما أمر به وأتوا بالأقراط إلى هرون ، فلما أقبضها أفرغها وجعل لهم منها عجلاً ، فلما بصر به هرون بنى مذبحاً بين يدي وصرخ مسمعاً : غداً عبد السيد .
ثم ذكر بعد فصول بأن موسى عليه السلام وجد بني إسرائيل عراة بين يدي العجل يتغنون ويرقصون ، وكان عراهم هرون بجهالة قلبه .
هذه نصوص كتابهم .
أفيسوغ في عقل من له أدنى مسكة أن يكون نبي يعمل عجلاً للعبادة من دون الله تعالى ويأمر قومه يعبدوا له ، ويرقص هو وهم تعظيماً للعجل على أنه إلاههم الذي من مصر ؟
وإذا جاز ان يكون عجلاً وثناً ويعبدوه ، جاز لنبي بالقبول من كلامه وأمره في العجل ؟ وما الذي جعل سائر عمله أصح من زناه وفتحه بيوت الأوثان وتقريب القرابين لها ؟
ولعل سائر ما أمر به وما عمل مفتعل كل ذلك من جنس عمل العجل والزنا .
والذي لا شك فيه عندي ان من يدل توراتهم وأدخل فيها مثل هذا ، إنما قصد إلى إبطال النبوة جملة، وبالله تعالى التوفيق .
ومن عجائبهم قولهم في السفر الرابع : إن بني إسرائيل إذ طلبوا أكل اللحم وضجوا من أكل المن ، ان الله تعالى قال لموسى : تقدسوا غداً تأكلون اللحمان ، فأنا أسمعكم قائلين من ذا الذي يعطينا . قد كنا بخير .
يعطيكم السيد اللحمان فتأكلون ، ليس يوماً واحداً ولا اثنين ولا خمسة ولا عشرة إلا حتى تكمل أيام الشهر ، حتى يخرج على مناخركم وتصيبكم التخم .
فقال له موسى : هؤلاء هم ستمائة ألف رجل وأنت تقول : أنا أعطيكم اللحوم طعماً شهراً ، أترى تكثر ذبائح الغنم والبقر فيقتاتون بها ، أو تجمع حيتان البحر معاً لتشبعهم ؟ فقال السيد : ماذا يهم السيد ؟ أترى السيد عاجزاً ؟ فالآن ترى إن تم قوله .
ثم ذكروا ان الله تعالى أنزل السمانى حول العسكر فأكلوا حتى تخموا ومات كثير منهم بالتخمة ، فسمي ذلك الموضع قبور الشهوات .
قال أبو محمد : فلو تدبر هذا اللعين الجاهل كذبهم في هذا الفصل ، لردعه عن أن يظن بقول الله تعالى لنبيه ﷺ {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} ، وليعلم ان الشك المجرد قد نسبوه إلى موسى عليه السلام في هذا الفصل ، فإنه لم يثق بقول ربه ولا صدق قدرته على إطعام بني إسرائيل اللحم شهراً كاملاً ، وهذا مع ما فيه من الشك المكشوف الذي لا يجوز ان يخرج له تأويل يبعده عن الشك ، ففيه من السخف غير قللي ، لان من رأى شق البحر ، وإنزال المن المشبع لهم ، فواجب عليه ان لا يستعظم إشباعهم بلحم ينزله عليهم .
ولكن الكذب والتوليد لا يكون إلا هكذا ليفضح الله تعالى به أهله .
والحمد لله على ما من به علينا من طهارة الإسلام ، ووضوح حجته ، وله الشكر على ما كفانا من دنس الكفر ، وتناقض عراه .
وبعد هذا الفصل أيضاً في السفر الرابع ما ذكره من قول الله تعالى لموسى عليه السلام إذ ضج بنو إسرائيل من دخول الأرض المقدسة ، قالوا : فقال السيد لموسى ابن عمران : "حتى متى تتناولني هذه الأمة التي لا يؤمنون بي على ما آتيتهم من العجائب التي فعلت أمامهم ، سأضربهم بالوبأ حتى أمسخهم ، وأجعلك مقدماً على أمة عظيمة أشد قوة من هذه" ، وان موسى لم يزل يرغب إلى الله عز وجل حتى قال : قد غفرت لك كما سألتني .
ففي هذا الفصل من إطلاق الكذب في الحلف على الله عز وجل ما لا يجوز ان ينسب مثله إليه تعالى .
وقد ذكرنا في كتابنا الموسوم "بالفصل في الملل والنحل" الفصل الذي في توراتهم في ذكر أنسابهم ، وبينا عظيم الكذب فيه : وهو انهم ذكروا ان سبعة نفر من بني إسرائيل من ولد قاهث بن لاوي نسلوا ثمانية آلاف ذكر قبل موتهم في التيه ، وأولئك السبعة أحياء قائمون وهم حينئذ أكثر ما كانوا .
وقد قال بعضهم : إن هذا من المعجزات .
فأجبناه بان المعجزات إنما تكون للأنبياء عليهم السلام ، وأما لكفار عاصين فلا .
هذا سوى ما في توراتهم من شرائعهم التي يلتزمونها الآن كالقرابين ، وكمن مس نجساً فإنه ينجس إلى الليل ، ومن حضر على مقبرة ينجس إلى الليل حتى يغتسل كله بالماء .
وأما الصلوات التي يصلونها الآن فمن وضع أحبارهم ، فيكفيهم انهم على غير شريعة موسى عليه السلام ولا على شريعة نبي من الأنبياء.
ومن طرائفهم قولهم في كتاب لهم : يعرف ( بشعر توما ) ان تكسير ما بي جبهة خالقهم إلى أنفه كذا وكذا ذراعاً .
وقالوا في كتاب لهم من "التلمود" وهو فقهم يسمى "سادر ناشيم" ومعناه حيض النساء : ان في رأس خالقهم تاجاً من كذا وكذا قنطاراً من الذهب ، وان صديقون الملك هو يجلس التاج على رأس خالقهم ، وان في إصبع خالقهم خاتماً تضيء من فصه الشمس والكواكب .
ومن طوامهم قولهم عن رجل من أحبارهم الذين يريدون ، ان من شتم أحداً منهم يقتل ، ومن شتم أحد الأنبياء لا يقتل .
فذكر عن لعين منهم يدعونه إسماعيل انه قال لهم، وكلامه عندهم والوحي سيان ، فقال : كنت أمشي ذات يوم في خراب بيت المقدس ، فوجدت الله تعالى في تلك الخرب يبكي ويئن كما يئن الحمامة ، وهو يقول : ويلي هدمت بيتي ، ويلي على ما فرقت من بني وبناتي ، قامتي منكسة حتى أبني بيتي وأرد بناتي وبني ، قال هذا الكلب لعنه الله : ثم قبض الله على ثيابي وقال لي : لا أتركك حتى تبارك علي .
فباركت عليه وتركني .
قال أبو محمد : أشهد الله تعالى خالقي وباعثي بعد الموت والملائكة والأنبياء والمرسلين والناس أجمعين والجن والشياطين أني كافر برب يكون بين الخرب ويطلب البركة من كلب اليهود .
فلعن الله تعالى عقولاً جاز فيها مثل هذا .
ومن عجائبهم قولهم في السفر الخامس من توراتهم ان موسى عليه السلام قال لهم : إن الله تبارك وتعالى يقول لكم : إني لم أدخلكم البلاد لصلاحكم ولا لقوام قلوبكم ، ولكن لكفر من كان فيها .
ثم يقولون في عيدهم الذي يكون في عشر تخلو من أكتوبر ، وهو تشرين الأول ، ساخطين على الله تعالى غضاباً عليه تعالى إذ قصر بهم ولم يؤدهم حقهم الذي يجب لهم عليه فيقولون لعنهم الله : إن الميططرون ومعناه الرب الصغير ، تحقيراً لربهم تعالى وتهاوناً به يقوم هذا اليوم قائماً وينتف شعره ويقول : ويلي إذ أخرجت بيتي وأيتمت بني ، قامتي منكسة لا أرفعها حتى أبني بيتي .
فهم كما ترى يلعنون ربهم ويصغرونه ويقولون ذلك بأعلى أصواتهم في أكبر أعيادهم وأعظم مجامعهم .
فكيف يجتمع هذا الحمق العظيم قوله لهم في توراتهم : "لم أدخلكم البلاد لصلاحكم ولا لقوام قلوبكم" ؟
فهل التناقض والفساد والتبديل الظاهر إلا هذا كله لو عقلوا ؟
وفي السفر الخامس أيضاً أن موسى عليه السلام قال لهم : إن السيد إلاهكم الذي هو نار آكلة .
وفي موضع آخر من كتبهم ان الله تعالى هو الحمى المحرقة ؛ وفي الذي يسمونه "الزبور" : احذر ربك الذي قوته كقوة الجريش .
فهذا وشبهه هو الحمق والتناقض وتوليد زنديق سخر منهم وأفسد دينهم .
وهم يحققون على سليمان عليه السلام انه بنى بيوت الأوثان لنسائه وقرب لها القرابين ، وهو عندهم نبي .
وقد مضى الكلام في بطلان كل كلام وعمل يظهر ممن هذه صفته ، وانه ليس مأموناً ولا صادقاً ، لعنهم الله فإنهم كذبوا على أنبياء الله وافتروا.
ويقرءون في السفر الرابع من توراتهم أن الله تعالى أمرهم أن يضربوا القرن ضرباً خفيفاً ، حتى إذا لقوا العدو فليضربوا القرن بشدة ليسمعه فيبصرهم ، وفي هذا من السخف والكفر غير قليل ، ولكن حق لمن غضب الله عليه وتبرأ منه وألحقه لعنته وألحقه سخطه ان يكون مقدار علمهم وعقولهم التصديق لكل ما اوردنا ، والحمد لله رب العالمين على منته علينا بالإسلام ، ومحمد ﷺ .
وهم معترفون بان التوراة طول أيامهم في دولتهم لم تكن عند أحد إلا عند الكاهن وحده ، وبقوا على ذلك نحو ألف ومائتي عام ، وما كان هكذا لا يتداوله إلا واحد فواحد فمضمون عليه التبديل والتغيير والتحريف والزيادة والنقصان ، لا سيما وأكثر ملوكهم وجميع عامتهم في اكثر الأزمان كانوا يعبدون الأوثان ويبرءون من دينهم ويقتلون الأنبياء ، فقد وجب باليقين هلاك التوراة الصحيحة وتبديلها مع هذه الأحوال بلا شك .
وهم مقرون بان يهوآحاز بن يوشيا الملك الداوودي المالك لجميع بني إسرائيل بعد انقطاع ملوك سائر الأسباط ، بشر من التوراة أسماء الله تعالى وألحق فيها أسماء الأوثان .
وهم مقرون أيضاً أن أخاه الوالي بعده وهو الياقيم بن يوشيا احرق التوراة بالجملة وقطع أثرها ، وهو في حال ملكه قبل غلبة بخت نصر عليهم .
وهم مقرون بان عزرا الذي كتبها لهم من حفظه بعد انقطاع أثرها ، إنما كان وراقاً ولم يكن نبياً ، إلا أن طائفة منهم قالت فيه إنه ابن الله، قد بادت هذه الطائفة وانقطعت .
فأي داخلة أعظم من هذه الدواخل التي دخلت على توراتهم ؟
وأما القرآن ، فإنه لا يختلف ملي ولا مي أنه لم يزل من حين نزوله إلى يومنا هذا مثبوتاً عند الأحمر والأسود لم ينفرد به أحد دون أحد ، بل أبيح نسخه لكل من مضى وجاء ، فنقله نقل كواف لا يحصرها عدد ، كنقل ان في الدنيا بلداً يقال له الهند ، وسائر ما لا يجوز للشك فيه مساغ ولا مدخل ، والحمد لله كثيراً ، وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليماً .
قال أبو محمد : إن أملي لقوي وإن رجائي مستحكم في أن يكون الله تعالى يسلط على من قرب اليهود وأدناهم وجعلهم بطانة وخاصة ، ما سلط على اليهود ، وهو يسمع كلام الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم عن الله لا يهدي القوم الظالمين } (المائدة: 51)
وقوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم اكبر} (آل عمران: 118) ، وقوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون بالمودة} (الممتحنة:1) ، وقوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين} (المائدة: 57) ، وقوله تعالى : {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} (البقرة: 61) ؛ وقوله تعالى : {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} (المائدة: 82) .
فمن سمع هذا كله ، ثم أدناهم وخالطهم بنفسه من ملوك الإسلام فإنه إن شاء الله تعالى قمين أن يحيق الله عز وجل به ما أحاق بهم من الذلة والمسكنة والهوان والصغار والخزي في الدنيا سوى العذاب المؤلم في الآخرة .
وإن من فعل ذلك لحري أن يشاركهم فيما أوعد الله تعالى في توراتهم في الصفر الخامس إذ يقول لهم تعالى : سنأتيكم وسيأتي عليكم هذه اللعنة التي أصف لكم فتكونون ملعونين في مدائنكم وفدادينكم وتلعن أجدادهم وبقاياكم ويكون نسلكم ملعوناً ، وتكون اللعنة على الداخل منكم والخارج ، فيبعث الله عليكم الجوع والحاجة والنصب في كل ما علمته أيديكم حتى يهلككم ويقل عددكم لتخليكم منه .
ثم يلقي الوبأ على بقيتكم ليقطع آثاركم من الأرض التي أورثكموها ويبعث الرب عليكم الجدب ويهلككم بالسموم والثلوج ، ويحيل آثاركم ويطلبكم حتى يندركم ويجعل سماءه فوقكم نحاساً وأرضكم التي تسكنونها حديداً ، فتمطر عليكم الغبار من السماء ، وينزل عليكم الدماء حتى تهلكوا عن آخركم ويظفر الرب بكم أعداءكم فتدخلون إليهم على طريق واحدة وتنهزمون على سبعة ، ويفرقكم في آخر أجناس الأمم ، فتكون جيفكم طعم السباع وطيور السماء ولا يكون لهم عنكم دافع ، ويبتليكم الرب بما ابتلى به المصريين في أدبارهم من الحكة والأكال الذي لا دواء له ، ويبتليكم الرب بالبلية والغم حتى تماسكوا بالحيطان القليلة كتماسك العميان ، ولا تقوموا على إقامة سبلكم فتكونوا في هضيمة طول دهر وفي سخره لا يكون لكم منفذ. ويتزوج أحدكم امرأة فتخالفه إلى غيره ، ويبني أحكم بيتاً ويسكنه غيره ؛ ويغترس كرماً ويقطفه غيره ، ويذبح بين قدمي أحدكم ثوره ولا يطعم منه ، وينزع من أحكم حماره معاينة ولا يرد إليه ، وتعطى مواشيكم الأباعد ، ولا تجدون ناصراً على ردها وتغلب على أولادكم وبناتكم ، ولا يكون فيكم قوة للدفع عنهم ، وتأكل حبوبكم أجناس تجهلونها وفواكه ارضكم ، وتكونون مع ذلك في هضيمة أبداً وفي جزع منهم ، فيبتليكم الرب بأجناس الأمراض وأضرها التي لا دواء لها من أقدامكم إلى رؤوسكم ، ويذهب بالملك الذي تقدمونه على أنفسكم إلى قوم لم تعرفوهم ولا آباؤكم ، لتجدوا عندهم أصنامهم المصنوعة من الخشب والرخام ، وتكونون مثلاً لمن سمع بكم من جميع الأجناس التي أندركم فيها ، فتزرعون كثيراً وترفعون قليلاً ، لان الجراد يأتي عليه ، وتعمرون كرومكم وتحفرونها ولا تقطفون منها شيئاً ، لان الدود يأتي عليها .
ويكثر زيتونكم ولا تدهنون لأنها لا تعقد .
ويولد لكم الأولاد والبنات ولا تنتفعون بهم لأنهم يساقون في السبي .
ويأتي على جميع فواكه بلدكم القحوط والجدب فلا تنتفعون بها .
ومن كان بين ظهرانيكم من أهل القرى يلعنونكم ولا يشفقون عليكم ، فتتواضعون ويكون الأرذال يشتمونكم وتكونون لهم ساقة فيأتي عليكم جميع هذه اللعنات وتتبعكم حتى تحزوا ، إذ لم تسمعوا للرب إلاهكم ، ولم تحفظوا رسالاته التي عوهدت إليكم ، وتكون فيكم العجائب والمسوخ في ذريتكم في الأبد ، إذ لم تقفوا عند أمر الرب إلاهكم بطيب أنفسكم ، فتخدمون أعداءكم الذين يبعث الرب عليكم في الجوع والعطش والعري والحاجة ، وتحملون على رقابكم أغلال الحديد وتجرونها ؛ ويأتي الرب عليكم بجيش من مكان بعيد في سرعة العقبان من الذين لا يكرمون شيخاً ولا يرحمون صغيراً ، فيأكلون نتاجكم وما أنبتت أرضكم ، ولا يدعون لكم سمناً ولا خمراً ولا زبيباً ولا ثوراً ولا شاة حتى يأتوا عليكم ويخرجوكم من جميع مدائنكم التي يرثكم الرب إلاهكم وتضيق عليكم حتى تأكلوا وسخ أجوافكم ولحوم أولادكم وبناتكم الذين يولدون لكم في زمان حصاركم ، فمن كان منكم مترفاً أو متملكاً يمنع أخاه وامرأته لحوم بنيه شحاً عليها إذ لا يجد ما يقتات به سواه من شدة الحصار من أعدائكم لكم. ومن كانت فيكم رخصة البنان التي لا تقوى على المشي من رخوصتها تحسد زوجها على أكل لحوم أولادها ، والسلى الذي يخرج من فرجها ، إذ لا تجد مطمعاً سواه .
قال أبو محمد : هذه بشارة من الله تعالى لهم ، ومنحته التي خصهم بها بإقرارهم ألسنتهم ، وفي كتابهم الذي يقرءونه .
فليتق الله تعالى امرؤ آتاه الله تعالى نعمة من نعمه ، ومنحه عزة ، وليجتنب هؤلاء الأنجاس الأنتان الأقدار الذين أحاق الله تعالى بهم من الغضب واللعنة والذلة والقلة والمهانة والسخط والخساسة والوسخ ما لم يحق بأمة من الأمم قط .
وليعلم أن هذه الكسى التي كساهم الله تعالى إياها أعدى من الجرب ، وأسرع تعلقاً من الجذام ، وبالله تعالى نعوذ من الخذلان ، ومن معارضة الله تعالى في حكمه بإرادة إعزاز من أذله الله تعالى ، ورفعة من حطه الله ، وأكرام من أهانه الله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
قال أبو محمد : قد أوردنا في هذا الكتاب من شنعهم أشياء تقشعر منها الجلود ، ولولا ان الله تعالى نص علينا من كفرهم ما نص كقوله تعالى عنهم : إنهم قالوا عزير ابن الله ، ويد الله مغلولة ، وأن الله فقير ونحن أغنياء ، لما استجزنا ذكر ما يقولون لشنعته وفظاعته .
ولكننا اقتدينا بكتاب الله عز وجل في بيان كفرهم ، والتحذير منهم .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه
كتاب الرد على ابن النغريلة
مقدمة المؤلف | الفصل الأول | الفصل الثاني | الفصل الثالث | الفصل الرابع | الفصل الخامس | الفصل السادس والفصل السابع | الفصل الثامن وفصل في قبائحهم 
------------------

طوق الحمامة (المخطوط)

طوق الحمامة (المخطوط)ويكي


تصنيف المحلي لابن حزم

تصنيف:محلى ابن حزم:المجلد الثاني اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث صفحات تصنيف «محلى ابن حزم:المجلد الثاني»  الصفحات 90 التالية مصنّفة بهذا ا...